10 – الصدمة

0 64

10 – الصدمة

Shock states

الصدمة هي حالة تُشكل خطرًا على الحياة في أعقاب انخفاض في تزويد الدم، وانخفاض كمية الأكسجين المتدفقة إلى الأنسجة بما يكفي لضمان عمليات الأيض (Metabolism).

بسببها يتأذى عمل جدران الخلايا، وتمتلئ بالسوائل، ويختل توازن تركيز الأملاح في داخلها، وإذا حصل ذلك واستمرت هذه الحالة دون علاج تموت الخلايا، ويختل عمل الأعضاء، وينشأ فشل مجموعي (Systemic) وقد يصل الأمر إلى حد موت المريض.

أنواع الصدمات

تنقسم حالات الصدمة إلى ثلاث مجموعات رئيسة، وهي الآتي:

  1. صدمة نقص حجم الدم (Hypovolemic shock).
  2. صدمة قلبية المنشأ (Cardiogenic shock).
  3. صدمة على خلفية توسع حجم الأوعية الدموية.

مراحل الصدمة

يُوجد ثلاثة مراحل مختلفة في حالة الصدمة، وتختلف بدرجة حدتها ومدى خطورتها، وهي كالآتي:

1. مرحلة ما قبل الصدمة

فقدان حتى 10% من حجم الدم مصحوبًا بنبض سريع وانخفاض طفيف في ضغط الدم.

في هذه المرحلة تكون الأجهزة الدفاعية في الجسم لا تزال قادرة على التعويض عن خسارة الحجم هذه.

2. مرحلة الصدمة

فقدان أكثر من 20% من حجم الدم، أو انخفاض ملحوظ في النتاج القلبي (Cardiac output) مصحوبًا بانهيار قدرة الأجهزة الدفاعية على التعويض، ثم ظهور أعراض الصدمة.

3. الصدمة غير القابلة للإصلاح (Irreversible)

استمرار حالة الصدمة من دون علاج يُسبب ضررًا شديدًا غير قابل للعكس في الخلايا والأنسجة، وفشلًا في وظائف الجسم، وموت المريض.

مستويات خطورة الصدمة الخارجية

حالات الصدمة التي تحدث نتيجة إصابة خارجية يتم تصنيفها إلى أربعة مستويات، طبقًا لخطورة فقدان حجم الدم:

  1. فقدان حتى 15%.
  2. فقدان بين 15% – 30%.
  3. فقدان بين 30% – 40%.
  4. فقدان أكثر من 40% من حجم الدم.

كلما ازداد فقدان حجم الدم ازدادت خطورة أعراض الصدمة والخطر المحدق بحياة المريض.

احتمال الموت بسبب الصدمة التلوث الحادة يتراوح بين 35% – 45%، أما احتمال الموت من جراء الصدمة القلبية فيتراوح بين 60% – 90%، واحتمال الموت بسبب صدمة نقص حجم الدم فيتعلق بالعامل المسبب للمرض ويتناسب تناسبًا طرديًا مع حدة الصدمة وسرعة وفعالية العلاج.

أعراض الصدمة

من أعراض الصدمة:

  • الضيق.
  • تشوش الوعي.
  • رطوبة وبرودة في الجلد.
  • انخفاض ضغط الدم.
  • نبض سريع.
  • انخفاض كميات التبول.
  • تراكم الأحماض في الدم وفي الخلايا وفشل في وظائف الجسم.

أسباب وعوامل خطر الصدمة

يمكن توضيح أسباب وعوامل التعرض للصدمة بما يأتي:

1. أسباب الصدمة

تختلف الأسباب باختلاف نوع الصدمة كالآتي:

1. أسباب صدمة نقص حجم الدم

تحدث على خلفية انخفاض حجم الدم بسبب نزيف حاد أو فقدان السوائل، مثل: الإسهال، أو القيء المتكررة، أو التعرق الزائد.

2. أسباب الصدمة قلبية المنشأ

تحدث نتيجة للعوامل الآتية:

  • ضعف في قدرة عضلة القلب على الانقباض، مثل: احتشاء عضلة القلب، والتهاب عضلة القلب، والتعرض للدغات أنواع معينة من الحيوانات.
  • اضطرابات في نظم القلب (Arhythmia) مثل: رجفان أذيني (Atrial fibrillation)، ورجفان بطيني (Ventricular fibrillation).
  • اضطرابات ميكانيكية (Mechanical Disorders)، مثل: أمراض صمامات القلب، وتمزق الشريان التاجي.
  • اضطراب انسدادي في تدفق الدم، مثل: احتشاء كبير في الرئتين، وفرط ضغط دم رئوي حاد.

3. صدمة على خلفية توسع حجم الأوعية الدموية

قد تحدث نتيجة حالة تلوثية حادة، أو حالة التهابية متفشية، أو ردة فعل مفرطة (Anaphylaxis)، أو تأثير أدوية موسعة للأوعية الدموية، أو إصابة وضرر في الدماغ أو في النخاع الشوكي (Medulla spinalis)، أو اضطرابات هرمونية مختلفة.

2. عوامل الخطر

من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالصدمة:

  • حالات التحسس الشديدة.
  • فقدان كمية دم كبيرة.
  • فشل عضلة القلب.
  • عدوى جرثومية في الدم.
  • التسمم.
  • الحروق.
  • الجفاف.

مضاعفات الصدمة

قد يُؤدي عدم علاج الصدمة إلى الآتي:

  • خلل في وظائف الجسم.
  • الموت.

تشخيص الصدمة

يتم تشخيص المريض سريريًا بالاعتماد على الأمور الآتية:

  • ضغط الدم.
  • نبضات القلب.
  • معدل التنفس.
  • إجراء فحص بول.

علاج الصدمة

معالجة حالات الصدمة يجب أن تتم بشكل فوري دون أي تأخير من أجل منع تفاقم الحالة وأضرارها.

الهدف من العلاج هو تحسين تدفق الدم وتزويد الأنسجة بالأكسجين، ويختلف العلاج باختلاف العامل المسبب الذي أدى إلى حصول الصدمة، ويشمل معالجة المسبب الأولي الأساسي الذي أدى إلى حصول الصدمة، وتحسين تزويد الأنسجة بالأكسجين، ومعالجة فشل أجهزة الجسم الناشئ عن الصدمة، فيما يأتي التفاصيل:

1. علاج حالة صدمة نقص حجم الدم

يجب الحرص على عدم بذل جهد جسماني قوي من أجل التقليل من فقدان السوائل، ويتم إجراء الآتي:

  • إدخال سوائل إلى داخل الوريد قطرة قطرة تبعًا لمستوى ضغط الدم والنبض.
  • العمل على وقف النزيف النشط بواسطة الضغط الموضعي على مكان الإصابة، أو وضع عاصبة شريانية (Arterial tourniquet).
  • إجراء عملية جراحية لوقف نزيف داخلي وتسريب كريات دم حمراء في حالة فقدان كمية كبيرة من الدم.

2. علاج حالة الصدمة القلبية المنشأ

يتم العلاج على النحو الآتي:

  • الخلود إلى الراحة.
  • الحصول على الأكسجين.
  • معالجة الاضطراب في نظم القلب.
  • تناول أدوية موسعة للأوعية الدموية في عضلة القلب والتي تُقلل من الضغط على القلب.
  • تزويد الجسم بمادة مذيبة للدم المتخثر الذي سبب الاحتشاء، وفتح الأوعية الدموية عن طريق إدخال أنبوب (Catheter).
  • إجراء عملية جراحية يتم فيها إصلاح خلل في الصمام.

3. علاج حالة الصدمة الناتجة عن توسع الأوعية الدموية

يجب تزويد الجسم بالسائل بواسطة التقطير بسرعة ودون أي تأخير، وإعطاء أدوية لتقليص الأوعية الدموية، وإعطاء مصل خاص مضاد لسمّ اللدغة.

4. علاج حالة صدمة التأق

يتم العلاج بالسوائل، الستيرويدات، والأدرينالين (Adrenaline).

5. تدخلات علاجية أخرى

من أهم العلاجات المستخدمة:

  • يتم إعطاء المضاد الحيوي الملائم، وإعطاء المريض السوائل والأدوية المقلصة للأوعية الدموية عندما يكون المسبب للصدمة تلوثًا جرثوميًا متفشيًا.
  • يجب إعطاء المريض ستيرويدات بجرعة ضئيلة إذا كان الالتهاب صعب.
  • يتم تزويد غالبية المرضى بالتنفس الصناعي بسبب القصور التنفسي (Respiratory insufficiency).
  • تستوجب حالات البعض منهم إجراء غسيل كلى (Hemodialysis).
  • يجب المعالجة بواسطة تزويد المريض بسائل البلازما الحي ومواد مساعدة على التخثر عند وجود مشكلات في تخثر الدم.
  • يجب استخدام المواد التي تمنع تكون القرحة في المعدة والاثني عشر والتي تحمي من حدوث نزيف في الجهاز الهضمي.
  • يجب إعطاء الإنسولين للمرضى ذوي الحالات الحادة مع الحرص على المحافظة على توازن مستوى السكر في الدم.

الوقاية من الصدمة

للوقاية من الصدمات يجب الحرص على الآتي:

  • أخذ جميع المطاعيم لتجنب التقاط العدوى.
  • تفادي الضربات والإصابات المختلفة.
  • شرب السوائل لمنع الجفاف.

أنواع الصدمات النفسية .. وأعراضها .. ومراحلها

أنواع الصدمات النفسية

الصدمات النفسية، هي أمور قد تصيب الكثير من الناس، لأسباب متعددة ومختلفة، وليست لسبب واحد، ولكن العامل المشترك بين كل ما يمكن أن يصيب الإنسان من صدمات هو كون الصدمات تنبع من مواقف قاسية شديدة، وليست هينة، وهي في الأغلب منها حزينة ومؤثرة، وبالأخص الصدمات النفسية في الصغر .

 ويتعرض بعض الأشخاص لصدمات نفسية بسبب التعرض للمواقف الصعبة الشديدة، القاسية والمحبطة، والتي تؤدي بالناس للحزن الشديد وعدم القدرة على تأدية النشاط اليومي، وبسبب ذلك تتنوع الصدمات، ولكن ما هي أنواع الصدمات، هذا ما سيتبين بقراءة الفقرات التالية.

  • الأحداث الغير متكررة

–الأحداث الغير متكررة وهي التي تسمى أيضاً أحداث المرة الواحدة، ومن أمثلتها، الحوادث بأنواعها، وينطبق على كلمة حادثة كل ما من شانه يمكن تصنيفه باعتباره كارثة، أو نوع من أنواع الكوارث، ومنها الحوادث الطبيعية، مثل الزلازل والبراكين، والحوادث الخطيرة.

وأيضاً ينطبق مفهوم الحوادث على موت عزيز أو قريب، أو الإصابة بأمراض خطيرة، أو الموت والفقد، أو التعرض لعنف جسدي أو جنسي، أو مشاهدة مشاهد صادمة.

–وهناك أيضاً أنواع أخرى من الأحداث الغير متكررة منها الجروح، والإصابات بالجسد، والإيذاء، أو عمليات البتر، أو فقد أجزاء من الجسد، وكل ما ينطبق عليه وصف الجروح.

–النوع الثالث من الصدمات الغير متكررة وهو الاعتداء، والاعتداء هنا يشمل الاعتداء الذي قد يحدث في أقسام الشرطة، والسجون، أو الاعتداء الذي يقع من شخص صاحب سلطة مستغلاً سلطته، مثل أصحاب النفوذ او الحكم، وكذلك اعتداء جنسي من صاحب سلطة أبوية، أو من ذي القربى، أو ضرب مبرح من الأبوين.

  • الأحداث المتكررة الباعثة على القلق

– إلى جانب النوع الأول من أنواع الصدمات النفسية هناك نوع آخر من الصدمات النفسية وهو الذي تعد فيه الأحداث متكررة، وباعثة على القلق، والتي يمكن تمثيلها، في وجود شخص بلطجي، أو سمعته خطر، ويسكن بالجوار، أو بنفس الشارع، مما يبعث على القلق الدائم.

– أو الإصابة بأمراض صعبة، والعلاج منها ليس يسير، واحتمالية عودة الإصابة بالمرض كبيرة، ومنها أمراض السرطانات، أو الأمراض الشديدة التي تترك أثر قوي على الجسد والنفسية.

– التعرض للتنمر، والأذى النفسي، كأن يكون الشخص يتميز عن غيره أو سائر الرفقة بشئ في اللون، مثل أصحاب البشرة السمراء، والبرتقالي، أو بسبب قصر القامة الشديد، أو الطول، أو النحافة الشديدة، أو السمنة، أو العيوب الخلقية، أو الإصابات والبتر للأطراف، أو قبح الوجه في بعض المجتمعات، أو حتى مهنة الأب والأم، وغيرها من أسباب التنمر.

– التعرض المستمر للعنف، بطريقة ليست مؤقتة أو عارضة، بحيث تعتبر منهج، أو طريق يسلكه الشخص القائم بالاعتداء بالضرب أو العنف.

–الإهمال في فترة الطفولة، مثل إهمال الطفل من والديه بسبب الانفصال، أو العمل أو الانشغال عنه، أو استبدال دور الأهل بالمربيات، أو وفاة أحد الوالدين دون تعويض الآخر للطفل عما فقد من رعاية واهتمام، وغيرها من الأمور التي تتسبب في الشعور بالإهمال، وعدم الاهتمام.

  • الأحداث التي ترسبت في الذاكرة

إلى جانب ما سبق فهناك أنواع أخرى من الصدمة النفسية والتي تعتمد على مواقف من الأذى المتكرر أي كان نوعه، مع التغاضي كل مرة عنه، ولكن يبقى أثره في النفسية مترتب على المدى البعيد، ومنها، الحروب، والكوارث، ومشاهدة مشاهد العنف والقتل، وإجراء العمليات، وغيرها من الاحداث التي قد لا تبدو كارثية في نظر العامة لكنها تترسب في نفس الشخص.

أعراض الصدمات النفسية

يتفاعل جميع الناس مع الصدمات النفسية بطرق مختلفة، ويعاني المتأثر بالصدمة من مجموعة واسعة من ردود الفعل الجسدية والعاطفية، وتظهر الأعراض مختلفة بحسب الفعل والصدمة وقوتها، وغيرها من التفاعلات التي تحدد قوة الفعل، ومن أعراض الصدمة النفسية ما يلي :

  • حدوث الصدمة الذي يؤدي إلى الإنكار أو الكفر.
  •  الارتباك مع صعوبة التركيز.
  •  الغضب والتهيج وتقلب المزاج، دون سبب قوي.
  •  القلق والخوف المتلازمين.
  •  الشعور بالذنب والعار ولوم الذات أحياناً.
  •  الانسحاب من الحياة الاجتماعية.
  •  الشعور بالحزن أو اليأس باستمرار.
  •  الشعور بالانفصال أو العزلة.

 الأعراض الجسدية للصدمة

  •  وجود الأرق أو الكوابيس.
  • الشعور بالتعب.
  •  الرجفة بسهولة.
  •  الصعوبة في التركيز.
  •  التسارع في ضربات القلب.
  •  الغثيان والانفعال.
  •  الأوجاع والآلام بدون مرض عضوي.
  •  الشد العضلي. 

مراحل الصدمات النفسية 

تعتبر مراحل الصدمة النفسية خمسة مراحل يمر بها الشخص الذي يصاب بالصدمة ويمكن تفصيلها على النحو التالي:

  • مرحلة التأثير أو الطوارئ

هذه هي المرحلة التي تلي الحدث المصاب بالصدمة مباشرة، عندما يكافح الفرد للتعامل مع ما شاهده أو ما حدث له.

  • مرحلة الإنكار أو الذهول

 لا يمر كل من يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة بمرحلة الإنكار أو الذهول في هذه المرحلة، سيبذل الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة قصارى جهدهم لحماية أو تخدير أنفسهم من خلال إنكار وقوع الحدث.

  •  مرحلة الإنقاذ

وتشمل بما في ذلك مرحلة التدخل في مرحلة الإنقاذ، يبدأ الفرد المصاب في التأقلم مع ما حدث له، يمكن أن تشمل هذه المرحلة العودة مثال ذلك العودة إلى المنزل بعد حريق غابات أو كارثة طبيعية، في محاولة الاعتراف بما حدث، ولكنه يشمل أيضًا الاستمرار في التعامل مع الصدمة والضيق الأوليين.

  •  فترة نقاهة قصيرة أو مرحلة متوسطة

 خلال هذه المرحلة، يبدأ الفرد المصاب باضطراب ما بعد الصدمة في الدخول في مرحلة التعافي، ويبدأ في التكيف مع العودة إلى الحياة “الطبيعية”، بعد تلبية احتياجاته الأساسية من حيث السلامة، في هذه المرحلة، يمكن أن يشعر الناس بالهدوء من خلال الحب والدعم لهم، أو على عكس من ذلك، يشعرون بخيبة الأمل بسبب نقص الرعاية والاهتمام الذي يظهره الآخرون لهم.

  •  مرحلة إعادة الإعمار أو التعافي على المدى الطويل

 عندما يبدأ الشخص المصاب باضطراب ما بعد الصدمة في العمل من خلال برنامج للشفاء وتنفيذه، يكون قد دخل المرحلة الخامسة لإعادة التأهيل  يُعرف هذا أيضًا بمرحلة الدمج.

مراحل التعافي من الصدمات النفسية 

يبدأ التعافي من الصدمة بتقييم واستقرار الحالة الجسدية والعقلية من قبل خبراء في مركز صدمات مؤهل في مراكز صحية نفسية معتمدة، أو من خلال طبيب نفسي ذو خبرة كبيرة ودراية وفيما يلي  مراحل التعافي من الصدمات النفسية:

  • المرحلة الأولى

الأمان والاستقرار سوف يناقش الطبيب مع الشخص الذي عانى الصدمة النفسية، الشكل الذي ستبدو عليه احتياجاته المستمرة بعد خروجه من المستشفى.

أو بعد انتهاء جلسات العلاج، سيكون لدى المصاب أيضًا استشارة صيدلانية لمعرفة كيف تساهم الأدوية الموصوفة أو المستلزمات أو المعدات الطبية في شفائه، وذلك لضمان بقاء عملية التعافي على المسار الصحيح، من المهم اتباع أوامر الطبيب بجدية حتى الوصول لمرحلة الشفاء.

وأهم ما في هذه المرحلة أنه سيبدأ التعافي النفسي بمجرد أن يدرك الدماغ أن الأماكن والأشياء والأشخاص والبيئات التي تثير النفس ليست مخاطر حقيقية ولا تضمن نفس الاستجابة السابقة، فقد اختلف تعاطي المصاب مع الموقف.

 يمكن لطبيب الصحة العقلية مساعدة المصاب في التنقل في هذه المرحلة الأولى من التعافي من الصدمات، عن طريق تعليم المصاب كيفية التعامل مع المشاعر القوية وتنظيم المشاعر وإدارة المخاوف.

كما أنه أيضًا سوف يقدم للمصاب أدوات لتقليل إغراء اللجوء إلى السلوكيات المحفوفة بالمخاطر، مثل تعاطي المخدرات والكحول، والأهم من ذلك، أنه سوف يعلم المصاب كيفية إعادة الاستقرار والهدوء عند مواجهة المحفزات، أو الذكريات.

  •  المرحلة الثانية

هي مرحلة التذكر والحزن بمجرد أن يستعيد المصاب إحساسه بالأمان والاستقرار بعد الحدث الصادمة، سوف يشجع اختصاصي الصحة العقلية على معالجة الصدمة التي تعرض لها الشخص والإقرار بما فقده، مع اعتبار أن هذا لا يعني إعادة إحياء الحدث، ولكن استكشافه ودمجه (بدلاً من الانفصال عنه) في بيئة آمنة.

  •  المرحلة الثالثة

استعادة العلاقات، في هذه المرحلة الأخيرة من التعافي وهي التي تتعلق بالتمكين، قد يقلق المصاب من أنه لن يكون أبدًا كما كان قبل الحادث الصادمة.

لكن الصدمة التي تحملها لا تحتاج إلى تحديد هويته، هو الآن ليس كما كان نفس الشخص السابق قبل الصدمة، ولكنه أيضاً أفضل من وقت الصدمة، هو الآن يعرف نفسه، ويمكن أن يعود للانخراط بالتدريج في المجتمع.

الصدمات النفسية: الأعراض وطرق العلاج

تتعدد أشكال الصدمات النفسية والعاطفية ما بين خسارة شخص عزيز أو التعرُّض لحادث أليم أو محاولة اعتداء أو حتى الإصابة بمرض خطير، ورغم اختلاف أسباب الصدمات النفسية وتداعياتها من شخص لآخر، إلا أن الطب النفسي أثبت إمكانية علاج الصدمة النفسيه عند الخضوع لبرنامج مُعد خصيصاً لتلك الحالات.

ما أعراض الصدمة النفسية وما أفضل طريقة للتعامل معها من قبل الشخص أو من حوله؟ و متى لابد أن تسعى لطلب الاستشارة النفسية من المتخصصين؟ كل تلك الأسئلة نجيب عنها خلال المقال التالي.

ما أعراض الصدمات النفسية؟ ومتى تحتاج اللجوء لطبيب نفسي مختص؟ 

تختلف درجة حدة الصدمات النفسية وردود أفعالنا تجاهها، إلا أن العامل المشترك ما بينها عادةً ما يتمثل في القلق، التوتر، الخوف، قلة النوم، قلة التركيز، استرجاع أحداث وذكريات مؤلمة، عدم الرغبة في إتمام أعمال او نشاطات جديدة.

إلا أنه في النهاية تعد كل تلك الأعراض طبيعية ويمكن التغلب عليها بمرور الوقت وببعض الدعم النفسي، ولكن في حالة مرور شهور على الشعور بتلك الأعراض هذا يعد مؤشراً واضحاً على كِبر حجم المعاناة واحتياجك لطبيب نفسي متخصص قبل أن يتفاقم الأمر أكثر من ذلك إن واجهت أي من تلك الأعراض:

  • المعاناة من الخوف الشديد أو القلق الشديد أو الاكتئاب بشكل مستمر.
  • وجود هواجس مستمرة وعدم القدرة على التأقلم أو العيش في منزلك أو مكان عملك.
  • المعاناة من ذكريات مرعبة أو كوابيس أو ذكريات مر عليها فترة طويلة.
  • العزلة والانفصال عن الآخرين عاطفياً، حتى من هم غير متداخلين مع الأزمة الأصلية.
  • الاضطرار لتناول المشروبات الكحولية أو المخدرات للشعور بالتحسن.

كيف يتعافى الشخص من الصدمات النفسية؟

تستمر أعراض الصدمات النفسية والعاطفية ما بين عدة أيام إلى بضعة أشهر في بعض الأحيان، وتقل آثارها تدريجياً بمرور الوقت ومع التأقلم مع الحدث المسبب لها وإن كانت تخلّف وراءها عادةً بعض الذكريات أو مشاعر مؤلمة خصوصا اذا تعرضت لشيء أو محفز يذكرك بها كمكان الصدمة أو الشخص المتسبب فيها.

يجب الإشارة كذلك إلى أن هناك درجة ما من المعاناة يطلق عليها اضطراب ما بعد الصدمة  (PTSD)، فخلالها يتوقف جهازك العصبي عن التعامل بشكل طبيعي مع مجريات الأمور ويبقى في حالة صدمة نفسية دون القدرة على استيعاب ما حدث أو التعامل مع مشاعرك تجاهه.

خطوات تساعدك في تخطي الصدمات النفسية والعاطفية

من أجل التأقلم مع تبعات الصدمات النفسية والعاطفية بشكل أسرع عليك باتباع بعض النصائح لتساعدك على ذلك، أهمها:

1- تجنّب العزلة

كلما كنت تعاني من الوحدة والفراغ، كلما كان هذا مدخلاً للذكريات والآلام كي تتكالب عليك، بل الأفضل أن تكن دائماً محاطاً بمهام عمل أو لقاءات الأصدقاء والأقارب، كي لا تسقط فريسة للوحدة وتشعر أسرع بالأمان والسكينة.

تمنح المساندة من قبل الأصدقاء والأحباء دعماً نفسياً لا يستهان به، كما أنها تحمي من الشعور بالوحدة وما يتبعه من تأثيرات سلبية، علاوة على أنها تعطي إحساساً بالأمان، الذي بدوره يخفف من وقع الصدمة.

2- لا تتردد في طلب الدعم

لا يوجد مشكلة في أن تطلب المساندة من أصدقاء أو أقارب أو طبيب متخصص لتعبر له عن مشاعرك ومخاوفك بعد الصدمة أو الحادث، ولكن يجب أن يكون الدعم هذا من شخص تثق به، لينصت لك بتركيز بدون أن يحكم على ردود أفعالك أو يظهر تعاطف كاذب.

3- الإقرار بالمشاعر

لا مهرب من الموقف الذي تعرضت له وسبب لك صدمة، لذا لا يوجد أدنى مشكلة في التحدث عن ما يقلقك أو يشغل تفكيرك، حيث أن الإقرار بالمشاعر السلبية يعد الخطوة الأولى في علاج الصدمة العاطفية، بعكس ما يعتقد البعض بأن تجاهل هذه المشاعر سيؤدي إلى نسيانها، بل على العكس هذا التجاهل وتعمد عدم الحديث عنها يؤدي إلى دفنها مؤقتاً وليس الخلاص منها. لكن هذا لا يعني أن الحديث عن الأزمة أمر إلزامي لابد أن يحدث بشكل مستمر، فإن شعرت أنك تميل إلى الصمت لفترة من الوقت لا مشكلة في ذلك.

4- تمسًك بالأمل

يجب أن تتمسك بالأمل في تخطي المحنة وتجاوز الصدمة النفسية أياً كانت شدتها، بل يجب أن تدرب درب نفسك على توقع الأفضل وعودة الحياة لصورة أفضل مما كانت عليه، وتذكر عدد المحن التي سبق ومريت بها أو مر بها من حولك ورغم ذلك استطاعوا تخطيها.

تقنيات علاج الصدمة النفسية بعد الحادث

في حالة الإصابة بتداعيات الصدمة النفسية بعد الحادث أو كما يطلق عليه المتخصصون “اضطراب ما بعد الصدمة” يفضل الاستعانة فوراً بإحدى المراكز المتخصصة في العلاج النفسي والتي تكون الأنسب في توفير برنامج علاجي لهذا النوع من الصدمات النفسية، حيث تنقسم تقنيات علاج اضطراب ما بعد الصدمة إلى:

  • العلاج السلوكي المعرفي

يتم خلال تلك مرحلة العلاج السلوكي المعرفي مواجهة المريض بالحادث الذي تعرض له أو شهده مع منحه فرصة كاملة لتعبير عن كل مشاعره تجاهه، حيث أن تلك المواجهة تساعد عادةً على إزالة الحساسية للصدمة وتقليل الأعراض الناجمة عنها.

  • العلاج النفسي

يعد العلاج النفسي أهم مراحل علاج الصدمة النفسية بعد الحادث حيث يكون هو الجزء الأهم في مساعدة المريض على اجتياز أعراض الصدمة وعلاج القلق، كما يقوم الطبيب المختص خلال تلك المرحلة بتحديد محفزات الأعراض وبالتالي مواجهة الشخص لمخاوفه والتغلب عليها تدريجياً.

هل يوجد علاقة بين الصدمة و التحرش الجنسي

  • العلاجات الدوائية

تساعد بعض العلاجات الدوائية المريض في منحه الاسترخاء ومساعدته على النوم وربما تكون جدواها الأهم خلال أول فترة ما بعد الصدمة النفسية، ومنها مضادات الاكتئاب، الأدوية المضادة للقلق وإن كانت تقنيات العلاج الأخرى والتي تدوم لفترة أطول هي المجدية في تلك الحالة أكثر من العلاجات الدوائية.

تعرف على أهم أنواع الصدمات النفسية

فلنتعرف في ما يأتي على أنواع الصدمات النفسية بشكل مفصل:

أنواع الصدمات النفسية

عادةً ما تصيب الصدمات النفسية الأشخاص جراء تعرضهم لموقف صادم وغير متوقع، وتختلف أنواع الصدمات النفسية باختلاف الموقف أو الحالات المحفزة لها.

تعدّ المعرفة المسبقة بأنواع الصدمات النفسية مفيدة جدًا لتفادي صدمات مشابهة في المستقبل، في ما يأتي بعض الحالات والمواقف التي تساهم في حدوث الصدمات النفسية: 

  • حوادث السيارات. 
  • الانفصال عن الشريك.
  • تعرض أحد الأطفال إلى حادث.
  • التعرض للخوف الشديد، مثل: ركوب الطائرة، والمرور بمطبات هوائية حادة.
  • مشاهدة بعض المشاهد المخيفة.
  • سماع بعض القصص المخيفة، مثل: غرق أحد الأطفال.
  • سماع القصص الحزينة، مثل: انفصال أحد الآباء عن أطفالهم. 
  • الإيقاف من قبل الشرطة. 
  • الذهاب إلى طبيب الأسنان.

بناءً على المؤثرات السابقة تختلف أنواع الصدمات النفسية تجاه هذه المحفزات بحسب ردة فعل الإنسان وقربه من الحدث.

على سبيل المثال تزداد حدة أعراض الصدمات النفسية عند معرفة أن الطفل المتوفي هو أحد أبناء أقرب الأصدقاء عند مقارنته بالحدث الذي يشمل وفاة طفل شخص غريب أو بعيد.

من الجدير بالذكر بأن بعض الأحداث قد لا تؤثر على الإنسان لتشكل له صدمة نفسية عميقة، لكن قد تثير لديه شعور قوي بالخوف والذعر، كما يُصاب بعض الأشخاص بالذعر بمجرد القراءة عن القلق والصدمات النفسية، فلا تستغرب إن كانت قراءة هذا المقال تسبّب لك الخوف والتوتر.

أنواع الصدمات النفسية وتكرارها

يصيب الإنسان بالشعور بالذعر والخوف الشديد بدون إصابته بأي أعراض فيزيائية جراء حدوث بعض الوقائع، إذ يعد تزامن هذه الوقائع مهم جدًا.

في ما يأتي أهم أنواع الصدمات النفسية والمقسمة على حسب تكرار ووقوع هذه الظروف في حياة الإنسان:

  • أحداث المرة الواحدة

هي الأحداث التي تحدث لمرة واحدة فقط، مثل:

  1. الحوادث.
  2. الجروح.
  3. الاعتداء.

هذا النوع من الصدمات يؤثر بشكل كبير خصوصًا عند عدم توقع هذه الأحداث أو وقوعها أثناء الطفولة.

  • الأحداث المقلقة المستمرة

الأحداث المقلقة والمستمرة من أنواع الصدمات النفسية التي تؤثر على شخصية الفرد بشكل كبير، وبعض الامثلة عليها تمثلت في الآتي:

  1. العيش بجانب جار غير سوي وله أسبقيات إجرامية.
  2. محاربة أحد الأمراض الصعبة.
  3. التعرض للتنمر باستمرار. 
  4. التعرض للعنف.
  5. الإهمال أثناء الطفولة.
  • المواقف التي تم التغاضي عنها

أحد أنواع الصدمات النفسية هي المواقف التي تم التغاضي عنها في وقتها، لكنها في وقت لاحق تؤثر على الحالة النفسية في حال تم تذكرها، وبعض الأمثلة على هذه المواقف الآتي:

  1. إجراء العمليات الجراحية خصوصًا في الثلاثة أعوام الأولى من الحياة.
  2. وفاة شخص قريب بشكل مفاجئ.
  3. الانفصال وقطع العلاقات بأشخاص مهمّين خصوصًا عند تصرف الشخص بشكل قاسٍ.
  4. المشاهدة والاطلاع على أخبار الحروب، أو تحطم الطائرات أثناء قراءة الأخبار في مواقع التواصل الاجتماعي، فذلك يؤثر على الجهاز العصبي للإنسان بعض الشيء

لكن أيًا كان المسبب وأيًا كان وقت وقوع الصدمة فإن علاجها ممكن بمجرد عمل خطة لتغيير الحياة والمضي قُدمًا.

الصدمات النفسية أثناء الطفولة وتأثيرها على المستقبل

من الممكن أن تصيب أنواع الصدمات النفسية أي شخص، لكن يعد الأشخاص ممّن تعرضوا لصدمات نفسية سابقة خصوصًا في فترات الطفولة أكثر عرضة للإصابة بالصدمات النفسية في المستقبل.

في ما يأتي بعض أنواع الصدمات النفسية التي تصيب الأطفال والتي يكون لها بعض التّبعات والآثار مستقبلًا:

  • العيش في بيئة غير آمنة وغير مستقرة.
  • انفصال الطفل عن أبويه أو أحدهما.
  • الإصابة بمرض شديد.
  • الخضوع للعمليات الجراحية.
  • التعرض للاعتداء الجنسي، أو الجسدي، أو اللفظي.
  • العنف الأسري.
  • الإهمال.

قد تؤدي إصابة الأطفال بأحد الأحداث السابقة إلى صدمة نفسية قد يمتد أثرها طويلًا خصوصًا عند إهمالها ممّا يولد شعور بفقد الأمل والخوف المستمرين. 

حتى وإن كانت الصدمة النفسية قد حدثت في وقت سابق فيوجد بعض الخطوات والعلاجات التي يمكن اتّباعها للتخلص من أثر هذه الصدمات، حيث يجب التواصل مع الآخرين، وصنع التوازن النفسي من جديد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

العربيةChichewaEnglishEsperantoFrançaisEspañolTürkçe