قصص الأنبياء 2: نبي الله يحيي عليه السلام وقصة مقتله بسبب امرأة بغيّ

391


قصص الأنبياء 2:
نبي الله يحيي عليه السلام وقصة مقتله بسبب امرأة بغيّ و في حلقات دورية ، وخلال موقعنا ، يقدم alshamel-kh.com للقارئ الكريم قصص الأنبياء، استنادا لمصادر معتبرة في السيرة والتاريخ الإسلامي

وفي الحلقة الثلاثين يقدم “alshamel-kh.com” قصة لوط -عليه السلام-، كان يحيى عليه السلام غلامًا ذكيًا، أحكم الله عقله، وآتاه الحكم صبيًا، عاشقًا للعبادة، عاكفًا في محراب العلم، محصيًا لمسائل التوراة، مستجليًا لغوامضها، محيطًا بأصولها وفروعها، فيصلاً في أحكامها، قاضيًا في معقولها، قوَّالاً في الحق، لا يخشى في الله لومة لائم، ولا يهاب صولة عاتٍ ظالم.

من خير من نبي الله يحيى

روى الطبراني في الكبير والبزار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يحيى بن زكريا، قلنا: يا رسول الله! ومن أين ذاك؟ قال: أما سمعتم الله كيف وصفه في القرآن، فقال: {يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا} (مريم:12)، فقرأ حتى بلغ: {وسيدا وحصورًا ونبيًا من الصالحين} (آل عمران:39)، لم يعمل سيئة قط، ولم يهم بها.

أمر سبحانه نبيه يحيى عليه السلام بأن يأخذ التوراة بجد واجتهاد، وتفهم لمعناه على الوجه الصحيح، وتطبيق ما اشتمل عليه من أحكام وآداب؛ فإن بركة العلم في العمل، وإن القوة في العمل، قال تعالى: {يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا * وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا * وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا * وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا} (مريم:12-15).

فهم الكتاب

ومن صفات يحيى عليه السلام التي منَّ الله بها عليه فهم الكتاب، والعمل بأحكامه، وهو في سن الصبا، فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: أُعطي الفهم والعبادة، وهو ابن سبع سنين.

الرحمة

mercy

كان عليه السلام في قلبه رحمة يعطف بها على غيره، ومنحه أيضاً طهارة في النفس، أبعدته عن ارتكاب ما نهى الله عنه، وجعلته سباقاً لفعل الخير، فكان مطيعاً لله في كل ما أمره به، وتاركاً لكل ما نهاه عنه، وجعله كثير البر بوالديه، والإحسان إليهما، وفوق ذلك، لم يكن مستكبراً متعالياً مغروراً، ولم يكن صاحب معصية ومخالفة لأمر ربه.

مصدقًا.. سيدًا.. حصورًا ونبيًا سيدنا يونس و الحوت

ويخبرنا سبحانه أيضاً عن مزيد من صفات نبيه يحيى عليه السلام بقوله: {مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين} (آل عمران:39)، كان يحيى عليه السلام مصدقاً بعيسى عليه السلام، ومؤمناً بأنه {رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه} (النساء:171).

وكان سيداً يفوق غيره في الشرف والتقوى، وعفة النفس، بأن يكون مالكاً لزمامها، ومسيطراً على أهوائها وشهواتها، وكان حصوراً حابساً نفسه عن الشهوات، معصوماً عن إتيان الفواحش والمنكرات، وكان نبياً صالحاً.

كتب الله له الامن و الأمان

كتب الله له الأمن والأمان يوم ولادته، ويوم وفاته، ويوم بعثه. قال سفيان بن عيينة: أوحش ما يكون الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد، فيرى نفسه خارجاً مما كان فيه، ويوم يموت فيرى قوماً لم يكن عاينهم، ويوم يبعث، فيرى نفسه في محشر عظيم. قال: فأكرم الله فيها يحيى بن زكريا فخصه بالسلام عليه في هذه الأحوال الثلاثة.

مقتل نبي الله يحيى عليه السلام

اختلف أهل العلم فيما إذا كان زكريا وابنه يحيى عليهما السلام قد قتلا أو ماتا موتا. ذكر ذلك ابن كثير في البداية والنهاية عن وهب بن منبه، وذكر الطبري أن فساد بني إسرائيل الأول كان بقتل زكريا، وأن فسادهم الثاني كان بقتل يحيى، وليس في قتلهما نص ثابت.

وقد تكرر في القرآن ذكر قتل بني إسرائيل للأنبياء بغير حق، كما في قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ {آل عمران:112}.

وفي قوله تعالى: أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ {البقرة:87}.

وفي قوله تعالى: فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة:91].

وقد نص ابن كثير في البداية والنهاية أنهما ممن قتل قبل تسليط بختنصر على بني إسرائيل، وقد ذكر أيضاً حديثاً في قتلهما، ولكنه ضعفه ونسبه إلى النكارة.

ووردت عدة آثار عن الصحابة والتابعين في قتلهما ذكرها الطبري وابن كثير، والظاهر أنها مأخوذة من أهل الكتاب، ومن أصحها ما روى ابن أبي شيبة في المصنف عن عروة بن الزبير قال: ما قتل يحيى بن زكريا إلا في امرأة بغي قالت لصاحبها لا أرضى عنك حتى تأتيني برأسه، فذهب فأتاها برأسه في طست.

وعلى أية حال، فإننا لم نعثر فيما وقفنا عليه من الأقوال أن من أهل العلم من يقول بأن يحيى عليه السلام قد رفع إلى السماء كما هو الحال مع عيسى عليه السلام.

وأما ما ورد في حديث الإسراء من قوله -صلى الله عليه وسلم-:… ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل عليه السلام فقيل من أنت قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا صلوات الله عليهما فرحبا ودعوا لي بخير ثم عرج بي إلى السماء الثالثة… الحديث، فإن هذا ليس فيه دليل على أن يحيى عليه السلام كان قد رفع؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد التقى تلك الليلة بكثير من الأنبياء، ولم يقل أحد بأنهم رفعوا كما رفع عيسى عليه السلام. والله أعلم.