4- سيدنا هود عليه الصلاة و السلام

155

4- سيدنا هود عليه الصلاة و السلام

بعدما نجا الله نبي الله نوح وقومه وأنزلهم على الفلك، ولم يبق سوى ذرية نوح عليه السلام ومن بين ذرية نوح كان سام وينتسب إليه العرب وينتسب إليه بنو إسرائيل، ومن أحفاد سام جاء سيدنا هود عليه السلام.

هود ابن سام ابن نوح وقومه هم عاد

فهو هود ابن عبد الله بن رباح بن عاد بن عوث ابن ارم ابن سام ابن نوح عليه السلام، ومن هنا يسمى قوم هود عاد، وأيضًا يسمون إرم لأنهم أجداد هود عليه السلام.

وقوم عاد كانوا يسكنون منطقة اسمها الأحقاف وهذا مثبت في سورة الأحقاف نسبة للمكان الذي كانت تسكنه عاد، والأحقاف تعني جبال الرمل وكانت في اليمن بين عمان وحضرموت بأرض مطلة على البحر يقال لها الشحر في اليمن.

يقول الله سبحانه وتعالى: ” واذكر اخا عاد إذ أنذر قومه في الأحقاف” ويعني هود في مكانهم بالأحقاف.

عجائب قوة قوم هود عاد

وكانوا يتفننون في صناعتهم بمساكنهم وكانت أحب المساكن إليهم الخيام، لكنها لم تكن خيام عادية ولكن خيام ضخمة جدا يتفننون بها ويتفاخرون بها.

وقال الله عنهم: ” ألم تر كيف فعل ربك بعاد؟ ارم ذات العماد ” العماد يعني العواميد الضخمة التي كانت بخيامهم.

يقول الله عن تفننهم وصناعتهم : ” ارم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد”.

حيث تفننوا في الصناعة والمساكن والشوارع حتى كانت تروى عنهم العجائب فكانت لهم مساكن السهول يسكنون في الخيام وكانوا يصنعون القصور في الجبال، مع أنهم كانوا يسكنون السهول لكن عبث ولعب.

وكانت لهم شوارع ضخمة في مدنهم حتى يبالغ بعض الرواة أن أسوارهم كانت من ذهب وفضة، والله أعلم.

لكن بالتأكيد الذي جرى في عاد لم يجر في أي مكان آخر، ” لم يخلق مثلها في البلاد ” بلغوا من الحضارة والصناعة الشيء الهائل العظيم.

عاد كانوا قوم من العرب العاربة

وكانوا عربا أي يتكلمون اللغة العربية وهود عليه السلام عربي. جاء ذلك في حديث يرويه ابن حبان في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحدث أبا ذر عن الأنبياء فقال في الحديث: ” منهم أربعة من العرب هود وصالح وشعيب ونبيك يا أبا ذر”.

والعرب الذين جاءوا قبل إسماعيل عليه السلام يسمون العرب العاربة ومن أشهرهم عاد وثمود وجرهم وأميم ومدين وقحطان وغيرهم هذه أشهر القبائل العربية العاربة الذين جاءوا قبل إسماعيل عليه السلام.

أما العرب المستعربة الذين جاءوا بعد إسماعيل عليه السلام من ذرية إسماعيل عليه السلام، وإسماعيل لم يكن عربي ولكنه كان كنعاني لكنه لما وضعه أبوه في مكة وخالط العرب فصار منهم وصار من أفصحهم حتى يقولون كان أفصح العرب ومنهم جاءت فصاحة العرب وفصاحة النبي صلى الله عليه وسلم.

قوم عاد أول من عبدوا الأصنام بعد وفاة نوح

بعد نوح والطوفان والقضاء على البشر في كل الأرض بدء البشر ينتشرون من المنطقة التي سكنها نوح من شمال الشمال جنوب تركيا ومنها انتشر الناس في فلسطين والشام ومنها انتقلوا إلى الجزيرة وعاد وصلوا إلى جنوب الجزيرة.

والجميع كانوا موحدين إلى أن جاءت عاد وسوس لهم الشيطان مع تطاول المدة فشرعوا يعبدون الأصنام مرة أخرى.

فهم أول من عبد الأصنام بعد الطوفان قوم عاد، رغم أن الله أمدهم بالضخامة، وجاء ذلك في القرءان ويصفهم المفسرون أنهم بيض طوال ضخام، فآدم عليه السلام كان ستين ذراع في السماء، أما عاد فكانوا بهذا الطول تقريبا.

قوم عاد كانوا ضخام طولهم يصل لستين ذراعا

يقول الله عن ذلك في الكتاب: ” واذكروا اذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة، فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون”.

عاد حكمت بعد نوح عليه السلام، وزادهم في الخلق بسطة اجسامهم ضخمة ووصف الله سبحانه وتعالى الحضارة والتطور العمراني على لسان هود حيث قال: ” أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ” الريع هو المكان المرتفع والآية المعجزة الشيء العجيب، فكانوا يصنعون القصور على رؤوس الجبال، فيقول لهم أنتم تسكنون السهول وتصنعون القصور على رؤوس الجبال من أجل اللعب.

“أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ”. والمصانع قيل أماكن الصناعة وقيل عنها مآخذ المياه مصارف المياه وقيل عنها أنها  القصور الضخمة.

عاد تتكبر على البشر وتكفر بالله

” (129) وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ” وصلت بهم القوة أنهم مسيطرين على كل البشر في ذلك الوقت.

” (130) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (131) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134)” أي أنهم كانوا يمتلكون كل أسباب الحضارة والنعيم لكنهم لم يحمدوا الله سبحانه وتعالى.

يقول الله: ” فأما عاد فاستكبروا بالأرض بغير الحق ” أي لما وصل عندهم هذا الأمر وسيطروا على البشر بدءوا يتكبرون، بدلا من حمدالله عصوه ودائمًا الكبر هو أساس البلاء منذ معصية ابليس عليه لعنة الله.

بعثة نبي الله هود إلى قوم عاد

” وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون، قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين، قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين، أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم، واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوع وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون”.

ذكرهم بالنعم العظيمة لكنهم ضلوا وظل هود عليه السلام يدعوهم فقال لهم أنهم يعبدون الأصنام ويشركون بالله، وأمرهم بالاستغفار والتوبة حتى ينعم عليهم بالمطر ويزيدهم قوة إلى قوتهم.

فدعاهم ودعاهم وماذا كان رد عاد ؟

بدء يسخرون منه كما سخر قوم نوح من نوح فقالوا له أنت سفيه وقالوا له إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء يعني بعض الأصنام أصابك بالضرر، وقالوا لهم كذلك أنهم يكذبون بالآخرة بسبب ترفهم في الحياة الدنيا ( وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون ولئن أطعتم بشرًا مثلكم إنكم إذًا لخاسرون أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون هيهات هيهات لما توعدون إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين).

رفض عاد الابتعاد عن عبادة الاصنام بالاضافة لرفضهم الوعظ للعودة لدين الله

ووصلوا إلى مرحلة حيث قالوا : ” قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين. إن هذا إلا خلق الأولين. وما نحن بمعذبين”. فأصروا إصرار كامل على التكذيب ولما وصلوا لهذا الأمر تحداهم قال لهم : ” قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون” نفس القولة التي قالها نوح لقومه، تحداهم بأن يجمعوا أنصارهم ولا تعطوني مهلة ( لا تنظرون) ثم دعا الله سبحانه وتعالى ” قال ربي انصرني بما كذبون”.

قال عز وجل: ” عما قليل ليصبحن نادمين”.

عقاب الله يحل على قوم عاد بالريح

كيف عاقب الله قوم عاد ؟ عذبهم الله سبحانه وتعالى بالريح، وهي رياح ليس كمثلها في التاريخ وانقطع عنهم المطر وبدأت الثمار تموت والأشجار تموت وبدء يطمعون في المطر ويطمعون وفي يوم من الأيام حينما أراد تعذيبهم الله إذ أقبلت سحابة سوداء عليهم.

فلما رأوا المطر عارضا مستقبل أوديتهم، قالوا هذا عارض ممطرنا، جاءت الغيوم وفيها المطر.

يقول الله: ” بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم، تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يُرى إلا مساكنهم” دمرت الريح كل شيء ومصانعهم وما بقى عندهم إلا المساكن التي كانوا نحتوها في الجبال.

” كذلك نجزي القوم المجرمين” ووصف الله سبحانه وتعالى هذا التدمير بآيات كريمات فقال: ” وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم ” تفتت كل شيء فالرميم هو الرماد، التراب المكسر فدمرت كل شيء.

ويقول تعالى: ” كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر؟ إنا أرسلنا عليهم ريح صرصر في يوم نحس مستمر تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر” أعجاز النخل: جذوع النخل، منقعر: ليس لها رأس أي نخلة بدون رأس.

كانت الريح تأخذ الواحد منهم على ضخامته فتطير به فتدقه في الأرض فينفصل رأسه عن جسمه ويترك جسدا بدون رأس ” كأنهم أعجاز نخل منقعر فكيف كان عذابي ونذر”.

“وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتيًا سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسومًا” حسمت الأمر والحسم القطع أي قطعت الأمر قطعا ” فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية”.

ونجا الله سبحانه وتعالى هود، فكانت الريح تصيبهم كلهم إلا المكان الذي يتواجد فيه هود ومن معه، قيل كان في حظيرة ومعه بهائم وحيوانات، ومن آمن به وكل شيء حوله يتحطم ولم يمس المؤمنين شيئًا فسبحان القادر عز وجل.

فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۖ وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72) سورة الأعراف.

ويقول تعالى : وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (58) وَتِلْكَ عَادٌ ۖ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (59) وَأُتْبِعُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ ۗ أَلَا بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ. ( سورة هود.

وكانت هذه نهاية عاد وعاش المؤمنون في هذا المكان ومات هود عليه السلام ودفن في حضر موت، ومرت الأيام وعاد الناس مرة أخرى إلى الكفر بوسوسة من إبليس اللعين، وجاء هذه المرة نبي الله صالح عليه السلام.

إرسال هود إلى قوم عاد

أرسل الله عز وجل هود عليه السلام إلى قوم عاد الذين سكنوا الأحقاف واتصفوا بالأجسام القوية والبنيان الشديد، وكان عليه السلام يدعوهم لترك عبادة الأصنام التي يعبدونها من دون الله، وما كان منهم إلا أن رفضوا رسالة نبي الله ولكنه استمر في رسالته، وهو ما سنوضحه في السطور التالية.

من هم قوم عاد

سيدنا هود عليه السلام هو هود بن رباح بن عاد بن عوض بن سام بن نوح، وقوم عاد سكنوا اليمن وبالأخص الأحقاف ( جبل الرمل )، وكانوا قوم عابدين لله ولا يشركون به شيئاً وأعطاهم الله من فضله ومنحهم الخيرات بأموالهم وأعمالهم وأجسادهم وأصبحوا أصحاب الخلافة بالأرض بعد قوم نوح عليه السلام ” واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح

ومنحهم الله من متاع الدنيا الكثير حيث بناء المصانع و تربية المواشي ” ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد “، وما كان العطاء إلا اختبار من الله ليعلم خالقهم هل يرجعوا الفضل والقدرة له؟ أم لأنفسهم؟ وبالفعل رجعوا عن عبادته وانحرفوا عن الطريق القويم والعقيدة السليمة وعبدوا الأصنام.

وبالفعل بدأ سيدنا هود في دعوة قومه مبرراً أن الأحجار التي يسجدون لها لا نفع منها وعليهم العودة إلى عبادة ربهم الخالق الواحد المحي المميت، واستكمل هود قائلاً أن الاستغفار والتوبة جزائهم من الله زيادة في الخيرات و الأمطار والقوة والعزة بين الخلق.

يذكر التاريخ أن قوم عاد أول قوم عبدوا الأصنام بعد قوم نوح عليه السلام وسخروا من نبي الله هود وكذبوا دعوته وما كان منه إلا أن خاطبهم بالصبر واللين وقال الله تعالى ” أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطه “

معجزة هود عليه السلام في قومه

نبي الله هود دعا قوم أقوياء شداد منحهم الله كل متاع الدنيا، ولكنهم لم يستطيعوا إيذاءه على الرغم من مقدرتهم، ولم ينزل على نبيه كتاب كالتوراة والإنجيل و القرآن الكريم ، ويرى العلماء أن ذلك إعجاز لكون هود منفرد بين قوم جبابرة يريقون الدماء وهو يحقر ما يعبدون ويدعوهم إلى عبادة الله، ولكنهم كفروا وسبوا واتهموا النبي هود ولكن لم يتعرضوا له بالإيذاء ” قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين “.

موقف الملأ من دعوة هود

تواجد الملأ بكل قصص الأنبياء أمر غير مستغرب لأنهم يتحدثون من موقع الترف والغنى ” وأترفناهم في الحياة الدنيا ” والحرص على المصالح الخاصة وإغفال مصالح الأفراد العاديين، لأن الرياسة تولد الكبرياء ويقولون فيما بينهم كيف نولي علينا من هو أفقر منا؟ وكيف نولي علينا من يشرب ويأكل أقل منا؟ كيف نطيع بشر مثلناً بل هو أقل منا؟.

وهذا الأمر نراه إلى يومنا هذا أصحاب المصالح لا يريدون الخير لمن حولهم وهو ما يفسد المجتمعات ويجعل الخلق طبقتين طبقة عليا وطبقة أدنى مما نتخيل في الفقر والقهر والجهل، وبمجرد ظهور شخص مصلح ومجاهد بالمجتمع نجد الحرب شبت حوله وربما تم الفتك به.

ما هي أعمار الأنبياء

هلاك قوم عاد

حذر النبي هود قومه متوكلاً في كل كلمة يلفظ بها على الذي خلقه وأدرك أن العذاب أتي لا محالة لأنها سنه الله يعذب الذين كفروا مهما كانت قوتهم وكثرة أموالهم، مبدأ الجفاف في الأرض وامتنعت السماء عن المطر وسأل قوم عاد ما هذا الجفاف يا هود؟ فقال الخالق غاضب عليكم فسخروا منه وازداد كفرهم وعنادهم.

أصفرت الأشجار ومات الزرع وظهرت سحاب بالسماء فرح بها قوم عاد ظناً منهم أنها مؤشر الأمطار ” هذا عارض ممطرنا ” ولكن هيهات لأنه جزاء ما فعلوا وبدأ الجو يتغير من درجات الحرارة العالية ألى أقصى انخفاض و الرياح كانت شديدة لا تبقي شيئاً بدون رعشة الرجال والنساء والنخيل والأشجار، واستمر الحال لمدة سبع ليال وثمانية أيام والرياح تمزق كل شيء الخيام والأغطية وحتى الأجساد وجعلت قوم عاد كالرميم.

لم يبقى منهم سوى نبي الله هود ومن أمن معه وأصبح الجبابرة الأقوياء الأغنياء مجرد غلاف فقط يتطاير بالهواء إذا لمسته يد.

ولمن يريد الاطلاع على معجزة هلاك قوم عاد يقرأ الآيات التالية بالمصحف الشريف ( الحاقة من الآية 6-8 )، ( الأحقاف من الآية 24-25 )، ( سورة هود الآية 58 )، ( سورة فصلت الآية 16 )، ( سورة الأعراف الآية 72 ).

بحث عن قصص الأنبياء

أرسل الله تعالى الرسل والأنبياء إلى الناس حتى يعلموهم الرسالات السماوية والأديان ويعرفوهم بوجود الله سبحانه وتعالى، وكذلك لتوضيح كيفية عبادة الله سبحانه وتعالى، وكل نبي من هؤلاء الأنبياء والرسل كانت له قصة تعتبر من المعجزات التي تبين صدق كلامهم، وتدل على وجود الله سبحانه وتعالى.

الأنبياء

في البداية يجب أن نفرق بين الأنبياء والرسل، لأن الرسول هو يجب أن يكون نبيا، أما الأنبياء فلا يقتضي أن يكونوا رسل.

الأنبياء هم الذين أوحى الله لهم  بوجود الله وشرعه، ولكن لم يأمرهم بأن يبلغوا هذا الشرع إلى الناس، بينما الرسل هم المكلفون من الله تعالى بتبليغ الرسالة.

النبي قد يكون آت بشريعة من قبله من الأنبياء والرسل، وليس بالضروري أن يأتي بشريعة جديدة من عند الله.

الدين عند الله تعالى هو واحد فقط وهو الدين الإسلامي، بينما الشرائع تتعدد لأن لكل قوم شريعة خاصة بهم، وهذا قبل ظهور الإسلام.

نبي الله نوح

قصص الأنبياء

قص الله عز وجل على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بعض من قصص الأنبياء السابقين في القرآن الكريم، وخاصة الذين كانت لهم سيرة عظيمة وأحداث كثيرة وعظيمة مثل، سيدنا موسى عليه السلام، سيدنا إبراهيم عليه السلام، سيدنا يونس عليه السلام، سيدان صالح، سيدنا هود، وغيرهم من الأنبياء الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم.

﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ﴾[غافر:78]

﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾[الرعد:38].

قصة سيدنا آدم

هو أول الأنبياء الذي أرسله الله تعالى إلى الناس هو سيدنا آدم أبو البشر أجمعين،

وقد كان آدم عليه السلام يسكن هو وزوجته السيدة حواء الجنة، وقد أمرهما الله تعالى أن يأكلا من أي مكان في الجنة ماعدا شجرة واحدة فقط، لكن الشيطان أغواهما وجعلهما يأكلان من هذه الشجرة، فعصوا الله تعالى لهذا أنزلهم الله من جنته إلى الأرض.

 وقد أرسل الله تعالى سيدنا آدم وهو زوجته السيدة حواء إلى الأرض حتى يعيشوا فيها ويعمروها، وقد كان أول نسل سيدنا آدم هم قابيل وهابيل، وكان قتل قابيل لهابيل هي أول جريمة قتل على الأرض.

قصة سيدنا إدريس

من الأنبياء أيضًا هو سيدنا إدريس عليه السلام الذي رفعه الله إلى السماء الرابعة في رحلة الإسراء والمعراج، وكان سيدنا إدريس أول من خط بالقلم، وهو أول من أوتي النبوة من البني أدمين.

ذهب بعض الصحابة أن سيدنا إدريس عليه السلام وهو إلياس وهما أسمان لنبي واحد.

يقول ابن كثير في قصص الأنبياء:

((إدريس  قال البخاري ويذكر عن ابن مسعود وابن عباس أن إلياس هو إدريس واستأنسوا، في ذلك بما جاء في حديث الزهري عن أنس في الإسراء أنه لما مر به عليه السلام أي بإدريس قال له مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ولم يقل، كما قال آدم وإبراهيم مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح قالوا فلو كان في عمود نسبه لقال له كما قالا له)).

قصة سيدنا نوح

ومن قصص الأنبياء الشهيرة قصة سيدنا نوح عليه السلام الذي لقب بأنه أبو البشر الثاني، الذي كان يعمل نجار، وقد أمره الله تعالى أن يصنع سفينة حتى ينقذ أهله عبدة الأصنام من الغرق، ولم ينجى من الغرق إلا من آمن بسيدنا نوح عليه السلام.

وركب مع سيدنا نوح في سفينته زوجين اثنين من كل صنف من النباتات والحيوانات وكل شيء حي من ذكر وأنثى حتى يعمروا الأرض، بالإضافة إلى من اتبعه من قومه، وبالفعل نجى من ركب مع سيدنا نوح وغرق باقي قومه العاصيين، ولهذا سمي أبو البشر الثاني.

قصة سيدنا هود

ومن القصص الشهيرة سيدنا هود عليه السلام، وكان قوم سيدنا هود يسكنون في الأحقاف، وأرسله الله تعالى حتى يدعوهم إلى الإسلام فكذبوا فأرسل عليهم صرصرا عاتية، لمدة سبعة ليالي وثمانية أيام حتى هلك قوم هود أجمعين.

قصة سيدنا صالح

أرسل سيدنا صالح إلى قوم ثمود الذين كانوا في منطقة الحجر في تبوك، وقد أتى قومه حتى يعبدوا الله، لأن قومه كانوا يعبدون الأصنام ولكنهم لم يصدقوه، واتهموه بالجنون لأنه يريدهم ترك عبادة الأصنام، ولكن صدقت طائفة قليلة منهم، والطائفة التي لم تصدق قتلت الناقة الخاصة بسيدنا صالح، واستهزئوا به، لكن الله تعالى أرسل عليهم غضبه ومات الزرع واشتدت الرياح من السماء التي دمر كل شيء، فتوجهوا إلى الأصنام يطلبوا منها إزالة هذا البلاء عنهم، ولكن هيهات فهي اصنام.

بعدها توجه سيدنا هود بالدعاء لله تعالى  برفع البلاء عن قومه حتى أنهى الله هذا العذاب وهدأت الريح بسبب دعوات سيدنا هود عليه السلام.

قصة سيدنا يونس عليه السلام

بعث الله تعالى سيدنا يونس عليه السلام إلى أهل نينوى في أرض الموصل، وقد دعا قومه إلى توحيد الله، فكذبوه، فخرج من عندهم وانذرهم بعذاب الله.

وركب سيدنا يونس مع قومه في سفينة في البحر، فلما هاج الموج وتمايلت السفينة قرر قومه بإلقائه في البحر، وبالفعل ألقوا به والتقفه حوت أرسله الله تعالى إلى سيدنا يونس.

وظل سيدنا يونس في بطن الحوت حوالي ثلاثة أيام وقد سمع الكثير من الأصوات، وأخبره الله تعالى أن هذه الأصوات هي صوت تسبيح الكائنات في البحر، ورجع سيدنا يونس إلى قومه بعد أن دعا الله تعالى واستجاب له في دعائه.

أما بالنسبة لقومه فقد قذف الله في قلوبهم التوبة، ولهذا فقد مكث سيدنا يونس معهم بعد عودته، ولكن بعد أن كفروا مرة أخرى بالله، أنزل الله عليهم العذاب الأليم.

قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام

أرسل الله تعالى سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى قومه حتى يمنعهم من عبادة الأصنام، وقد قام بتحطيم الأصنام الخاصة بهم، وعندما علم القوم ذلك سألوه فقال لهم أسألوا كبيرهم، لو كان ينطق.

فقاموا أهل سيدنا إبراهيم بحرقه في النار، لكن الله تعالى أمر النار أن تكون باردة عليه، ولا تؤذيه.

كما أن هناك قصة أخرى ذكرت عن سيدنا إبراهيم في القرآن الكريم، عندما طلب منه الله تعالى أن يذبح ابنه إسماعيل، فأخبر سيدنا إبراهيم ذلك إلى ولده، وعلى الفور قال له سيدنا إسماعيل أن يطيع ربه، وعندما نوى سيدنا إبراهيم بالفعل لقتل ولده، فداه الله بذبح كبش عظيم، ولهذا أصبح الفداء في عيد الأضحى من سنة المسلمين.

قصة سيدنا عيسى عليه السلام

ومن القصص العظيمة قصة سيدنا عيسى عليه السلام التي كانت ولادته في حذ ذاتها هي المعجزة، لأن السيدة مريم حملت في نبي الله عيسى دون أن يمسها رجل، فقد بث الله في روحها سيدنا عيسى عليه السلام.

وعندما حزنت السيدة مريم وبكت من ظلم قومها نطق نبي الله عيسى وهو في المهد وقال لها أن لا تحزن، وأخبرها بأن الله تعالى أرسله رسول لنقل الدين المسيحي وأوصاه ربه بالصلاة والزكاة، وأن يكون بار بالسيدة مريم.

وأراد قومه أن يعذبوا سيدنا عيسى وأن يحرقوه ويصلبوه، فرفعه الله تعالى حي إلى السماء، وهم توهموا أنهم أحرقوا وصلبوا ولكن ذلك لم يحدث.

قصة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

وأعظم الانبياء والرسل وخاتم الأنبياء جميعا هو سيدنا محمد الذي أمرنا باتباع دين الإسلام لأنه هو الدين الأساسي الذي لا دين غيره  كما قال تعالى في كتابه الكريم ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾[آل عمران:19].

لقد صارع سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لمدة 23 عام مع الكفار في نشر الدين الإسلامي ويواجه الكثير من الغزوات والحروب حتى يقوم بنشر الدين الإسلامي، ونشر القرآن الكريم الذي يعتبر من معجزات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.