3- صيغ الاستغفار من القرآن والسنة

191

3- صيغ الاستغفار من القرآن و السنة

تُعدّ ملازمة الاستغفار من أحب العبادات إلى الله -تعالى- وأجلّها؛ وذلك لأنّ الإنسان خطّاء بطبعه، فلا يوجد مُبرّر للاستمرار في الذنب؛ لأنّ باب التوبة مفتوح، فإنْ داوم العبد على الاستغفار دامت له المغفرة من الذنوب عند الله -تعالى-، ويهتم الكثير من المسلمين بمعرفة صيغ الاستغفار من القرآن والسنة النبوية.

صيغ الاستغفار من القرآن والسنة

الاستغفار

لم تخصّ الشريعة الإسلاميّة فضيلة الاستغفار بصيغة مُعيَّنة، وإنّما جاءت صِيَغ عدّة للاستغفار في كتاب الله وسُنّة نبيّه الكريم، ومن بين صيغ الاستغفار من القرآن والسنة النبوية ما يأتي:

صيغ استغفار وردت في القرآن الكريم

  • (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي).
  • (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).
  • (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ).
  • (رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ).

صيغ استغفار وردت في السنة النبوية

جاء في السنّة النبويّة ذِكر صِيغ عديدة للاستغفار، ومن هذه الصِّيغ:

الصيغة التي عدَّها النبيّ الكريم سيّدَ الاستغفار، وهي أن يقول العبد: (اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ قالَ: ومَن قالَها مِنَ النَّهارِ مُوقِنًا بها، فَماتَ مِن يَومِهِ قَبْلَ أنْ يُمْسِيَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ، ومَن قالَها مِنَ اللَّيْلِ وهو مُوقِنٌ بها، فَماتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ). 

والدعاء الذي يكون في الصلاة ما بين التشهُّد والتسليم، قال -عليه الصلاة والسلام-: (اللهمَّ اغفرْ لي ما قدَّمتُ وما أخَّرت، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أسرفْت، وما أنت أعلمُ به منِّي، أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر لا إله إلا أنت). 

ثمرات الاستغفار

  • تكفير الخطايا والذنوب؛ فالذي يستغفر من ذنبه يغفر الله له خطاياه، وهذه المغفرة تختلف باختلاف درجة التوبة؛ فقد تشمل المغفرة الذنبَ كلّه حتى يعود العبد خالياً من الذنوب، وقد تُخفّف المغفرة من الذنوب ولا تُكفّرها بالكُلّية.
  • دخول الجنة لتي أعدّها الله لعباده المُتَّقين الذين يستغفرون لذنوبهم، ويتوبون عن خطائهم، قال -تعالى-: (أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ).
  • الوقاية من الخِزي يوم القيامة؛ فلا يفضح الله المؤمنين المستغفرين، ولا يُخزيهم أمام الأشهاد يوم ترتفع الحُجب، وتتجلّى حقائق النفوس، والأشياء.
  • تجديد إيمان العبد؛ فالذنوب والخطايا تُضعف إيمان العبد، وقد تُحدث شَرخاً في نفسه وقلبه، وقد تحدث نكتة سوداء في قلبه، ومن شأن الاستغفار والتوبة من الذنوب محو أثر تلك السيّئات، وإعادة الإيمان إلى النفس.
  • زيادة الرزق وتكثير البنين، وشيوع الخيرات، ودوام النعمة على الإنسان؛ فثمرة الاستغفار والتوبة تتجلّى في نزول الغيث من السماء مدراراً، فتجري الأنهار، وتنبت الزروع، والثمار، قال -تعالى-: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا).
  • دَفع العذاب عن العباد؛ فللاستغفار ثمرة عظيمة في الوقاية من عذاب الله الواقع بالمُذنِبين، قال -تعالى-: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).

آداب الذكر والاستغفار

ذكرَ العلماء آداباً للذكر، والاستغفار، والدعاء، منها:

  • الإخلاص؛ فالإخلاص يجب أن يتحقّق في العبادة، والذكر؛ حتى يكون العمل مُتقبَّلاً عند الله، قال -تعالى-: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وذلك دِينُ الْقَيِّمَةِ).
  • استشعار عظمة الله، وقدرته عند الدعاء، والذكر، قال -تعالى-: (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ على مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ).
  • تفضيل الطهارة حال الذِّكر.
  • التمهيد للذكر، والدعاء؛ بتمجيد الله، والثناء عليه؛ فقد كان الأنبياء يبدؤون مناجاة ربّهم بتمجيده، وتنزيهه، وتقديسه قبل الدعاء، وطلب الحاجة، وذلك مَظنّة استجابة الدعاء، واستدرار خزائن الله.
  • استحضار دمع العين عند ذِكر الله، ومُناجاته في الخلوات، وفي الحديث الشريف ذِكر لأصناف العباد الذين يُظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه، ومن بينهم رجل ذَكَر الله خالياً ففاضت عيناه.
  • الإلحاح على الله في الدعاء، والاستغفار، فيُستحَبّ عند الذكر أن يعزم المسلم في مسألته، ويُلحّ في طلبه، وفي الحديث: (لا يَقُولَنَّ أحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي إنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمِ المَسْأَلَةَ، فإنَّه لا مُكْرِهَ له).
  • إشراك المسلم إخوانَه المسلمين في دعائه، واستغفاره، قال -تعالى-: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ).
  • إظهار التضرُّع والاستكانة لله -تعالى- عند الدعاء، فقد استجاب الله دعاء سيّدنا يوسف -عليه السلام- حينما أظهر افتقاره إلى ربّه، وخروجه من حوله وقوّته إلى حول الله وقوّته.
  • استقبال القبلة عند الدعاء والاستغفار، وجلوس المسلم مُطرِقاً رأسه، ومُستحضِراً الخشية والتذلُّل لربّه.
  • استحباب استعمال السواك قبل الذكر، والدعاء.

الوعود الإلهية الأربعة

الوعود الإلهية الأربعة، وعد الله سبحانه وتعالى عباده في القرآن الكريم بأربعة وعود ربانية تتمثل في استجابة الدعاء، والذكر بعد الذكر، والزيادة بعد الشكر، والرحمة والمغفرة بعد الاستغفار.

الوعود الإلهية الأربعة

الوعد الأول: ادعوني أستجب لكم

قال تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) (غافر 60).

  • يطلب الله تعالى في الآية الكريمة من عباده أن يعبدوه ويوحدوه ويثنوا عليه وسيجازيهم بالثواب والعطاء والمغفرة ومن يتكبر عن عبادته سيناله العذاب، (حَدَّثَنِي عَلِيّ، قَالَ: ثنا عَبْد اللَّه، قَالَ: ثني مُعَاوِيَة عَنْ عَلِيّ، عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله: { اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } يَقُول: وَحِّدُونِي أَغْفِر لَكُمْ).
  • في هذه الآية الكريمة يعد الله سبحانه وتعالى المؤمنون بأنه سيستجيب لدعائهم، فالدعاء هو العبادة، روى النعمان بن بشير أنه قال: سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: (الدعاء هو العبادة ثم قرأ وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين).
  • الدعاء له شأن عظيم جداً في الدين الإسلامي حيث أنه يقرب بين العبد وربه، ويبرهن على توحيد الله عز وجل والإيمان بأنه هو المعطي وهو المانع.
  • يناجي الإنسان ربه بالدعاء ويتوجه إليه وهو متيقن من أنه سبحانه وتعالى سيرضيه ولن يرده خائباً، فلقد قال الله عز وجل في كتابه العزيز (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) (البقرة 186).
  • يجد الإنسان في الدعاء تفريج للكربات، ودفع للسيئات، وتحقيق للحاجات، وجلب للبركات، ونجاة من العذاب والنار وفتح أبواب الجنات.

الوعد الثاني: فاذكروني أذكركم

قال تعالى: (فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون) (البقرة 152).

  • قال ابن عباس في تفسير الآية الكريمة: (اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي)، وقال سعيد بن جبير (اذكروني في النعمة والرخاء أذكركم في الشدة والبلاء).
  • أخبرنا الأعمش قال سمعت أبا صالح عن أبي هريرة قال (قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة).
  • أخبرنا منذر بن زياد عن صخر بن جويرية عن الحسن عن أنس قال إني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى يقول يا ابن آدم إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي وإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ خير منهم وإن دنوت مني شبرا دنوت منك ذراعا وإن دنوت مني ذراعا دنوت منك باعا وإن مشيت إلي هرولت إليك وإن هرولت إلي سعيت إليك وإن سألتني أعطيتك وإن لم تسألني غضبت عليك ).
  • يقول الله تعالى لعباده في الآية الكريمة أن: (اذكروني بأن تطيعوني وسأذكركم بالرحمة والمغفرة، أو اذكروني بأن تدعوني وسأذكركم بإجابة الدعاء، أو اذكروني بأن تطيعوني وتثنوا علي وسأذكركم بكثرة النعم، أو اذكروني بالعبادات والطاعات في الدنيا وسأذكركم بحسن الثواب في الآخرة، أو اذكروني في الصحة والرخاء وسأذكركم بالفرج في البلاء، أو اذكروني بأن تعبدوني حق العبادة وسأذكركم بمعونتي، أو اذكروني بالإخلاص والصدق وسأذكركم بالخلاص، أو اذكروني بالربوبية وسأذكركم بالرحمة).

الوعد الثالث: لئن شكرتم لأزيدنكم

قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (إبراهيم:7).

  • يقول الله تعالى في الآية الكريمة لعباده أن شكره على نعمه وعطاياه يكون سبب لزيادة النعم وكثرة العطاء، واستجلاب للخير، ودفع للنقم والبلاء.
  • الشُكرَ لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى من العبادات الواجبة على المسلم، قال تعالى: {وَٱشْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}(النحل:114) فبشكره تدوم النعم وتزداد.
  • أعظم طريقة لشكر الله على نعمه وعطاياه تكون من خلال أداء الفرائض والواجبات، والبعد عن المعاصي والمحرمات.
  • ثواب الشكر لله جزيل، فبه يدفع الله كل المكروهات عن الإنسان وينجيه الله به من العقوبات، قال تعالى: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً}(النساء:147).
  • يقول سفيان بن عيينة رحمه الله: “{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ}: لئن شكرتم نعمتي لأزيدنكم طاعتي التي تقودكم إلى جنتي”.
  • قال العلامة ابن سعدي رحمه الله: “{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ} من نعمي {وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} ومن ذلك أن يزيل عنهم النعمة التي أنعم بها عليهم، والشكر: هو اعتراف القلب بنعم الله، والثناء على الله بها، وصرفها في مرضاة الله تعالى، وكفر النعمة ضد ذلك”.

الوعد الرابع: وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون

قال تعالى: ﴿وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ (الأنفال 33).

  • فسرت الآية الكريمة في التفسير الميسر: (وما كان الله سبحانه وتعالى ليعذِّب المشركين، وأنت -أيها الرسول محمد- بين ظهرانَيْهم، وما كان الله معذِّبهم، وهم يستغفرون من ذنوبهم).
  • يوجه الله تعالى في الآية الكريمة لعباده رسالة مهمة مفاداها أن الاستغفار يفتح للإنسان الكثير من الأبواب المغلقة، ويعود عليه بالكثير من الخيرات، ويمنع عنه الكثير من البلايا والشرور، ويدرأ به عنهم العذاب.
  • الحرص على الاستغفار دائماً يعود على المرء بالنفع والخيرات والسعادة والفرج والتيسير، والرحمة، وللاستغفار صيغ عديدة منها (استغفر الله العلي العظيم وأتوب إليه)، (اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك)، سيد الاستغفار (اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي؛ فَاغْفِرْ لِي؛ فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ).

أحاديث نبوية عن الاستغفار

ذِكرُ الله -سبحانه وتعالى- يُثمر حياة القلب، والاستغفار من ذكر الله تعالى، والمقصود به طلب المغفرة من الله سبحانه وتعالى، فإذا قال العبد: أستغفر الله، فمعناه: أطلب المغفرة من الله -عزّ وجلّ-، وتزخر كُتب السنة الصحيحة بالعديد من أحاديث نبوية عن الاستغفار وأسراره وصيغه.

أحاديث نبوية عن الاستغفار

الاستغفار

قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أعوذ بك من شر ما صنعت. إذا قال حين يمسي فمات دخل الجنة – أو: كان من أهل الجنة – وإذا قال حين يصبح فمات من يومه مثله).

قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (يا أيها الناس استغفروا ربكم وتوبوا إليه فإني أستغفر الله وأتوب إليه في كل يوم مئة مرة أو أكثر من مئة مرة) 

قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله فيغفر لهم). 

قال الرسول صلى الله عليه وسلم (من قال : أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم و أتوب إليه ، ثلاثاً ، غفرت له ذنوبه و إن كان فاراً من الزحف) 

قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (من لزم الاستغفار، جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب). 

قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول : يا رب أنى لي هذه ؟ فيقول : باستغفار ولدك لك). 

قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (من توضأ فقال : سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك ، كتب في رق ثم طبع بطابع فلم يكسر إلى يوم القيامة).

كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن.

قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم.

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم ، وقال : (رب اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك) وإذا خرج صلى على محمد وسلم ، وقال : (رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك). 

عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يدعو بهذا الدعاء: (اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير)

أنواع-الحديث-الموضوع-وعلاماته

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : (إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد يقول : رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم مائة مرة). 

من أمثلة دعاء الله بأسمائه

لله تعالى تسعة وتسعون اسماً سمّى نفسه بها، وفي هذه الأسماء ثناء ومدح وتمجيد لكمال صفاته تعالى، وقد ثبتت بعض الأدعية للدعاء بأسمائه تعالى، وعلى المسلم معرفة بعضٍ من أمثلة دعاء الله بأسمائه لكي يدعوه بها.

من أمثلة دعاء الله بأسمائه

من أمثلة دعاء الله بأسمائه
  • اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى أن تغفرَ لنا ولأحبابنا أبداً وللمسلمين كلَّ ذنب، وتستر لنا كلَّ عيب، وتكشف عنا كلَّ كرب،
  • اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَنْ تَتَجَلَّى عَلَى قَلْبِي وَتَمْلأَهُ نُوراً وَأَنْ تُؤَيِّدَنِي بِالنَّصْرِ وَالْحِفْظِ وَالتَّوْفِيقِ.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَلِكِ أَنْ تُمَلِّكَنِي نَفْسِي وَلاَ تَجْعَلْهَا تَمْتَلِكَنِي حَتَّى لاَ تَعِزَّ إِلاَّ بِكَ وَلاَ تَذِلَّ إِلاَّ لَكَ.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ القُدّوسِ أَنْ تُطَهِّرَ قَلْبِي مِنْ مَسَالِكِ الغَفَلاَتِ، وَرُوحِي عَنْ فُتُورِ الْمُسَاكَنَاتِ، وَوَقْتِي عَنْ دَنَسِ الْمُخَالَفَاتِ، وَسِرِّي عَنِ الْمُلاَحَظَاتِ وَالإِلْتِفَاتاتِ.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ السَّلاَمِ أَنْ تَبُثَّ فِي قَلْبِيَ السَّلاَمَ، وَأَنْ تَهْدِيَنِي سُبُلَ السَّلاَمِ، وَأَنْ تَرْزُقَنِي سَلاَمَةَ الصَّدْرِ وَأَنْ تُطَهِّرَ نَفْسِي مِنَ العُيُوبِ وَالآثاَمِ.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمُؤْمِنِ أَنْ تَجْعَلَنِي مَأْمُونَ الْجَانِبِ، وَأَنْ تَجْعَلَ أَعْمَالِي مِصْدَاقاً لأَقْوَالِي، وَءَامِنِّي يَوْمَ الفَزَعِ الأَكْبَرِ.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمُهَيْمِنِ أَنْ تُهَيْمِنَ عَلَى جَوَارِحِي وَقَلْبِي وَتَحْفَظَهُمَا عَنْ كُلِّ مَا لاَ يُرْضِيكَ.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ العَزِيزِ أَنْ تُعِزَّنِي بِطَاعَتِكَ وَبِالإِقْبَالِ عَلَيْكَ وَالإِسْتِغْنَاءِ عَنِ النَّاسِ.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْجَبَّارِ أَنْ تَجْبُرَ قَلْبَ كُلِّ كَسِيرٍ وَحَزِينٍ وَأَنْ تَجْبُرَ لَنا أَعْمَالَنا.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمُتَكَبِّرِ أَنْ لاَ تَجْعَلْ فِي قَلْبِي مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، وَأَنْ تَجْعَلَ تَقَرُّبِي إِلَيْكَ ذُلاًّ وَانْكِسَاراً.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْخَالِقِ البَارِئِ الْمُصَوِّرِ أَنْ تُمَتِّعَنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي وَقُوَّتِي وَأَنْ تُعِينَنِي عَلَى تَحْقِيقِ عِبَادَتِكَ ظَاهِراً وَبَاطِناً، قَوْلاً وَعَمَلاً، وَأَنْ تُحَسِّنَ خُلُقِي كَمَا أَحْسَنْتَ خَلْقِي.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الغَفَّارِ أَنْ تَغْفِرَ لِي مَغْفِرَةً تَامَّةً، وَأَنْ تُعِينَنِي عَلَى إِظْهَارِ الْجَمِيلِ وَسَتْرِ القَبِيحِ.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ القَهَّارِ أَنْ تَقْهَرَ نَفْسِي فَتَحْبِسَهَا فِي طَاعَتِكَ وَاجْعَلْنِي قَاهِراً لأَعْدَائِكَ.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ العَفُوِّ العَفْوَ وَالعَافِيَةِ وَاليَقِينَ فِي الآخِرَةِ وَالأُولَى، وَأَنْ تُعِينَنِي عَلَى أنْ أَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَنِي وَأُعْطِيَ مَنْ حَرَمَنِي وَأَصِلَ مَنْ قَطَعَنِي وَأَنْ أُحْسِنَ إِلَى الْمُسِيءِ.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الرَّؤُوفِ أَنْ تَمْنَعَنِي عَنْ مُوجِبَاتِ عُقُوبَتِكَ، وَأَنْ تَرْزُقَنِي مُلاَحَظَةَ الأَغْيَارِ، وَأَنْ تَمْلأَ قَلْبِي رَأْفَةً بِجَمِيعِ خَلْقِكَ، وَأَنْ تَقْتَرِنَ رَأْفَتِي بِالْحِكْمَةِ.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ مَالِكَ الْمُلْكِ أَنْ تُمَلِّكَ جَسَدِي لِطَاعَتِكَ، وَأَنْ تَجْعَلَ نِعَمَكَ عَلَيَّ مُتَّصِلَةً فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ ذِي الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ أَنْ تُمِدَّنِي بِجَلاَلِكَ وَإِكْرَامِكَ ظَاهِراً وَبَاطِناً حَتَّى أَعْبُدَكَ بِذُلِّي لَكَ إِلَى يَوْمِ أَلْقَاكَ، وَأَشْكُرَكَ عَلَى إِكْرَامِكَ لِي بِإِكْرَامِ عِبَادِكَ.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمُقْسِطِ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالغَضَبِ، وَأَنْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ يَقُومُ وَيَقْوَى بِالعَدْلِ وَيَأْخُذُ بِيَدِ الْمَظْلُومِ وَلاَ يَشْهَدُ لِظَالِمٍ وَمِمَّنْ يَنْتَصِفُ مِنْ نَفْسِهِ قَبْلَ غَيْرِهِ.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْجَامِعِ أَنْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ جَمَعَ بَيْنَ البَصَرِ وَالبَصِيرَةِ وَالآدَابِ الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ، َوجَمَعَ القُرْآنَ فِي قَلْبِهِ، وَاجْمَعْنِي وَمَنْ أَحْبَبْتُ فِيكَ مَعَ الْحَبِيبِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاجْعَلنِي مُجَمِّعاً لِلْقُلُوبِ، وِلاَ تُخْزِنِي يَوْمَ الْجَمْعِ.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الغَنِيِّ الْمُغْنِي أَنْ تُغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ، وَأَنْ تَجْعَلَنِي وَاثِقاً وَرَاغِباً بِمَا عِنْدَكَ، وَاجْعَلْ غِنَايَ فِي نَفْسِي، وَأَن أُغْنِيَ مَنْ حَوْلِي بِتَوَاضُعٍ وَبِدُونِ مَنٍّ وَلاَ أَذَىً.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الضَّارِّ النَّافِعِ أَنْ تُشْهِدَنِي اسْمَكَ النَّافِعَ فَلاَ أَرْكَنُ إِلَى غَيْرِكَ، وَاجْعَلْنِي نَافِعاً لِجَمِيعِ عِبَادِكَ رَاضِياً عَنْكَ فِي جَمِيعِ مُرَادِكَ وَادْفَعْ عَنِّي كُلَّ ضُرٍّ.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ النُّورِ أَنْ تُشْرِقَ عَلَى قَلْبِي بِالتَّوْحِيدِ، فَأَشْهَدُ بِنُورِكَ الْحَقَائِقَ، وَأَتَجَمَّلُ بِالْمَعَارِفِ، وَأُرْشِدُ النَّاسَ إِلَيْكَ، وَأَتِمَّ لِي نُورِي.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْهَادِي أَنْ تُمِيلَ قَلْبِي إِلَيْكَ، وَأَنْ تُقِيمَ هِمَّتِي بَيْنَ يَديْكَ، وَأَنْ تَجْعَلَ دَلِيلِي مِنْكَ عَلَيْكَ، وَأَنْ تَجْعَلَنِي مِنَ الْهُدَاةِ الْمُهْتَدِينَ، وَزِدْنِي هُدَىً.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ البَدِيعِ أَنْ تَجْعَلَنِي مُتَّبِعاً لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَنْ لاَ تَجْعَلَنِي مُبْتَدِعاً فِي الدِّينِ، وَوَفِّقْنِي لأَكُونَ مُبْدِعاً فِي أَعْمَالِي.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الرَّشِيدِ أَنْ تُهَيِّءَ لِي مِنْ أَمْرِي رَشَدَاً، وَأَنْ تَجْعَلَنِي رَشِيداً بِقُوَّةِ اتِّصَالِي بِكَ وَباِلقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَأَنْ تَجْعَلَنِي وَلِيّاً مُرْشِداً لِعِبَادِكَ.
  • أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الصَّبُورِ أَنْ تُلْهِمَنِي الصَّبْرَ وَأَنْ تُعِينَنِي عَلَيْهِ، وَأَنْ تَجْعَلَ صَبْرِي كُلَّهُ لَكَ، وَأَنْ تُفْرِغَ عَلَيَّ صَبْراً.

إحصاء أسماء الله الحسنى

أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إلَّا واحِدًا، مَن أحْصاها دَخَلَ الجَنَّةَ). 

ويُقصَد بإحصاء أسماء الله الحُسنى: حِفْظُها، ومعرفة ما فيها من مَعانٍ، والعمل بما ورد فيها، فالعلم بأنّ الله هو الأحد يقتضي عدم الإشراك به، وعبادته وحده، والعلم بأنّه الرزّاق يقتضي اليقين بأنّ الرِّزق بِيَد الله وحده، كما يكون إحصاء الأسماء الحُسنى بدعاء الله بها.

وقال ابن عثيمين إنّ القَصْد من إحصاء أسماء الله الحُسنى ليست كتابتها، بل التعبُّد بها، والإحاطة بها جميعها، وفَهْمها. ومن الجدير بالذِّكر أنّ إحصاء أسماء الله الحُسنى يكون على مراتب، أولاها: إحصاء عددها، وألفاظها، وثانيها: فَهْم معانيها، ودلالتها، وثالثها: الدعاء بها؛ سواءً كان ذلك دعاء مسألةٍ، أو دعاء عبادةٍ وثناءٍ على الله -تعالى-.

تجربتي مع الاستغفار

تجربتي مع الاستغفار من أكثر التجارب والمواضيع الملهمة التي تدفع الناس إلى الرجوع إلى الله تعالى، حيث يستحب للمسلم أن يكثر من استغفار الله -تعالى- وسؤاله المغفرة والتجاوز عن المعاصي والهفوات التي بدرت منه، وعن الأوقات التي قصّر فيها عن عبادته لله -تعالى- والتقرّب إليه.

تجربتي مع الاستغفار

تجربتي مع الاستغفار

يقول أحد الشباب كانت تجربتي مع الاستغفار عندما دخلت المسجد في غير وقت الصلاة وكان يبدو على وجهي الهم والحزن الشديد، فإذا برجل متقدم في السن جالس في المسجد، يقول لي: تعالى يا بني اقترب مني، مالي أراك حزيناً هكذا، هل أنت بخير؟ فقلت له: والله يا والدي أنا متزوج من فترة طويلة ولم أرزق بالأولاد، ولم أترك طبيباً واحداً إلا وزرته بحثاً عن العلاج.

قال لي الرجل علاجك عندي يا بني، وأوصني أن أقوم أنا وزوجتي كل يوم قبل الفجر بساعة، وأن نقسم هذه الساعة إلى نصفين، نصف لقيام الليل والنصف الآخر للاستغفار، ولم يكن بيدي حيلة سوى أن أُصدقه بعد أن أعيتني الحيل، وبالفعل ذهبت إلى زوجتي وقلت لها ما قاله لي هذا الشيخ، ووافقتني زوجتي وشجعتني على هذا الأمر؛ لأنها كانت تعلم ما بنفسي من الحزن، وواظبنا سوياً على القيام والاستغفار، وإذا بعلامات الحمل تظهر على زوجتي بعد أسبوعين فقط ببركة تجربتي مع الاستغفار

ومن أعظم القصص التي تُروى عن الاستغفار أن رجلاً جاء إلى الحسن البصري، رحمه الله، فشكى إليه قلة المطر فقال له : “استغفر الله”، وجاء آخر فشكى إليه الفقر فقال له: “استغفر الله”، وجاء الثالث فاشتكى إليه من عدم الانجاب فقال له : “استغفر الله”، ثم جاء الرابع فاشتكى له ضعف إنتاج وخراج بستانه فقال له : “استغفر الله”.

فقيل للحسن البصري: أو لا تملك إلا الاستغفار لعلاج كل هذا؟ فتلى قوله تعالى: “فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً”.

الاستغفار في القرآن والسنة النبوية

تؤكد العديد من الآيات القرآنية على الاستغفار وأهميته، ومنها:

  • قال تعالى: (وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا).
  • قال تعالى: (وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّـهَ يَجِدِ اللَّـهَ غَفُورًا رَّحِيمًا).
  • قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّـهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّـهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
  • قال تعالى: (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ، يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّـهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).
  • قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ، لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ).

وردت الكثير من الأدعية في السنة النبوية عن الاستغفار، ومنها:

  • (سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ). 
  • (رَبِّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي وجَهْلِي، وإسْرَافِي في أمْرِي كُلِّهِ، وما أنْتَ أعْلَمُ به مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي خَطَايَايَ، وعَمْدِي وجَهْلِي وهَزْلِي، وكُلُّ ذلكَ عِندِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، أنْتَ المُقَدِّمُ وأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وأَنْتَ علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ). 
  • (أستغفرُ اللهَ العظيمَ الذي لا إلهَ إلَّا هو الحيَّ القيومَ وأتوبُ إليه).
  • (اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، ولَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ، فَاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً مِن عِندِكَ، وارْحَمْنِي، إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ). 
  • (اللَّهمَّ اغفِر لي وارحَمني وارزُقني وعافِني). 
  • (اللَّهُمَّ لكَ أسْلَمْتُ، وبِكَ آمَنْتُ، وعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ أنَبْتُ، وبِكَ خَاصَمْتُ، وإلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وأَسْرَرْتُ وأَعْلَنْتُ، أنْتَ إلَهِي لا إلَهَ لي غَيْرُكَ). 

فوائد الاستغفار

يعود استغفار العبد عمّا ارتكب من أخطاءٍ في حياته بفوائد جليلة وآثارٍ عظيمةٍ تنفعه وتقوّيه في نفسه وحياته، ومن فوائد الاستغفار ما يأتي:

  • نيل القرب من الله -تعالى- وكثرة التّعلق به، فكلّما انشغل المسلم بذكر الله زاد قُربه منه.
  • تفريج الكرب وانشراح الصدور، وذهاب الهموم والغموم.
  • سببٌ في دخول جنّات النعيم والتمتع بما أعدّ الله -تعالى- لأهلها.
  • سببٌ في صفاء القلب ونقائه، والشعور بالراحة والطمأنينة.
  • مكفّرٌ للذنوب؛ فالإكثار من الاستغفار والمداومة عليه من أسباب مغفرة صغائر الذنوب وكبائرها إن تحقّقت شروط التوبة أيضاً.
  • دفع البلاء الّذي قد يصيب العبد، وطريق لحلّ المشكلات التي تواجهه، والتّغلب على الصعوبات التي تعترضه في حياته.
  • نوعٌ من أنواع الدعاء، وحكمه في ذلك حكم الدعاء؛ فالمسلم وهو يستغفر يطلب من ربه -عز وجل- مغفرة ذنوبه، وكلما رافق ذلك الشعورَ بالانكسار والافتقار والتّذلل بين يدي الله تعالى كلمّا كان أرجى لإجابة دعائه، لا سيما إذا تحرّى مواطن الإجابة وأوقاتها.