16- حديث الرسول عن القطط

243

16- حديث الرسول عن القطط

حديث الرسول عن القطط

فقد ورد عن سنن أبي داود وغيره أن امرأة أرسلت بِهَرِيسَةٍ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَوَجَدَتْهَا تُصَلِّي فَأَشَارَتْ إِلَيَّ أَنْ ضَعِيهَا فَجَاءَتْ هِرَّةٌ فَأَكَلَتْ مِنْهَا فَلَمَّا انْصَرَفَتْ أَكَلَتْ مِنْ حَيْثُ أَكَلَتْ الْهِرَّةُ فَقَالَتْ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : “إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّمَا هِيَ مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ بِفَضْلِهَا “، وإن شرح هذا الحديث يتجلى في أن هناك امرأة قد أرسلتها مولاتها بهدية إلى السيدة عائشة رضي الله عنها، وكانت الهدية هي طعام يسمى هريسة وهو طعام يتألف من اللحم والخبز، فوجدت السيدة عائشة وهي تصلي، فأشارت السيدة عائشة للمرأة أن تضعها جانباً،

ولكن فجأة جاءت هرة وأكلت من الطبق، ولكن السيدة عائشة قد أكلت من الطبق نفسه الذي أكلت منه الهرة، وكان سبب تصرفها قول الرسول عليه الصلاة والسلام أن القطة ليست بنجس فهي من الطوافين أي مثل الخدم في البيت وتكون متلازمة مع أهل البيت دائماً، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضِلها.

صحة حديث القطط من متاع البيت

لقد ورد في السنة النبوية الشريفة العديد من الأحاديث عن القطط ،، وأما الحديث الذي أورده ابن حجر العسقلاني عن أنس ابن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “يا أَنَسُ إِنَّ الهِرَّ من مَتَاعِ البيتِ لَنْ يَقْذَرَ شيئًا ولَنْ يُنَجِّسَهُ”، وهنا نجد أن صحة حديث القطط من متاع البيت ففي إسناده ضعف ولكن المعنى نفسه قد ورد في الأحاديث الأخرى المذكورة عن القطط والتي سنتطرق إليها في هذا المقال، ولكن شرح هذا الحديث عن القطط كالتالي:

  • فقد قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام أن القطة ليست بنجس.
  • فيؤكد هذا الحديث طهارة القطة بالإضافة إلى طهارة المكان الذي تأكل منه.
  • وإن هذا قول الإمام مالك والشافعي وأحمد بن حنبل بالإضافة إلى أبو يوسف، بينما أبو حنيفة فقد قال أن القطة طاهرة ولكنها مكروهة.

لماذا سميت القطط بالطوافات

إن القطط هي من الحيوانات المقربة إلى الإنسان كثيراً، لهذا نجد كم تُربى في البيوت فهي تحظى بالكثير من الاهتمام، وتعتبر القطط من الحيوانات الأليفة المحببة ولكن السؤال المطروح هنا لماذا سميت القطط بالطوافات؟، وللإجابة على هذا السؤال سنتطرق إلى السنة النبوية الشريفة وفي الحديث الشريف عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الهرة: “إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوَّافين عليكم والطوافات”، أخرجه الأربعة وصححه الترمذي وابن خزيمة، وإن سبب هذا الحديث كالتالي:

  • فقد روى الخمسة عن كبشة بنت كعب بن مالك، وكانت تحت ابن أبي قتادة، فدخل عليها، فسكبت له وضوء، ولكن في هذه الأثناء جاءت قطة لتشرب من الماء ، فقرب لها الإناء وشربت منه، قالت كبشة: فرآني أنظُرُ، فقال: أتعجبين يأبنه أخي؟ فقلت: نعم، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنها ليست بنجسٍ، إنها من الطوَّافينَ عليكم”.
  • وهنا نجد أن رسولنا الكريم قد ذكر لفظ الطوافات لأن الهرة هي كثيرة التلامس مع أهل البيت واتصالها بهم لهذا خفف الله تعالى على عباده وقد جعل الهرة غير نجسة، فلا يتنجس أي شيء تلامسه، وإن النجاسة لا تكون بفمها فمن الممكن أن تكون نجاسة ظاهرة، وينجس الماء الذي تشرب منه بهذه النجاسة لا بفمها.
  • وإن قول “الطوافين عليكم” فيتجلى معناه بأن رسولنا الكريم يشبه القطة بالخدم الذين يقومون بخدمة المخدوم، فالقطة تكون مع الناس في بيوتهم وعند أمتعتهم ولا يستطيعوا أن يتحرزوا منها.

دلالات هذا الحديث الشريف:

  • أن لعاب وفم القطة طاهر.
  • وسؤرها طاهر أيضاً.
  • حثنا هذا الحديث الشريف على الرفق بالحيوان وخاصة الهرة.

حكم تربية القطط

إن حكم تربية القطط جائز حيث أن الإنسان شرعاً يستطيع أن يمتلك قطة، فهي مثل أخذ الحطب من الصحراء أو الحصول على الخشب من الغابات، وهكذا أخذ القطط حيث أنه يُملك المباح بأن يضع يده وأن يستولي فعلياً على القطة مالم تكن ملك لأحد، ولكن بشرط أن يعتني الإنسان بها وأن لا يعذبها ويطعمها، إلا في حالة المرض أو إذا تسببت بأمراض أو مشاكل لصاحب البيت لأنه لا ضرر ولا ضرار، ولهذا من لا يتضرر بوجودها فيستطيع أن يبقيها، ولكن الإنسان الذي لا يستطيع إطعامها فعليه أن يتركها حتى تأكل من خشاش الأرض.

هل القطط نجسة

عندما تشرب القطة من الماء أو تأكل من صحن طعامها لا تسبب في نجاسته حيث أن لعاب وفم القطة ليست بنجس، فالقطة لا تنجس الإناء الذي تأكل أو تشرب منه، ولهذا فإذا طاب صاحب القطة أن يأكل ويشرب من هذا الإناء نفسه فلا ضرر، ولكن إن لم تطب نفسه بأن يأكل أو يشرب منه تركه، ولكن يجب الانتباه إلى بعض التصرفات التي نشهدها في يومنا هذا التي تتجلى في المبالغة في تزيين القطة والإنفاق عليها ببذخ، وإن هذه التصرفات ليست سوى ضعف العقل ورقة الدين.

حديث أبي هريرة عن القطط

لقد ذكر في السنة النبوية حديث أبي هريرة عن القطط، حيث أنه تطرق هذا الحديث إلى التحذير من أذية القطة، وتجلى هذا في حديث طويل عن صلاة الخسوف، والحديث الشريف هو  عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “… دخَلتِ امرأةٌ النَّارَ في هِرَّةٍ ربَطَتْها فلا هي أطعَمَتْها ولا هي أرسَلَتْها تأكُلُ مِن خَشاشِ الأرضِ حتَّى ماتت”، صحيح ابن حبان، وهنا شرح هذا الحديث الشريف يكون كالتالي:

  • إن هذا الحديث يروي لنا فيه نبينا الكريم قصة امرأة كانت تعذب في نار جهنم .
  • مع أنها كانت تصلي، ولكن سبب عذابها في نار جهنم هو حبس قطة ولأنها قامت بربطها حتى ماتت جوعاً.
  • فهذه المرأة لم تطعمها ولم تسقيها، ولم تتركها حتى تأكل من رزق الله من الحشرات والفئران، بل حبستها وربطتها حتى ماتت.
  • فيشير هذا الحديث إلى عذاب الآخرة وعقوبة من يعذب الحيوانات في الدنيا حيث أن عاقبته نار جهنم في الآخرة.

آية قرآنية عن القطط

إن المفهوم الإسلام للرفق بالحيوان هو التصور المتوازن الذي يجمع ما بين منفعة الإنسان وبين الرحمة والأفة، حيث أن القرآن الكريم قد بين في آياته مكانة الحيوان ولكن لم ترد آية عن القطط بشكل مباشر، فكل الآيات المذكورة قد تطرقت إلى الحيوانات بدون تخصيص، ومن هذه الآيات:

  • وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (7)وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ.
  • وقال تعالى في سورة النحل:  أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ۙ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ.

شرح حديث العلم ثلاثة

شرح إنما العلم ثلاثة : آية محكمة

إن شرح الحديث الشريف الذي ورد في السنة النبوية الشريفة، حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح أخبرنا ابن وهب حدثني عبد الرحمن بن زياد عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (العلم ثلاثة، وما سوى ذلك فهو فضل: آية محكمة، أو سنة قائمة، أو فريضة عادل)، فمعنى قوله عليه الصلاة والسلام “فهو فضل” : أي زائد لا ضرورة إلى معرفته، والمراد من الحديث الشريف هو بيان أن أصول العلوم الدينية ومسائل الشرع ترجع إلى ثلاثة أمور، وغير ذلك هو فضل زائد لا ضرورة فيه، وإن الملا علي القاري قد شرح هذه الحديث الشريف كالتالي:

  • معنى “العلم” : أي الذي هو أصل علوم الدين وإن اللام قد أدرجت لبيان العهد الذهني.
  • معنى كلمة “ثلاثة” أي أنه يجب معرفة ثلاثة أشياء.
  • أما المقصود بــ “آية محكمة” أي غير منسوخة، وتعني أنه لا تحتمل إلا تأويلاً واحداً فقط.
  • أو سنة قائمة أي ثابتة تكون صحيحة وهي منقولة عن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام ومعمول بها.

  • والمعنى بأنها فريضة عادلة أي مستقيمة، وقد قيل أن المقصود بها أنها الحكم المستنبط من الكتاب والسنة بالقياس، لمعادلته الحكم المنصوص فيهما، بالإضافة إلى مساواته لهما في وجوب العمل، ويُقال الفريضة العادلة أنها هي المتفق عليها من قِبل المسلمون، وهو إشارة إلى الحكم الثابت بالإجماع، وقد قيل أنه المراد هنا بعلم الفرائض، وإن أدلة الشرع أربعة تتجلى في الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وإن الإجماع والقياس يسميان بالفريضة العادلة.

وقد قيل أيضاً في معنى هذا الحديث أن معناه يتجلى في أن العلم النافع يكون في أمور ثلاثة وهي:

  • آية محكمة والمقصود بها تعلم ما أنزله الله سبحانه وتعالى في كتابه من الشرائع والعقائد.
  • السنة القائمة والمقصود بها هو تعلم الشرع الإسلامي الذي أرسله الله سبحانه وتعالى على لسان الرسول عليه الصلاة والسلام، وما فيه من آداب وأحكام.
  • الفريضة العادلة والمقصود بتعلم الفرائض التي أرسلها الله سبحانه وتعالى وقدرها في باب المواريث.

صحة حديث العلم ثلاثة

إن الحديث النبوي الشريف الذي رواه ابن داوو وابن ماجة والحاكم عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العلم ثلاثة وما سوى ذلك فضل: آية محكمة أو سنة قائمة أو فريضة عادلة، وإن هذا الحديث ضعيف كما نص على ذلك الألباني في ضعيف الجامع الصغير، وإن الآية المحكمة هي ليست منسوخة، وإن السنة القائمة هي السنة الثابتة الصحيحة المنقولة عن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، وإن الفريضة العادلة كل حكم من الأحكام يتجلى العدل بها، وقيل: ” كل ما يجب العمل به، فهذه إشارة إلى الإجماع والقياس، كما ذكره صاحب عون المعبود شرح سنن أبي داود.

وهذا الحديث رواه الإمام أبو داود في سننه، وابن ماجه من طريق عَبْد الرَّحْمَنِ بْن زِيَاد ابْنِ أَنْعُمٍ الْإِفْرِيقِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ التَّنُوخِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وإنه حديث ضعيف كما أسلفنا سابقاً ولا يصح أن يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أن يُنسب إليه لأن فيه راويان صعيفان،

قال المنذري: ” وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ الْإِفْرِيقِيِّ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَفِيهِ أَيْضًا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَافِعٍ التَّنُوخِيُّ، وَقَدْ غمزه البخاري وابن أَبِي حَاتِمٍ “. انتهى، نقلا عن “عون المعبود”، وقد ضعَّف الحديث عدة أئمة منهم سفيان الثوري والضياء المقدسي، بالإضافة إلى ابن القطان وابن كثير الذهبي وابن رجب وابن الملقن، وأيضاً ممن ضعَّفه الحافظ ابن حجر العسقلاني وتابعهم على ذلك الشيخ الألباني.

أحاديث عن الفرائض نصف العلم

إن جمع الفريضة هي الفرائض والمراد بها هي الأمور التي فرضها الله عز وجل و أنزلها في الكتاب المبين وفي سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، وإن أصل الفرائض هو من الفرض ويقصد به القطع، وكذلك هو من التقدير، وإن الفرائض هي إعطاء كل من الورثة قطعة قدرت من الشارع وهو أيضاً تقدير، لأن كل واحد قد قدر له نصيباً من الميراث، وإن أبو داود قد أورد في باب تعليم الفرائض أنه يجب أن يتم تعليم الفرائض وهي علم المواريث ويكمن السبب بأنه هو لحاجة الناس إلى ذلك، ولهذا اعتبرت بأنها هي نصف العلم لحاجة الناس إليها وقد وردت بعض الأحاديث النبوية التي حثت على تعلم الفرائض ومنها:

  • فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “تعلَّمُوا الفرائِضَ ، والقرآنَ ، وعلِّمُوا الناسَ ، فإنِّي مَقبوضٌ“، وقد رواه أبو هريرة، والمحدث الألباني ولكن خلاصة حكم المحدث ضعيف.
  • وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “تعلَّمُوا الفرائِضَ ، وعلِّموهَ للناسِ ، فإنَّهُ نِصفُ العِلمِ ، وهوَ أوَّلُ شيءٍ يُنزَعُ من أُمَّتِي“، والراوي أبو هريرة، ولكنه حديث ضعيف جداً.
  • وقال عليه الصلاة والسلام: “تعلَّموا الفرائضَ ، فإنَّها من دينِكم ، وإنه نصفُ العلمِ ، وإنه أولُ ما يُنزَعُ من أمَّتي”، وقد روى هذا الحديث أبو هريرة، ولكن خلاصة حكم المحدث ضعيف.
  • وقد قال: “يا أبا هُرَيْرةَ تعلَّموا الفرائضَ وعلِّموها فإنَّهُ نصفُ العلمِ ، وَهوَ يُنسَى وَهوَ أوَّلُ شيءٍ يُنزَعُ من أمَّتي”، ورواه أبو هريرة وخلاصة حكم المحدث ضعيف.

لماذا الفرائض نصف العلم

إن علم الفرائض هو من العلوم الشرعية، وقد حثنا نبينا على تعلمه وإن من أهم الخصائص التي يتميز بها علم الفرائض هي :

  • فهو يعدل نصف العلم من حيث الثواب، فالله عز وجل يعطي ثواباً عظيماً للمسلم الذي يتعلم علم الفرائض، فإن أجره يعدل أجور سائر العلوم الأخرى، أي أن العلوم كلها تأخذ نصف الثواب والأجر والنصف الآخر يتجلى في علم الفرائض.
  • إن علم الفرائض يمثل نصف العلم لأنه يبتلى به كل الناس، حيث أن الناس سيموتون وسيحتاجون إلى علم الفرائض، فالناس تحتاجه بينما هناك بعض العلوم التي لا يحتاجها الكثير من الناس.
  • إن علمي الفرائض يكون مبيناً على النصوص حيث أنه لا يتخلله الاجتهاد أبداً، فالأدلة التي يتم أخذ الأحكام منها تكون على قسمين اثنين وهما النصوص والقياس أما الإجماع فهو دليل يكون مبني على نص في الأصل، بينما القياس فهو اجتهاد يقوم على نص معين، أما علم الفرائض هو من العلوم التي تبنى على النصوص.

شرح حديث ليس المؤمن بالطعان

معنى حديث ليس المؤمن بالطعان

ورد في السنة النبوية الشريفة حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو مروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وهو صحابي جليل، فيقول عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء “، وهو من الأحاديث الصحيحة السند و يتجلى معنى وشرح هذا الحديث كالتالي:

  • ليس المؤمن بالطعان، وإن كلمة الطعان هي صيغة مبالغة من الطعن أو الذي يطعن في الناس بغير حق، وإن هذه الخصلة من الخصال القبيحة التي من الممكن أن يتصف بها المؤمن، بالإضافة إلى أنها أفحش الأخلاق التي تذم المسلم وهي صفة تُدخل صاحبها إلى النار.
  • وإن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام قال في الحديث الصحيح: “لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر” وهو حديث طويل حيث أن سأل الصحابة النبي محمد عليه الصلاة والسلام أن هناك من يحب أن ترى عليه ثياب حسنة، وهناك رجل آخر يحب أن تظهر عليه نعال حسنة والثالث ثوب يعين قماش حسن، فسألوه هل هذا من الكبر ، فكان جوابه عليه الصلاة والسلام: “لا، إن الله جميل يحب الجمال”، فسألوه ما الكبر إذا، قال: “الكبر بطر الحق وغمط الناس”.
  • ونجد أن معنى بطر الحق هو رد الحق بعد أن يتم ظهوره، أما غمط الناس فيتجلى معناه بالطعن فيهم بغير حق.
  • فمن كان يتصف بخصلة من خصال الكبر التي ذكرها الرسول عليه الصلاة والسلام وهي الطعن في المسلم بغير الحق ورد الحق بعد ظهوره فهو يدخل النار ولا يدخل الجنة أبداً.
  • ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: “ولا الفاحش ولا البذيء”، وإن كلمتي الفاحش والبذيء هما بمعنى واحد ويقصد بهما بذاءة اللسان بالإضافة إلى الفحش في الكلام.
  • فالمؤمن لا يجوز له أن يتصف بصفات قبيحة، فيجب أن يبتعد عن القدح والعيب بالإضافة إلى الوقوع في أعراض الناس، وليس من صفاته الشتم واللعن، ولا أن يطعن في الناس، ومن الممكن أن يكون الطعن بالنسب أو بالعرض أو بالشكل والهيئة، بل إن المؤمن ما يميزه هو قوة إيمانه بالإضافة إلى اتصافه بمكارم الأخلاق التي تزيده رفعة وسمو وتبعده عن كل ما هو قبيح.

وهناك حديث آخر عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حُسن الخلق وإن الله يبغض الفاحش البذيء”، رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وشرح هذا الحديث يتجلى كالتالي:

  • ففيه فضيلة حسن الخلق بالإضافة إلى كف الأذى وبذل الندى.
  • ويتجلى فيه طلاقة الوجه وأنه هناك أعمال أعظم ثقالاً في ميزان العبد يوم القيامة كحسن الخلق، فعلى المؤمن أن يتصف بالخلق الحسن وأن يجتهد في ذلك.
  • وقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام عدة أحاديث عن حسن الخلق ومنها، قال: ” أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم”، ويقول ﷺ: “إنَّكم لن تسعوا الناسَ بأموالكم، ولكن يسعهم منكم بسطُ الوجه، وحُسن الخلق”، ويقول: “أنَّ الإنسان بخُلقه الحسن يبلغ درجةَ الصَّائم القائم”.
  • وإن الله تعالى يبغض المسلم أو المؤمن الذي يتصف بالسوء ويكون فاحش القول بذيء اللسان.

إعراب ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان

إن إعراب الحديث الشريف ” ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيّ ” هو كالتالي:

  • ليس فعل ماض ناقص وهو من أخوات كان مبني على الفتح الظاهرة.
  • المؤمن: اسم ليس مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
  • بالطعان: الباء حرف جر زائد، خبر ليس منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة منعاً من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، أو من الممكن أن يتم إعرابها بأنها اسم مجرور لفظاً منصوب محلاً على أنه خبر ليس.
  • و : حرف عطف.
  • لا: نافية لا عمل لها.
  • اللعان أو الفاحش أو البذيء كلهم نفس الإعراب ويعربوا: اسم معطوف على الطعان مجرور لفظاً منصوب محلاً على أنه خبر ليس.

صحة حديث ليس المؤمن بالطعان

ثبت أن حديث النبي عليه الصلاة والسلام “ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذيء”، وإن هذا الحديث صحيح الإسناد وقد رواه الترمذي والحاكم وصححه الألباني، فيجب على المسلم أن يبتعد عن الألفاظ البذيئة ويعود لسانه على التلفظ بالخير دائماً، لقوله تعالى في سورة البقرة آية 83: “وقولوا للناس حسناً”، هناك أحاديث عن رسولنا الكريم أيضاً حملت معانيها نفس معنى حديث ليس المؤمن بالطعان، وحثت المسلم على الابتعاد عن الفاحشة والألفاظ البذيئة والصفات الغير حميدة ومن هذه الأحاديث الشريفة:

  • وقال عليه الصلاة والسلام لمعاذ: “كف عليك هذا يعني لسانه، قال وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به، قال: ثكلك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم. رواه الترمذي.
  • وقال صلى الله عليه وسلم: “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر”، متفق عليه.

فيحرم على المسلم التكلم بكلام يؤذي المسلمين ويكون فيه الشتم والسباب، حسب ما ورد في السنة النبوية الشريفة ولقوله تعالى في سورة الأحزاب آية 58: “وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا “.

معنى الطعان واللعان والفاحش البذيء

إن كلمات الطعان واللعان والفاحش البذيء قد وردت في الحديث الشريف الذي تم شرحه سابقاً في هذا المقال شرحاً وافياً، ولكن الآن سنسلط الضوء على معاني لغوية لهذه الكلمات ومعانيها كالتالي:

  • معنى كلمة “الطعان” وهو الشخص الذي يتصف بكثرة السب والعيب للناس.
  • معنى كلمة “اللعان” وهو الشخص الذي يلعن الناس، واللعان هي صفة مبالغة والمقصود هنا بأنه الشخص كثير اللعن.
  • معنى كلمة “الفاحش” وهو الشخص الذي يأتي السيء في القول أو في الفعل.
  • معنى كلمة “البذيء” وهي من البذاءة أي الكلام القبيح وبذاءة اللسان، بالإضافة إلى السفه والفحش حتى لو كان صادقاً.
  • معنى “ليس المؤمن” أي الكامل في الإيمان.

وإن الفوائد التي نجنيها من هذا الحديث الشريف هي كالتالي:

  • إن الميزان الحقيقي هو الذي يزن أعمال العبد يوم القيامة.
  • إن الله عز وجل يبغض الفاحشة.
  • يوضح رسولنا الكريم في هذا الحديث الشريف أنه على المؤمن أن يبتعد عن الخصال القبيحة وينهى رسولنا عن الاتصاف بهذه الخصال، لأنها ليست من صفات المؤمن الكامل الإيمان.
  • نلتمس فضيلة حسن الخلق حيث أنه يكسب صاحبه محبة الله عز وجل له ومحبة عباده بالإضافة إلى أنه يعتبر من أفضل الأعمال التي توزن يم القيامة.