2- هل يجوز قراءة القرآن بدون حجاب

0 84

2- هل يجوز قراءة القرآن بدون حجاب

هل يجوز قراءة القرآن بدون حجاب

يجوز للمرأة قراءة القرآن الكريم بدون حجاب، ولا يجب عليها ارتداء الحجاب لقراءة القرآن، فلا يوجد دليلٌ واضحٌ وصريحٌ يُوجب عليها ارتداء الحجاب عند تلاوة القرآن الكريم، وإنَّما يُستحبّ للمرأة ارتداء الحجاب عند قراءة القرآن الكريم تأدُّباً مع كلام الله -تعالى

ولأنَّ ارتداء الحجاب عند تلاوة القرآن الكريم يعدّ من الزّينة التي تحدّث عنها السّلف مثل: ابن عباس، وعروة -رضيَ الله عنهما-، والحجاب أفضل وأكمل للزّينة، ولا يُعدّ لبس الحجاب عند تلاوة القرآن الكريم بدعة بل يجوز ذلك، وإنَّما تحصل البدعة إذا تمَّ لبس الحجاب عند تلاوة القرآن الكريم بنيّة التعبّد.


فإذاً لبس الحجاب عند قراءة القرآن الكريم هو الأفضل مع جواز القراءة بدونه، لأنَّه يعدّ من تمام الأدب مع كلام الله -تعالى- وتُثاب بإذن الله -تعالى- المرأة على هذا الفعل، لقوله -تعالى-: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)  وقد ورد أنَّ الصحابيّ أنس بن مالك -رضيَ الله عنه- كان يرتدي أفضل ما عنده ويتزيّن عندما كان يريد أن يحدّث بحديثٍ للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، ولنا فيهم القدوة الحسنة، فيُحاول المسلم أن يقتفي أثرهم ويفعل مثل أفعالهم.

هل يجوز سجود التلاوة بدون حجاب

تعدّدت آراء العلماء في حكم سجود التلاوة من غير حجاب، فذهب بعض العلماء إلى اعتبار سجود التّلاوة كحكمِ الصّلاة، فيجب فيها ما يجب في الصّلاة من وضوء، وستر، فيوجبون بناءً على ذلك لبس الحجاب للمرأة عند أداء سجود التّلاوة، وذهب بعض العلماء إلى عدم اعتبار سجود التّلاوة مثل حكم الصّلاة، ولم يتشرطوا لها ما يُشترط للصّلاة من وضوء وستر، فقالوا بجوازِ سجود التّلاوة بدون حجاب للمرأة، ولكن الأحوط للمرأة لبس الحجاب عند أداء سجود التّلاوة خروجاً من الخلاف.


وذهب جمهور العلماء من الحنفيّة، والشافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة إلى اشتراطِ شروط الصلاة لأداء لسجودِ التّلاوة؛ ومنها الطّهارة من الحدثين الأصغر والأكبر، واستقبال القبلة، وستر العورة، وطهارة مكان الصّلاة، وطهارة الجسد والثّياب، وتكبيرة الإحرام ثم السجود للتّلاوة، ولا يُشترط التّسليم عند الانتهاء من سجدة التّلاوة، ولا يجب على الحائض والنّفساء سجود التّلاوة؛

لأنَّ السّجدة تُعتبر ركن من أركان الصّلاة، والصلاة غير واجبة على الحائضِ والنّفساء، ويُشترط لوجوبِ سجدة التّلاوة أيضاً الإسلام والبلوغ والعقل، وذهب بعض العلماء إلى عدم اشتراط الطهارة عند أداء سجود التلاوة مثل: ابن تيمية -رحمه الله-؛ لأنَّه لم يعتبر سجدة التّلاوة مثل الصّلاة؛ فلم يَشترط لها ما يُشترط للصّلاة من استقبال القبلة أو الطّهارة.


ويَشترط جمهور الفقهاء لصحّة سجود التلاوة دخول وقت السّجود؛ ويتحقّق دخول وقت سجدة التلّاوة بقراءة جميع كلمات آية سجدة التّلاوة أو سماعها؛ فلو سجد شخصٌ قبل الانتهاء من آية سجدة التّلاوة ولو بحرف واحدٍ؛ فسجوده غير صحيح؛ لأنَّه سجد قبل دخول وقت سجود التلاوة، كما أنَّ الصّلاة لا تصحّ قبل دخول وقت الصّلاة فسجدة التّلاوة تأخذ أحكام الصّلاة في ذلك؛ فلا تصحّ قبل دخول وقتها.

آداب قراءة القرآن

تعدّ قراءة القرآن الكريم أفضل الذّكر، فهيَ أفضل من التّسبيح، والتّهليل، والتّكبير، ويُستحب قراءة القرآن الكريم في كلّ وقت من اللّيل والنهار؛ لنيلِ رضا الله -تعالى- والفوز بجنّته، ولقراءة القرآن الكريم آداب كثيرة نذكر منها ما يأتي:

  • الإخلاص لله -تعالى- وحده؛ فيجب على قارئ القرآن الكريم أن يقصد بقراءة القرآن الكريم نيل رضا الله -تعالى-، والأجر والثواب المترتّب على قراءة القرآن الكريم، وألّا يقصد غرضاً من أغراض الدنيا من مناصب وأموال وشُهرة ورِفعة بين النّاس، قال الله -تعالى-: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ).
  • الطّهارة؛ يُستحب لقارئ القرآن الكريم أن يقرأ على طهارة ووضوء؛ فإذا قرأ القرآن الكريم من غير وضوء، فهو جائز بإجماع علماء الأمّة ولا يكون قد ارتكب أمراً مكروهاً وإنَّما خالف الأفضل والأولى بقراءة القرآن الكريم من غير وضوء.
  • السِّواك، يُستحبّ لقارئ القرآن الكريم تنظيف فمه بالسِّواك،  أو بالفرشاة والمعجون قبل قراءة القرآن الكريم، حتى تُصبح رائحة الفم طيّبة، لقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن السِّواك بأنَّه: (مطهرةٌ للفمِ، مرضاةٌ للربّ)  ولأنَّ الملائكة تستمع وتدنو من قارئ القرآن.
  • نظافة المكان الذي يريد المسلم قراءة القرآن الكريم فيه، لذلك استحبّ العلماء قراءة القرآن الكريم في المسجد؛ لأنَّه مكانٌ نظيفٌ وعظيمٌ، ويجوز قراءة القرآن الكريم في الطّريق، وعلى الراحلة، وغيرها من وسائل النقل، إذا لم ينشغل القارئ بما حوله عن قراءة القرآن الكريم، فإذا انشغل عن قراءة القرآن بما حوله، فيُكره له قراءة القرآن الكريم خشية أن يخلط ويخطأ بالقراءة.
  • الاتّجاه للقبلة؛ فيُستحبّ لقارئ القرآن الكريم أن يتوجّه للقبلة عند قراءة القرآن الكريم، ويجلس بخشوعٍ ووقارٍ وسكينةٍ وهدوءٍ، ولو كان قائماً أو مضّجعاً على جنبه أو في فراشه جاز ذلك، ولكن يكون أجره أكبر عند الجلوس واستقبال القبلة.
  • الاستعاذة والبسملة، فيُستحبّ لقارئ القرآن أن يستعيذ بالله -تعالى- من الشّيطان الرّجيم قبل البدء بتلاوة القرآن الكريم، فيقول: “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم”، لقوله -تعالى-: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)، فإذا بدء القراءة من بداية السّورة، قال بعد الاستعاذة: “بسم الله الرحمن الرحيم”.
  • التّرتيل، فقد كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقرأ القرآن الكريم بالتّرتيل؛ لأنَّه أشدّ تأثيراً في نفس وقلب المؤمن وتوقير واحترام القرآن الكريم، فيتدبّر القارئ الآيات ويتفكّر في معانيها، ويطلب الرحمة والمغفرة من الله -تعالى- عند الوقوف على آيات الرحمة، ويستجير ويستعيذ من عذاب النار وشدّته عند الوقوف على آيات العذاب، قال الله -تعالى-: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ).
  • الخشوع عند قراءة القرآن الكريم، فعلى قارئ القرآن أن يكون خاشعاً لله -تعالى- متدبّراً آيات القرآن الكريم، فقد كان السّلف يتدبّرون آيات القرآن الكريم حتى أنَّهم كان يردّدون الآية أكثر من مرة ومرّتين لتزداد خشية الله -تعالى- في قلوبهم،  وقال بعضهم إنّه كان له ختمة للقرآن الكريم في كلّ أسبوع، وفي كلّ شهر، وفي كلّ سنة، وفي كلّ ثلاثين سنة، ويكون ذلك بحسب تدبّره للقرآن الكريم.
  • التّغني بالقرآن الكريم، ولا يُقصد بالتّغني قراءة القرآن الكريم على نغمةٍ موسيقيةٍ أو نغمةٍ معيّنة، فهذا غير جائز، وإنَّما المقصود بالتّغني بالقرآن الكريم أيّ تحسين الصوت عند قراءة القرآن الكريم مع مراعاة أحكام التجويد دون تلحين أو تنغيم في قراءة القرآن الكريم، ويُستحبّ للقارئ البكاء عند قراءة القرآن الكريم، فعن أبي هريرة -رضيَ الله عنه- أنَّ رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ما أذِنَ اللَّهُ لِشيءٍ ما أذِنَ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بالقُرْآنِ).
  • البُعد عن القراءة في أوقات الانشغال بالطّعام، والشّراب، والنّعاس، أو انشغال القلب بأمور الدّنيا، فالأفضل أن يقرأ القارئ القرآن الكريم في وقتِ نشاطه وقوّته، فإذا أصابه التّثاؤب والنّعاس، ترك القراءة إلى حين زوال ذلك عنه.
  • اختيار الوقت المناسب لقراءة القرآن الكريم، فيُستحبّ لقارئ القرآن أن يقرأ في أوقات تجلّي الله -تعالى- على عبادهِ وفي أفضل الأوقات، كالثّلث الأخير من اللّيل؛ وهو وقت السّحر، ويأتي بعده وقت اللّيل، ثم وقت الفجر، ثم وقت الصّبح، ثم باقي أوقات النّهار.
  • الاستمرار في قراءة القرآن الكريم وعدم قطع القراءة إلّا لضرورة طارئة ومانع شديد يستلزم قطع التّلاوة.

هل تجوز قراءة القرآن دون وضوء

هل تجوز قراءة القرآن دون وضوء

حكم قراءة القرآن دون وضوء

تُعدُّ قِراءة القُرآن الكريم مِن غير وُضوءٍ جائزةٌ، والأفضل أن يقرأه الإنسان وهو طاهر، والدَّليلُ على جواز قراءة القرآن دون وضوءٍ قول عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ علَى كُلِّ أحْيَانِهِ).

ومما يدُلُّ على جواز قِراءة القُرآن الكريم من غير وضوءٍ وأنّ الوضوء ليس واجِباً لِقراءته هو فِعلُ النَّبيِّ -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه عنه ابنُ عباسٍ -رضي الله عنه- في اليوم الذي بات فيه عند زوجة النَّبيِّ ميمونة -رضي الله عنها- وهو غُلامٌ صغير، حيث قال: (حتَّى إذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أوْ قَبْلَهُ بقَلِيلٍ أوْ بَعْدَهُ بقَلِيلٍ، اسْتَيْقَظَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عن وجْهِهِ بيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ العَشْرَ الآيَاتِ الخَوَاتِمَ مِن سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إلى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ، فَتَوَضَّأَ منها فأحْسَنَ وضوؤه، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي)

كم عدد أحزاب القرآن

وقد ذهب إلى هذا القول أهل العلم مِنَ الصحابة الكرام وغيرهم الكثير من العلماء، كما أنه ثبت عن عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قِراءته للقُرآن الكريم وهو غير مُتوضِّئٍ.

شروط قراءة القرآن للمرأة

شروط قراءة القرآن للمرأة

ذهب جمهور العلماء إلى أنَّّه يُشترط للمرأة إذا أرادت قراءة القرآن الكريم الطَّهارة من الحَدَث الأكبر؛ سواءً كان جنابةً، أو حيضاً، أو نفاساً، وقد استدلُّوا على ذلك بما ثبت عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنَّه قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْضي حاجَتَه، ثُم يَخرُجُ فيَقرَأُ القُرآنَ، ويأكُلُ معنا اللَّحمَ، ولم يكُنْ يَحجُبُه عنِ القُرآنِ شيءٌ ليس الجَنابةَ)،

 أي إلّا الجنابة، إلّا أنَّ بعض أهل العلم قالوا بجواز قراءة القرآن الكريم للحائض، حيث إنَّهم حملوا الحديث السَّابق على كراهة القراءة حال الحدث الأكبر لا تحريمها، لِذا فلا يصحُّ حجب المرأة ومنعها عن قراءة القرآن الكريم حال حدثها الأكبر لا سيما إن كان حيضاً دون ثبوت المنع الصريح من الله -تعالى- ورسوله -صلّى الله عليه وسلّم-.


وذهب المالكيّة إلى جواز قراءة القرآن الكريم للحائض مطلقاً دون مسّه. أمَّا فيما يتعلَّق بطهارتها من الحدث الأصغر فقد أجاز العلماء قراءة القرآن الكريم لمَن أحدث حدثا أصغر، وقد استدلُّوا على ذلك بما ثبت عن رجلٍ من الصَّحابة -رضي الله عنهم- أنّه قال: (حدَّثَني مَن رَأى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالَ، ثُم تَلا شيئًا منَ القُرآنِ -وقال هُشَيمٌ مرَّةً: آيًا منَ القُرآنِ- قبلَ أنْ يَمَسَّ ماءً)


وتجدر الإشارة إلى عدم جواز مسِّ المصحف للمحدث حدثاً أصغر أو أكبر، وذلك لقول الله -تعالى-: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ* فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ* لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)،  حيث يُراد بلفظ (المطهّرون)؛ أي المتطهّر من الحدثين الأصغر والأكبر،  ومن الأمور التي يُستحب للمرأة الحرص عليها إذا أرادت قراءة القرآن الكريم استعمال السِّواك، وقد دلَّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا قامَ أحدُكُمْ يصلِّي مِنَ الليلِ، فَلْيَسْتَكْ، فإنَّ أحدَكُمْ إذا قرأَ في صلاتِهِ، وضعَ مَلَكٌ فَاهُ على فيهِ، و لا يخرجُ من فيهِ شيءٌ إلَّا دخلَ فَمَ المَلَكِ).

كيفية قراءة القرآن أثناء الحيض

كيفية قراءة القرآن أثناء الحيض

كيفية قراءة القرآن أثناء الحيض

يجدر بالذكر في البداية إلى تعدّد آراء العلماء في حكم قراءة الحائض للقرآن، فَمَن أجاز لها القراءة كالإمام مالك أجاز أن تقرأ القرآن كقراءة غير الحائض دون مسّ المصحف، وأكثر العلماء على عدم جواز قراءتها للقرآن -وسيأتي تفصيل الحكم لاحقاً-.

لِذا فتوجد ضوابط لقراءة القرآن للمرأة في أثناء فترة الحيض وكيفيةٌ معيَّنةٌ عندهم؛ نذكرها فيما يأتي:

  • أن لا تقصد المرأة قراءة القرآن؛ فلها أن تقرأ القرآن بقصد الذِّكر والتَّحصُّن أو إلقاء موعظةٍ أو سرد قصَّة من قصص القرآن الكريم؛ لأنَّ قراءة القرآن للمرأة في فترة الحيض بقصد القراءة غير جائزة.
  • أن لا تتلفظ بقراءة القرآن فتُسمِع نفسها، فلها أن تقرأ القرآن بقلبها أو بالهمس دون أن تُسمع نفسها؛ لأنّ قراءة القرآن باللفظ مع إسماع نفسها غير جائز على المرأة في فترة الحيض.
  • أن تكون قراءة المرأة في فترة الحيض من حِفظها خشية النِّسيان بشرط عدم مسِّ المصحف، فتستطيع أن تقرأ آية الكرسي قبل النَّوم من حفظها؛ لأنَّ مسَّ المصحف في فترة الحيض غير جائز.

فقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال للسيدة عائشة أمُّ المؤمنين -رضي الله عنها- عندما حاضت في حِجَّة الوداع: (افْعَلِي ما يَفْعَلُ الحَاجُّ غيرَ أَنْ لا تَطُوفي بالبَيْتِ حتَّى تَطْهُرِي).

فيدلَّ الحديث على عدم منع قراءة القرآن للمرأة في فترة الحيض من حفظها؛ لأنَّ من أفضل أعمال الحاجّ قراءة القرآن ولم يمنع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- السيدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- في فترة الحيض إلَّا من الطَّواف بالبيت.

  • أن تلبس المرأة في فترة الحيض القفازات عند إرادة مسك المصحف إذا كانت معلمةً أو طالبةً.
  • أن تقوم المرأة في فترة الحيض بقراءة القرآن -عند مَن قال بجواز القراءة- من كتب التفسير؛ التي يغلب عليها التَّفسير ولا يكون أكثرها قرآناً، فلا يُطلق عليها لفظ القرآن بل تُسمَّى كتاب تفسير للقرآن.
  • أن تقوم المرأة في فترة الحيض بقراءة بعض الكتب أو الكتيِّبات التي يوجد فيها بعض الآيات من القرآن الكريم؛ لأنَّها لا تقصد بالقراءة قراءة القرآن وإنَّما قراءة الكتاب.
  • أن تقوم المرأة في فترة الحيض بوضع القرآن أمامها والنَّظر إليه من غير أن تلمسه -عند مَن قال بجواز قراءة القرآن للحائض-، مع تقليب صفحاته بوجود حائلٍ بين يدها وبين القرآن الكريم.
  • أن تقوم المرأة في فترة الحيض بالنَّظر وقراءة ما تحفظ من الأجهزة الإلكترونيَّة أو الهاتف المحمول -عند مَن قال بجواز قراءة القرآن للحائض-.

حكم قراءة القرآن للحائض

تعدَّدت آراء العلماء في حكم قراءة القرآن للحائض فذهب جمهور الفقهاء من الحنفيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، وأكثر أهل العلم من الصَّحابة ومن بعدهم؛ إلى القول بعدم جواز قراءة القرآن للحائض، وتفصيل أقوالهم فيما يأتي: 

الحنفيَّة:

لا يجوز للحائض قراءة ولو جزء من آية إذا قصدت القراءة، أمَّا إذا لم تقصد القراءة بل قصدت الذِّكر والثَّناء فلا بأس في ذلك، كأن تقرأ سورة الفاتحة بقصد الدُّعاء.

ويجوز للمعلمة في فترة الحيض أن تُعلِّم القرآن الكريم بشرط أن تفصل بين الكلمة والكلمة التي بعدها؛ لأنَّها لا تُعتبر قارئة للقرآن إذا قرأت كلمةً كلمةً وفصلت بينهما.

ويجوز للحائض أن تتهجّأ كلمات القرآن حرفاً حرفاً أو كلمةً كلمةً مع الفصل بين الكلمات، ويجوز لها أيضاً قراءة القنوت والأدعية والأذكار.


المالكية:

ترخيص قراءة القرآن الكريم للمرأة في فترة الحيض عند الحاجة؛ خشية أن تنسى ما تحفظه من القرآن الكريم أو إذا كانت طالبةً أو معلِّمةً تُحفِّظ القرآن الكريم؛ لأنَّ فترة الحيض تطول، ولا يوجد نصٌ صريحٌ قاطعٌ في هذه المسألة.

الشَّافعية

فصّل في حكم قراءة القرآن للحائض، فقالوا بعدم جواز قراءة ولو بعض آيةٍ من القرآن الكريم بقصد القراءة للحائض، ويجوز للحائض قراءة القرآن بقلبها أو بالهمس دون التَّلفُّظ وتحريك اللّسان به، ويجوز لها النَّظر في القرآن الكريم.


الحنابلة:

قال الحنابلة بعدم جواز قراءة آيةٍ أو أكثر من القرآن الكريم للحائض، ويجوز لها قراءة بعض آيةٍ وتكرارها إذا لم تكن طويلةً من القرآن الكريم.

ويجوز لها تحريك شفتيها بالقرآن دون توضيح الحروف، ويجوز لها قول ما يوافق آية من القرآن الكريم وذكر الله -تعالى- مثل؛ البسملة، وقول: الحمد لله ربِّ العالمين، وآية الاسترجاع -إنا لله وإنا إليه راجعون-، وآية الرُّكوب.

ويجوز أن يُقرأ على الحائض، ويجوز لها أيضاً أن تقرأ القرآن إذا خافت نسيانه.

حكم مس المصحف للحائض وحمله

فيما يأتي حكم مس المصحف الشريف للمرأة الحائض وحمله:

حكم مس المصحف للحائض

لا يجوز مسُّ المصحف للحائض إلَّا من وراء حائلٍ، وهذا مذهب الفقهاء؛ لأنَّ الحيض من الحدث الأكبر مثل الجنب والنَّفاس الذي يحرِّم على أصحابها مسَّ القرآن الكريم قبل التَّطهُّر منها، قال الله -تعالى-: (لاَ يَمَسُّهُ إِِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ).

وثبت عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: (لا يَمَسُّ القُرآنَ إلَّا طاهِرٌ)،  ولا يجوز للمحدِث حدثاً أصغر أن يمسَّ القرآن الكريم قبل أن يتمَّ وضوؤه، ولا يجوز للحائض والجنب والنَّفاس والمُحدث حدثاً أصغر أن يمسَّ القرآن بباطِنِ يده أو بغيرها من الأعضاء.

وذهب جمهور الفقهاء من الحنفيَّة والشافعيَّة والمالكيَّة والحنابلة إلى عدم جواز لمس الجلد المحيط بالقرآن الكريم.

وكذلك لمس الحواشي التي لا يوجد كتابةٌ فيها من أوراقِ القرآن الكريم والبَّياض بين سطور آيات القرآن الكريم، والأوراق الخالية من الكتابة في القرآن الكريم؛ لأنَّها تابعةٌ للقرآن الكريم، وذهب بعض الحنفيَّة والشافعيَّة إلى جواز ذلك.

حكم حمل المصحف للحائض

تعدّدت آراء الفقهاء في حُكم حمل المُصحف للحائض؛ فذهب الحنفيَّة والحنابلة إلى جواز حمل القرآن الكريم مع وجود حائلٍ بينها وبين المصحف، ويجوز حمله مع المتاع؛ لأنَّه لا يكون قد تم لمسه في هذه الأحوال.

وذهب الشافعيَّة والمالكيَّة إلى أنَّه لا يجوز حمل المصحف مع المتاع أو مع وجود حائلٍ للحائض، وقال الشافعيَّة بجواز حمله بصندوقٍ أو كيسٍ للمتاع ووَضع المصحف فيه، ولا يجوز حمله في صندوقٍ أو كيسٍ أُعِدّ للمصحف فقط، ويجوز تقليب صفحات القرآن الكريم بعودٍ للحائض وهو مذهب جمهور العلماء من الحنفيَّة والشافعيَّة والحنابلة، وقال المالكيَّة بعدم جواز ذلك.

ويجوز حمل القرآن للحائض عند الضَّرورة خشية الحرق أو الغرق أو النجُّس، أو خشية ضياعه أو سرقته، وذهب المالكيَّة إلى جواز مسِّ الحائض المصحف في حال التَّعلُّم والتَّعليم.

كيفية قراءة القرآن للنساء

قراءة القرآن للنساء دون حجاب

لم يرد دليل على وجوب ارتداء المرأة للحجاب عند قراءة القرآن، وقال الشيخ ابن عثيمين إنّه لا يشترط ستر الرأس للنساء عند قراءة القرآن، وقد أجاب كذلك عن سجود التلاوة لمن لم ترتدي الحجاب عند قراءة القرآن بأنّه لا بأس لها بالسجود على أي حال ولو كانت كاشفة لشعرها، معللاً ذلك أنّ سجود التلاوة ليس له أحكام الصلاة  أما الدكتور نوح علي سليمان فأجاب على فتوى قراءة القرآن دون ارتداء الحجاب أنّه لا يشترط لقراءة القرآن لبس الحجاب لكنّه مستحب من أجل أن تكون متهيئة لسجود التلاوة، ذلك أنّ ستر العورة من شروط سجدة التلاوة كما هو الحال في الصلاة.

فضل تلاوة القرآن الكريم

كيف تقرأ المرأة القرآن وهي حائض

اختلف العلماء في مسألة قراءة القرآن للحائض، فجمهور الفقهاء مع عدم جواز أن تقرأ المرأة القرآن وهي حائض حتى تطهر، وقد استدلوا على ذلك بأنّ الحائض تُقاس على الجنب، ذلك أنّ على كلّ منهما الغسل، ودليلهم في ذلك حديث: (إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يخرُجُ منَ الخلاءِ فيقرِئنا القرآنَ ويأكلُ معنا اللَّحمَ وَكان لا يحجُبُهُ–أو لا يحجِزُهُ عنِ قراءة القرآنِ شيءٌ ليسَ الجنابةُ)، كما استدلوا على ذلك بحديث ضعيف عن النبي عليه الصلاة والسلام في أنّ الحائض والنفساء لا تقرأ من القرآن شيئاً،

بينما رأى بعض الفقهاء ومنهم مالك وشيخ الإسلام ابن تيمية، وفي رواية عن الإمام أحمد أنّه يجوز أن تقرأ الحائض القرآن واستدلوا على ذلك بأمور منها ضعف حديث النبي عليه الصلاة والسلام في منع الحائض من قراءة القرآن، وأنّه في حال عدم وجود نصوص صريحة صحيحة في المنع يكون الأصل الجواز والإباحة، كما استدلوا على ذلك بقولهم إنّ قياس الحائض على الجنب قياساً مع الفارق،

ذلك أنّ الجنب باختياره أن يغتسل من الجنابة بخلاف الحائض، كما أنّ مدة الحيض تطول بينما يكون الجنب مأموراً بالاغتسال عند وقت الصلاة، واستدلوا على رأيهم كذلك أنّ النساء كنّ يحضن على عهد النبي عليه الصلاة والسلام ولم يرد أنّ النبي الكريم نهاهنّ عن قراءة القرآن أو الدعاء،

وهذه الرأي في جواز قراءة القرآن للحائض عن ظهر قلب، أما قراءته من المصحف فلها حكم آخر، والقول الراجح في ذلك المنع لقوله تعالى: (لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)، و الأحوط للمرأة إذا أرادت أن تقرأ القرآن من المصحف وهي حائض أن تجعل بينها وبينه حاجزاً كالخرقة الطاهرة أو أن تلبس القفازين.

الوضوء عند قراءة القرآن

يستحب للمرأة أن تقرآ القرآن وهي متوضئة، ذلك أنّ القرآن هو كلام الله، فيفضل الوضوء لشرفه، أما مسّ المصحف فلا يجوز للإنسان أن يمسه وهو محدث حتى يتوضأ.

حكم قراءة القران من الجوال

حكم قراءة القران من الجوال

حكم قراءة القرآن من الجوال في الصلاة

إنّ الأصل في هذه المسألة قياسها على حكم القراءة من المصحف في الصلاة، وللفقهاء في هذه المسألة قولين رئيسين:

  • قول الجمهور

قال المالكية والشافعية والحنابلة بجواز القراءة من المصحف في الصلاة، ولكنّها تُكره في الفرض دون النفل، وقد جاء في المجموع للنووي: “لو قرأ القرآن من المصحف لم تبطل صلاته سواء كان يحفظه أم لا، بل يجب عليه ذلك إذا لم يحفظ الفاتحة كما سبق، ولو قلّب أوراقه أحيانا في صلاته لم تبطل، وهذا الذي ذكرناه من أن القراءة في المصحف لا تبطل الصلاة في مذهبنا ومذهب مالك وأبي يوسف ومحمد واحمد قال أبو حنيفة تُبطل”.

والدليل على جواز ذلك عند جمهور الفقهاء ما يأتي:

  • عدم وجود دليل على بطلان الصلاة بالقراءة من المصحف، ولا يَسلم أنّ مجرد حمل المصحف ووضعه تعتبر حركة كثيرة تبطل الصلاة، فقد جاء عن عائشة -رضي الله عنها- أنّه كان يؤمها عبدٌ لها وهو يقرأ من مصحفٍ بين يديه.
  • كراهة ذلك يكون في الفرض؛ لأنّ في ذلك انشغالاً عن الصلاة بحمل المصحف، وأمر الفريضة مضيّق أكثر من أمر النافلة، بينما النفل يُغتفر فيه ما لا يغتفر في الفرض.
  • قول الحنفية: عدم جواز القراءة من المصحف في الصّلاة، وتبطل الصلاة بذلك، وقد علّلوا هذا القول بأمرين فقالوا:
    • إنّ حمل المصحف ووضعه وتقليب صفحاته يحتاج حركات كثيرة متوالية، وهذا يُبطل الصلاة، ولكن إذا كان التقليب للصفحات من الجوال تقليباً يسيراً؛ كحركة إصبع خفيفة كافية فهذا غير مبطل للصلاة اتفاقاً.
    • إنّ قراءة المُصلّي من القرآن يُعتبر تلقيناً للمصلي في قراءته، كأنّه يتعلّم من معلمٍ يقرأ، فكما أن تعليم المعلم لا يجوز داخل الصلاة فكذلك القراءة من قرآن، وهذه العلّة تنطبق على القراءة من جوال، بالتالي تبطُل الصلاة بقراءة القرآن من الجوال.

حكم قراءة القرآن من الجوال خارج الصلاة

لا شكّ أنّ قراءة القرآن من المصحف أو من الجوال جائز، بل هي عبادة مطلوبة يؤجر عليها صاحبها، وقد ذكر العلماء أنَّ قراءة القرآن من المصحف أَوْلى من قراءتها حفظاً عن ظهر قلب، وقد ورد عن الإمام النووي -رحمه الله-: “قراءة القرآن من المصحف أفضل من القراءة عن ظهر القلب لأنّ النظر في المصحف عبادة مطلوبة فتجتمع القراءة والنظر”.

إلّا أنَّ القراءة من المصحف في حال توفّره أفضل وأعظم أجراً لأمرين اثنين:

  • إنّ النظر في المصحف والقراءة منه فيه تعظيم وهيبة في قلب الإنسان لا توجد في الجوال، فالنّظر في المصحف والقراءة فيه وحمله أولى من حمل الجوال والقراءة منه.
  • إنّ القراءةَ من المصحف من شعائرِ المسلمين الظاهرة.

حكم قراءة القرآن من الجوال دون وضوء

اتفقت المذاهب الأربعة على منع المُحدث سواء حدثاً أكبر أو أصغر من مسِّ المصحف، كما قال الإمام النووي في كتاب المنهاج: “ويحرم بالحدث الصلاة والطواف وحمل المصحف ومس ورقه وكذا جلده على الصحيح وخريطة وصندوق فيهما مصحف”.

ولكن لا يُقاس القراءة من الجوال على القراءة من المصحف في ذلك، فلا يُشترط الوضوء لقراءة القرآن من الجوال، بل يجوز القراءة واللّمس حينها، أما من كان على جنابة، فإنّه لا يجوز له قراءة القرآن من المصحف أو من الجوال أو عن ظهر قلب حتى يتطهّر.

أمّا المرأة الحائض؛ فذهب جمهور العلماء إلى عدم جواز مسِّها للمصحف ولا حتّى تلاوته، قياساً على المُحدث حدثاً أكبر، وذهب آخرون إلى جواز قراءة الحائض للقرآن أثناء حيضها، وبذلك يجوز لها القراءة من الجوال ومسِّه؛ لأنّه لا يأخذ حكم المصحف الورقي فلا تُشترط الطهارة عند لمس الجوال.

ما حكم عدم لبس الحجاب

حكم عدم لبس الحجاب

أوجب الإسلام الحجاب على كلّ امرأة مسلمة بالغة؛ حفظاً لهنّ وصيانةً لأعراضهنّ، وكذلك حفاظاً على الرّجال من الفتنة، قال -تعالى-: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّـهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّـهِ عَظِيمًا).

والمرأة المسلمة التي لا تقوم بما أوجبه الله عليها فلا تلبس الحجاب تعتبر عاصية لله -تعالى-، وتجب عليها التوبة إلى ربّها فتلتزم به، وتعلم أنّ فيه الشرف لها في دنياها وآخرتها،  أمّا من ينكر وجوب الحجاب فقد أنكر فريضة من الإسلام وردت في النّصوص الشرعيّة من القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشّريفة، فيكون على إثمٍ عظيم إن لم يتُب عن ذلك.

نصائح لترغيب المرأة في لبس الحجاب

اتّسم الدّين الإسلاميّ بأنّه دينٌ وسط عادل، جاء لهداية النّاس وإخراجهم من ظلمات الجهل إلى أنوار المعرفة والعلم، وإن للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مكانته والوعظ بالحكمة والموعظة الحسنة أهميّته في الدّين الإسلاميّ؛ لما له من الأثر الكبير على الفرد والمجتمع، وعلى من يُريد أن ينصح المرأة ورغّبها بلبس الحجاب أن يحرص على الأسلوب الحسن.

وإن أردنا إسقاط ذلك على المرأة من خلال نُصحها فإنّ الدّعوة تمر بثلاثة مراحل: المرحلة الوقائيّة وهي مرحلة ما قبل الوقوع في المعصية، ثمّ مرحلة الوقوع في المعصية، ثمّ مرحلة التوبة والتخلّص من المعصية، ولكلّ واحدة من هذه المراحل طريقة في وعظ الفتاة ونصحها تارة بالترغيب، وتارة بالترهيب من أثر الذنوب في الدنيا والآخرة.

ويبدأ الترغيب للفتاة المسلمة بالالتزام بالحجاب منذ صغرها حتى تلتزم به عند كبرها، فالله -عزّ وجلّ- أمر جميع المسلمات بالحجاب من خلال قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).

شروط الحجاب الشرعي

وردت في القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشّريفة العديد من الشروط الواجب اجتماعها في لباس المرأة ليحقّق اللّباس الشرعي الذي أمر الإسلام به وهذه الشروط هي:

  • أن يغطّي جميع أجزاء الجسد الواجب سترها.
  • ألّا يكون زينة في ذاته يلفت أنظار الرّجال إليها.
  • ألّا يصف، ولا يشفّ، لأنّ الغاية منه الستر، وهذه الغاية لا تتحقّق باللّباس الذي يصف ما تحته ويظهره.
  • أن يكون واسعاً غير ضيق يظهر حجم أعضاء الجسد.
  • ألا يكون متعطراً أو مطيّباً، لأنّ رسول الله نهى المرأة عن الخروج متعطّرة.
  • ألّا يشبه لباس الرّجال.
  • ألّا يكون لباس شهرة يُقصد منه الاشتهار بين النّاس والتكبّر عليهم.

شروط قراءة القرآن

شروط قراءة القرآن

شروط قراءة القرآن الكريم وآدابها

تجوز قراءة القرآن الكريم للمُحدث حَدَثاً أصغر؛ فقد نقل الإمام النوويّ -رحمه الله- الإجماع على ذلك؛ فقال: “أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِلْمُحْدِثِ وَالْأَفْضَلُ أَنَّهُ يَتَطَهَّرُ لَهَا”، كما ثبت أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان يقرأ مع الحَدَث الأصغر  وفيما يأتي توضيح شروط قراءة القرآن الكريم وبيانها:

السلامة من الحيض والنفاس

اختلف العلماء في حُكم قراءة الحائض للقرآن، ويُستثنى من ذلك ما كان على سبيل الدعاء، والذِّكر دون قَصْد التلاوة، وفيما يأتي بيان ما ذهب إليه كلّ مذهبٍ من المذاهب الفقهيّة:

  • الحنفيّة: قالوا بعدم جواز قراءة القرآن من قِبل الحائض والنفساء بقَصْد القراءة، بخِلاف قَصْد الذِّكر؛ واستدلّوا بالحديث سابق الذِّكر.
  • المالكيّة: قالوا بجواز قراءة القرآن للحائض في حال استرسال الدم عليها؛ سواء كانت جُنباً أم لا، سواءً خافت النسيان أم لا، وهذا هو الرأي المُعتمَد،  كما قال أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بجواز قراءة الحائض للقرآن؛ لأنّ الأصل في أيّ عملٍ الإباحة ما لم يأتِ دليلٌ يمنع الإباحة، ولا وجود لدليلٍ يمنع الحائض من قراءة القرآن، وذكر ابن تيمية أنّه لم ترد نصوصٌ صريحةٌ تُؤكّد حُرمة قراءة القرآن للحائض،
  • وأنّ الله أمر بقراءة القرآن، وبيّن فَضْل قراءته، والأجر المُترتِّب عليه، ولا يُمكن القَوْل بالمنع من ذلك إلّا في حال ثبوت دليلٍ، ومنع الحائض من قراءة القرآن يُضيّع عليها الكثير من الثواب والأجر، وقد تنسى شيئاً منه بتَرْكها إيّاه، ولا يصحّ قياس الحائض على الجُنب؛ إذ إنّ الجُنب يمكنه أن يُزيل المانع باختياره، وذلك بخِلاف الحائض، كما أنّ مدّة الحَيض قد تكون طويلةً بخِلاف الجُنْب الذي يجب الاغتسال منه بحضور وقت الصلاة.
  • الشافعيّة: قالوا بعدم جواز قراءة القرآن للحائض؛ واستدلّوا بحديثٍ ضعيفٍ ورد عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-، عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، قال: (لا تقرأُ الحائضُ ولا الجنبُ شيئًا من القرآنِ).
  • الحنابلة: قالوا بعدم جواز مَسّ المصحف من قِبل الحائض؛ استناداً إلى قَوْله -عزّ وجلّ-: (لَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ)، وقالوا كذلك بحُرمة قراءة الحائض للقرآن على الإطلاق؛ استدلالاً بالحديث الذي استدلّ به الشافعيّة.

الطهارة من الجنابة

بيّن العلماء حُكم قراءة القرآن لمَن أصابته الجنابة، وبيان ما ذهبوا إليه آتياً:

  • الحنفيّة: قالوا إنّه لا يجوز للجُنب أن يقرأ القرآن، وذكرَ الطحاويّ أنّ الجنب يجوز له أن يقرأ بعض من الآيات، ولا حرج عليه إن قرأ شيئاً دون أن يقصد به القرآن، مثل: الحَمْد، أو البَسملة، أو التسبيح، أو ذِكْر الله، أو الدعاء؛ وذلك لأنّ المَنع جاء خاصّاً بالقرآن فقط
  • المالكيّة: قالوا إنّ الجنابة تمنع من قراءة القرآن، وأكّد الإمام مالك على أنّ الجُنب لا يقرأ من القرآن إلّا آيةً أو آيتَين على سبيل الذِّكر للنوم مثلاً، أو التعوُّذ، وما شابه ذلك، على ألّا يكون من باب التلاوة.
  • الشافعيّة: قالوا بحُرمة قراءة القرآن لمَن كان على جنابةٍ؛ سواء باللفظ، أو بالإشارة لِمَن كان أخرس، وقال القاضي في فتواه إنّها تكون بمنزلة النُّطق، حتى ولو كان ببعض ٍمن الآية، كالحرف؛ للإخلال بالتعظيم، ويجوز للجُنب مراجعة القرآن بقلبه دون التلفُّظ به، كما يجوز له النَّظَر في المصحف، وكذلك قراءة الأذكار الموجودة في القرآن، والتي يُقصَد بها الذِّكر وليست القراءة، ومثال ذلك -على سبيل الدّعاء وليست القراءة- قَوْل: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، وكذلك قَوْل: (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ).
  • الحنابلة: قالوا بعدم جواز قراءة القرآن للجُنب، والحائض، والنفساء، واستدلّوا على ذلك بما ورد عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- من أنّه قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقضي حاجَتَه ثم يَخرُجُ فيَقرَأُ القرآنَ ويَأكُلُ معَنا الَّلحمَ ولا يَحجُِزُه وربَّما قال: ولا يَحجِبُه منَ القرآنِ شيءٌ ليس الجَنابَةَ).

طهارة المكان

بَيَّن العلماء من الحنفيّة، والمالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة كراهة قراءة القرآن في الأماكن القَذِرة والنَّجِسة، واستثنى المالكيّة الآيات اليسيرة التي تُذكَر من باب التعوُّذ، ونحو ذلك.

الإخلاص في قراءة القرآن لله تعالى

تجدر بالمسلم قراءة القرآن، وتعلُّم ما جاء به؛ طَمَعاً في نَيْل الأجر والثواب من الله -سبحانه وتعالى-، ولذلك يتوجّب على المسلم الإخلاص في ذلك لله -سبحانه وتعالى-؛ فالقرآن وسيلةٌ من وسائل التوسُّل لله؛ وذلك بحِفظ القرآن، وحُبّه، والإيمان والعمل به.

تعظيم القرآن الكريم

يجدر بالمسلم الاقتداء بهَدْي النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في تعامله مع القرآن الكريم، والحرص على العمل به، والاهتداء بهَدْيه؛ إذ إنّه نورٌ من الله واضحٌ مبينٌ؛ فمن تمسّك به وسار عليه نجا، ومن اعتصم به هُدِيَ إلى الصراط المستقيم.


وقد قال الإمام النوويّ -رحمه الله- عندما ذكر مظاهر تعظيم القرآن الكريم: “أجمع المسلمون على وجوب تعظيم القرآن العزيز على الإطلاق، وتنزيهه، وصيانته؛”، ولذلك ينبغي لحامل القرآن أن يجعله ربيعَ قلبه؛ فيتأدّب عند تلاوته، ويتحلّى بالأخلاق الحميدة، ومن الأمور الواجبة على المسلم في حقّ القرآن الكريم: تلاوته، وتدبُّره، وفَهْم ما فيه من مَعانٍ، والعمل بما جاء فيه.

آداب قراءة القرآن

يُستحسَن بالمسلم التحلّي بعددٍ من آداب قراءة القرآن، ويُذكَر منها:

  • السوك.
  • الحرص على نظافة الثياب وطهارتها، والتوجُّه إلى القِبلة إن أمكن ذلك.
  • تدبُّر معاني القرآن، وخشوع القلب، وخضوع الجوارح، والابتعاد عن كلّ ما يُشغل عن قراءة القرآن.
  • الابتعاد عن الذنوب والمعاصي، وتجنُّب ارتكاب شيءٍ منها.
  • استغلال الأوقات المناسبة في تلاوة القرآن، كالفجر، والليل؛ لخُلوّ الذِّهن، وصفائه.
  • استشعار عَظَمة الله -تعالى-، وأنّ القرآن كلام الله المُوجَّه إلى عباده.
  • عدم قَطع التلاوة لأمرٍ من أمور الدُّنيا، إلّا إن دَعَت الحاجة إلى ذلك.

حكم خلع الحجاب

حكم خلع الحجاب بعد الالتزام به

يحرم على المرأة خلع الحجاب أمام الرجال الأجانب (غير المحارم)؛ لقول الله -تعالى-: (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ) وسيأتي مزيد من التفصيل في الفقرة الثانية، ومع ذلك فإنه لم يَرِد في النصوص الشرعية أن عقوبة من تركت الحجاب بعد الالتزام به أشد من غيرها، لكن معلوم أن عقوبة من علم بحكم من الأحكام والتزم به ثم تعمد تركه وجحد به أشد وأعظم ممن يجهل الحكم ولا يدري به .

حكم خلع الحجاب أمام الرّجال غير المحارم

لا يجوز للمرأة المُكلّفة أن تخلع حجابها أمام الرجال الأجانب أو عند خروجها من المنزل، فذلك من أعظم الذنوب التي تؤدّي إلى غضب الله -تعالى-، والتي يترتب عليها لزوم التوبة، وقد فُرِض الحجاب في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)،ويعرف الحجاب شرعاً هو ستر المرأة لزينتها وبدنها باللّباس أمام من لا يجب عليهم رؤية ذلك؛ كالرجال الأجانب عنها؛ أي غير المحارم.


ويُطلِق العُلماء لفظ عورة المرأة أمام الأجانب؛ أي الرجال من غير محارمها، ويقصد به أمرين:

  • الأول: هو عورة السّتر، وهي ما يجب ستره من بدنها لِذاته، لا لأجل النّاظر إليه، وما كان من عورة السّتر كالسّاق والرقبة أو أيّ جزء من أجزاء البدن الواجب ستره لذاته حتى لو كان فيه تشوّه، وجب ستره، لأنّها من العورة التي يجب سترهُا لذاتها، لا لتعلّق الفتنة بها، وعورة الستر هي جميعُ بدن المرأة ما عدا الوجه والكفّين، وهو قول الجُمهور، وذهب بعض الفُقهاء إلى القول بأنّه جميع جسدها، فمن ذهب إلى أنّه جميع بدن المرأة فقد حرّم النّظر إليه جميعاً، ومن قال ما عدا الوجه والكفّين؛ أجاز النّظر إلى وجهها وكفّيها.
  • الثّاني: هي عورة النّظر، وهي ما يحرم كشفه من جسدها لا لذاته، وإنّما لسببٍ خارجٍ عنه؛ وهو نظر الرّجال له وفتنتهم به، ومتى انتفى السّبب الخارج لم يحرم كشفه؛ كالوجه والكفّين، فذهب الأئمة الأربعة إلى أنّ الوجه والكفّين من عورة النّظر الواجب تغطيتها عند تعلّق الفتنة بها، فأوجبوا تغطيته حين الفتنة.


وذهب الحنفية والمالكية إلى أن عورة المرأة جميع بدنها باستثناء وجهها وكفّيْها، واستدلّوا على ذلك بعدة أدلة، كقوله -تعالى-: (وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا)؛ وقالوا إن هذا الاستثناء هو الوجه والكفّيْن، ولقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (يا أسماءُ، إنَّ المرأةَ إذا بَلَغَتِ المَحِيضَ، لم يَصْلُحْ أن يُرَى منها شيءٌ إلا هذا وهذا. وأشار إلى وَجْهِه وكَفَّيْهِ)، وقد رأى الشافعيّة والحنابلة أن عورة المرأة جميعُ بدنها،

واستدلّوا بنفس النص الذي استدلّ به أصحاب القول الأول، وقالوا: إن الآية حرّمت إبداء الزينة، والوجه هو أصل الزينة والجمال، كما قالوا: إذا كانت الحُرمة في النظر إلى الساق والشعر بالاتفاق، فتكون تغطية الوجه من باب أولى.

حكم خلع الحجاب أمام الرّجال المحارم

الرّجال المحارم للمرأة هُم من يجوزُ للمرأة النّظر إليهم، والخلوة بهم، والسّفر معهم، وحُرِّم في الشريعة نكاحها منهم على وجه التّأبيد؛ كالآباء، والأجداد، والإخوة، والأعمام، والأخوال. وذهب الفقهاء إلى جواز نظر المحارم إلى المرأة في حدود ما يبدو عند ارتدائها ملابس المهنة؛ أي الملابس التي ترتديها أثناء قيامها بأعمال المنزل،

فأجازوا النّظر إلى ما يظهر منها غالباً، كمواضع الوضوء؛ وكُلُّ هذا مشروطٌ بعدم النّظر إليها من باب الشّهوة والاستمتاع، فينبغي على المرأة التّغطية والسّتر عند وُجود الشُّبهة أو الرّيبة، وقد ذهب بعضُ العُلماء كالزحيلي في كتابه “الفقه الإسلامي” إلى أنّ عورتها أمام محارمها جميع بدنها ما عدا الوجه، والرّقبة، واليدين، والقدم، والسّاق.

حكم خلع الحجاب أمام المرأة المسلمة

ذهب الفُقهاء إلى أن عورة المرأة أمام المرأة كعورة الرّجل أمام الرجل؛ أي ما بين سُرّتها ورُكبتها، فيجوزُ النّظر إلى كل ما عدا ذلك بشرط انتفاء الشّهوة والفِتنة، وقال بعض الفقهاء بالاحتياط في ذلك؛ فقالوا إن عورة المرأة أمام المرأة ما لا يظهر عند الاشتغال في الغالب، وما لا يظهر من زينتها الظاهرة، وقال العلماء إنّ على المرأة أن تحتاط في ذلك لِقول النّبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (لا تُباشِرِ المرأةُ المرأةَ كأنَّها تنعَتُها لزوجِها أو تصِفُها لرجُلٍ كأنَّه ينظُرُ إليها).

حكم خلع الحجاب أمام المرأة غير المسلمة

ذهب الحنابلة والشافعية إلى أنّ عورة المُسلمة أمام غير المسلمة جميع بدنها ما عدا ما يظهر منها عند الأشغال المنزليّة، وقال الحنابلة أيضاً إن عورة المرأة المسلمة أمام المرأة غير المسلمة مثل عورتها مع محارمها؛ أي ما بين السّرة والرُّكبة، أما الحنفيّة والمالكية فقالوا إنّ عورتها أمام المرأة غير المسلمة مثل عورتها أمام الرجل الأجنبي،

ولا يجوز للمرأة التّجرد أمامها، لِقولهِ -تعالى-: (وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ)،  فخصّص الله -تعالى- النّساء المُسلمات، فلو لم يكُن من التّخصيص فائدة لما قام الله بذكره.

حكم قراءة القران للحائض

حكم قراءة القران للحائض

فضل قراءة القرآن

قراءة القرآن الكريم طاعةٌ من أجلّ الطاعات؛ فقد أمر الله -عزّ وجلّ- نبيه -صلّى الله عليه وسلّم- بتلاوة ما أُنزل إليه من القرآن الكريم، فقال تعالى في سورة المزمل: (ورتّل القرآن ترتيلاً)،  وقد رتّب الله لقارئ القرآن الكريم في الآخرة أجراً عظيماً؛ فتعهّد القرآن الكريم لتاليه وقارئه بالترقي في الدرجات عند لقاء الله تعالى، وجعل التلاوة سبباً لرفعته في الدنيا والآخرة، وقد جعل الله تعالى القرآن الكريم شفيعاً لأصحابه يوم القيامة،

وللتلاوة لذّةٌ يجدها المؤمن في قلبه وحياته، كما أنّ في الاجتماع على مدارسة القرآن الكريم والتّدرب على تلاوته سببٌ في نزول الرحمة وحضور الملائكة، وآياته العظيمة ينفر منها الشيطان؛ فليس له حظٌّ من أهل القرآن الكريم، كما تحرص نساء المسلمين على تلاوته وتدبّره،

لكنّ المرأة يطرأ عليها في بعض أيام الشهر من الحيض والنفاس ما يمنعها من ممارسة بعض العبادات؛ تخفيفاً ورحمة من الله لها، ولكن هل يعدّ حيض المرأة ونفاسها في الفقه الإسلامي سبباً مانعاً لها من تلاوة القرآن الكريم، فما حكم قراءته في حقّها، وما حكم مسّها له في هذه الأيام؟

حكم قراءة القرآن للحائض

قراءة القرآن الكريم عبادةٌ لها أحكامها وشروطها وآدابها، وقد تناول العلماء كلّ ذلك تمحيصاً وبياناً بالدليل النقلي والعقلي والاستنباط السليم، وكلٌّ من العلماء على اختلاف مذاهبهم يبتغي فيما ذهب إليه تحصيل مراد الله تعالى.

المانعون لقراءة الحائض من القرآن وأدلتهم

ذهب جماعةٌ من العلماء إلى القول بعدم جواز قراءة الحائض للقرآن الكريم، وتفصيل قولهم وبيان أدلتهم على النحو الآتي:

  • مذهب الصحابة والتابعين وجمهور العلماء في المذاهب الفقهية الأربعة هو تحريم قراءة الحائض للقرآن الكريم، سواء رافق القراءة مسٌّ للمصحف أم لم يرافقه، وقد استدلوا على ذلك بجملةٍ من الأدلة، منها:
    • أولاً: قول الله تعالى: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)،  وقد نقِل عن كثير من علماء التفسير أنّ المقصود بالآية: (لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ) أي؛ لا يمسّ المصحف من أصابه جنابةٌ أو حدثٌ، ويؤكّد المعنى المختار من حرمة مسّ المصحف الحديث الشريف عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- نَهى أنْ يُسافَرَ بالقُرآنِ إلى أرْضِ العَدُوِّ)،  وقاسوا حيض المرأة على الجنابة.
  • ثانياً: ما جاء في رواية عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يمسَّ القرآنَ إلا طاهرٌ)،  وقد تلقّى أهل العلم هذا الحديث بالقبول والعمل.
    • ثالثاً: وصلت أقوال الصحابة في نهي المرأة الحائض عن تلاوة القرآن أو مسّ المصحف حدّ الاشتهار، وأقوالهم في هذه المسألة لها حكم الرفع، واشتهر هذا أيضاً عند التابعين حتى كاد يحصل به الإجماع.
  • تجوز قراءة الحائض لأذكار القرآن الكريم مثل: قولها عند نزول مصيبةٍ (إنّا للهِ وإنّا إليهِ راجعون)، ونحوها كآداب الرّكوب: (سُبحان الذي سخَّر لنا هذا وما كُنّا له مُقْرِنين)،  إذا كان ذلك بنيّة الذكر، وليس بنيّة قراءة القرآن.
  • يجوز للمرأة الحائض في المذهب المالكي أن تقرأ القرآن لضرورة التعليم، سواء كانت معلمة أو متعلمة.

المجيزون لقراءة الحائض من القرآن وأدلتهم

ذهب ابن تيمية -رحمه الله- موافقاً بذلك لقولٍ في المذهب الحنبلي إلى جواز قراءة الحائض للقرآن، وهذا الجواز مشروطٌ بعدم مسّ المصحف كأن تقرأه من حفظها، وقال أنصار هذا الرأي:

  • لم يرد في القرآن أو السنّة نصٌ صريحٌ وصحيحٌ ينهى عن قراءة الحائض للقرآن.
  • إنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- لم ينه أحداً من النساء في زمنه عن القراءة حال الحيض، ومعلومٌ أنّهنّ كنّ يقرأن القرآن.
  • لا يصح الاستناد إلى حديث: (الحائضُ والجنُبُ لا يقرآنِ منَ القرآنِ شيئًا)؛ لكونه حديث معلول، لا يُقام عليه حكمٌ.
  • يجوز للحائض أن تقرأ القرآن من تفسيرٍ شريطة أن يكون كلام التفسير أكثر من النصّ القرآني، ويجوز لها مسّه كذلك أو من الأجهزة الإلكترونية؛ لأنّها لا تعدّ مصحفاً، ولا تُسمّى به، والمنع مخصوصٌ بالمصحف دون غيره.
  • إذا منعت الحائض من القراءة لا يمكنها تعويض ما فاتها بعد زوال حيضها، وربما نسيت شيئاً ممّا كانت حفظته.
  • إنّ قياس الحائض على الجنب في المنع من القراءة قياسٌ مع الفارق.

آداب قراءة القرآن

لقراءة القرآن آدابٌ يحسن بالمسلم التخلّق بها عند تلاوته، ومن أهمّها:

  • استحضار الإخلاص لله تعالى في تلاوته، ويستذكر أنه يناجي ربّه عز وجل.
  • يحسن بالمسلم أن يأخذ بالسواك قبل الشروع بالتلاوة.
  • استحباب اختيار المكان، كالقراءة في المسجد؛ فهو مكانٌ جامعٌ للطهارة وشرف البقعة.
  • استحباب للقارئ أن يستقبلَ القبلة، ويتغشّى بالسكينة والوقار، وليكن تدبّر القراءة شغله الشاغل، ويستحبّ إعادة ترديد الآية لمزيد التدبّر والتأثر.
  • بدء تلاوته بالاستعاذة، فيقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
  • الحرص على قراءة: بسم الله الرحمن الرحيم في أولّ كلّ سورةٍ، باستثناء سورة التوبة.

  • الحرص على الترتيل، كما جاء في قوله تعالى: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا)؛ فإنّه أخشع للقلب، ويبتعد عن السرعة بالقراءة؛ خشية تضييع شيءٍ من حروفه.
  • استحباب للقارئ إذا مرَّ بآيةٍ فيها عذابٌ أن يستعيذ بالله منه، وإذا مرَّ بآية تنزيهٍ لله تعالى نزَّه ربّه بما أُثر من أذكار التنزيه.
  • اجتناب الضحك والمزاح أثناء القراءة، وعدم قطع التلاوة للحديث إلا لكلامٍ اضطّر إليه كردِّ السلام.
  • الحذر من كثرة الالتفات؛ فإنّها تشتّت الذهن، وخاصةً النظر إلى ما لا يحلّ النظر إليه.
  • قراءة القرآن من المصحف أفضل منها غيباً؛ فالنظر في المصحف عبادةٌ.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

العربيةChichewaEnglishEsperantoFrançaisEspañolTürkçe