1- قصة سيدنا ادم عليه السلام

99

1- قصة سيدنا ادم عليه السلام

آدم عليه السلام هو أول مخلوق على وجه الأرض وأول انسان كرمه الله ونفخ فيه من روحه، وكان آدم نبي من أنبياء الله تعالى، ويمثل بنيه على مر التاريخ إلى أن يرث الأرض وما عليها بكل نوازع الانسان ( في قوته ونسيانه وقلّة عقله)، وفي السطور التالية سنحكي قصته بصورة تفصيلية.

ما الذي كان موجود قبل خلق الكون ؟

كان الله ولم يكن قبله شيء وأول ما خلقه كان القلم ثم اللوح المحفوظ فكتب القلم عليه ثم بعد ذلك جاء خلق الخلائق وخلق السماوات والأرض وإلى ما ذلك.

متى خلق آدم عليه السلام؟

أما ترتيب خلق المخلوقات فوفق للأحاديث النبوية أن الله خلق التربة يوم السبت وخلق الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروب ( الأذى والجراثيم ..إلخ) يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث الدواب يوم الخميس، وخلق آدم عليه السلام بعد العصر يوم الجمعة فكان هو آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر والمغرب.

خلق الملائكة والجن وابليس

خلق الله سبحانه وتعالى قبل آدم الملائكة وهي كائنات نورانية تسبح بحمد الله وتستغفره دائمًا، وجاء في الحديث الصحيح أن الملائكة خلقت من نور وخلق الجان من نار وخلق آدم مما وصف لهم.

وجاء بعد خلق الملائكة خلق الجن من مارج من نار ( طرق اللهب )، وفي القرءان الكريم يقول ابليس : ” خلقتني من نار ” ويقول الله: ” والجان خلقناه من قبل من نار سموم ” وهذا أصل خلق الجن، وابليس لعنه الله من الجن، وجاء في الآية : ” إن ابليس كان من الجن”، ويقول الحسن البصري لم يكن ابليس من الملائكة طرفة عين.

من كان يسكن الأرض قبل آدم عليه السلام ؟

كان الجن يسكن الأرض فسفكوا الدماء، فبعث الله إليهم جند من الملائكة فاتلتهم قبل خلق ادم بالفين عاما، وطردوهم إلى جزائر البحور، وهذه مراكز الجن الرئيسية في تلك الأماكن وجاءت الأحاديث الشريفة تشير إلى أن ابليس له عرش ( رئيس الجن ) وعرشه على الماء في مكان ما على الأرض.

رسالة آدم عليه السلام

يقول الله سبحانه وتعالى “وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون”.

وتبدأ القصة في خلق آدم قبل خلقه بحوار سماوي عظيم بين الرب سبحانه وتعالى والملائكة عليهم السلام كما جاء في القرءان الكريم: ” وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة”. أي مخلوقات تتكاثر في الأرض واحد تلو الآخر، وتحكم الأرض وتعمرها.

والجن أقل شأن من أن يعمروا الأرض، وأقل عقلا من أن يعمروا الأرض، يقول العلماء عن الجن: ” أعقلهم بعقل صبي عمره 10 سنوات”.

وتساءلت الملائكة : ” أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون”.

والملائكة لم تقل ذلك على وجه الاعتراض، فالملائكة لا تعصي الله عز وجل بل عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ولقد قالوا ذلك على وجه الاستفسار بعدما رآوا من صنع الجن في الأرض بعدما أعطاهم الله الخيار لذلك خافت الملائكة من أن يفسد في الأرض بنو البشر.

وخاف الملائكة من أن يكونوا قصروا في عبادة الله عز وجل ولذلك جاء في كلامهم ” ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ” يعني وكأنهم يقولون هل قصرنا؟!

ورد الله على الملائكة قائلًا: ” إني أعلم ما لا تعلمون “.

وهنا تحدثت الملائكة بينهم وقالوا يخلق ربنا ما شاء، فلن يخلق خلقا إلا كنا أكرم على الله منه وأعلم.

مما خلق آدم عليه السلام ؟

ولما أراد الله خلق آدم أمر بتربة من الأرض فرفعت إليه، وفق الحديث الصحيح، أن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض بواسطة الملائكة، فجاء بنو آدم على قدر الأرض جاء منهم الأبيض والأحمر والأسود ويبن ذلك، وجاء منهم الخبيث والطيب والسهل والحزن وبين ذلك فاختلاف البشر في أشكالهم وألوانهم وطبائعهم هو أصل اختلاف الأرض بخلقتها.

وفي البداية كان بني ادم تراب ثم طينا، ويقول الله : ” وإذ  قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين”، والطين هو التراب المبلل ثم بلت الطين أكثر فبدأ هذا الطين يتلاصق ثم شكله الله سبحانه وتعالى بيديه الكريمتين عز وجل، وجاء هذا في الآية : ” بما خلقت بيدي ” ولم يوكل الله خلقه للملائكة وإنما بنفسه عز وجل فشكله في صورة تمثال وترك هذا الطيبن مدة، فصار صلصال أسود مصور كالفخار، ثم ترك حتى صار صلصال، واسود لونه مع جفافه فصار كالحمأ  المسنون ( أي الأسود الذي يوجد به آثار الرماد).

يقول الله سبحانه وتعالى: ” ولقد خلقنا الانسان من صلصال من حمأ مسنون “.

وفي الحديث الشريف ترك الله آدم ولم ينفخ فيه الروح، ولما رأى ابليس خلق آدم الأجوف عرف أنه خلق لا يتمالك أي ليس به قوة وفارغ من الداخل، ثم إن الله سبحانه وتعالى خلقه بهذه الصورة فصلت الأحاديث ما فعله معه ابليس.

معزات سينا داود عليه السلام

شكل آدم عليه السلام بعد الخلق؟

الأحاديث النبوية تقول أن الله خلق آدم وطوله ستون ذراعا، فمازال الخلق ينقص منذ ذلك الزمان، وأهل الجنة كلهم في طول آدم يدخلون الجنة بهذا الطول إن شاء الله.

ومرت الملائكة على آدم وهو مخلوق من صلصال وفزع ابليس من صلصلة الجسد لأنه فخار فيقول ابليس: لأمر ما خلقت. ثم يدخل من فمه ويخرج من مؤخرته فقال للملائكة لا ترهبوا من هذا لئن سلطت عليه لأهلكنه، ولإن سلط علي لأعصينه.

تعجب ادم من خلق ادم ومن اولها وقعت العداوة عنده ضد آدم عليه السلام، ثم نفخ الله تعالى الروح في آدم.

نفخ الروح في جسم آدم الصلصال وتحوله للصورة البشرية الحالية

في الحديث عن تفصيل نفخ الروح في آدم عليه السلام فلما نفخ فيه الروح ودخل الروح في رأسه فعطس، فقالت الملائكة قل الحمد لله، فقال الله عز وجل رحمك ربك، أي قبل أن تكتمل الروح في آدم نزلت عليه الرحمة، فلما دخلت الروح في عيني آدم عليه السلام، فنظر إلى ثمار الجنة فلما وصلت الروح إلى جوفه اشتهى الثمار، وقبل وصول الروح إلى رجليه اشتهى اطعام فوثب، وقبل بلوغ الروح رجليه تعجل إلى ثمار الجنة. ومسح الرب على ظهر آدم فخرج من ظهريه ذريته إلى يوم القيامة.

الله يأمر الملائكة وإبليس بالسجود آدم

هل تعلم عن معجزات الانبياء

ولما خلق الله آدم أمر الملائكة وإبليس بالسجود إلى آدم وكان آدم في منزلة الملائكة ولم يكن منهم، يقول الله: ” ولقد خلقناكم وصورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا ابليس لم يكن من الساجدين قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك؟ قال أنا خيرٌ منه خلقتني من نار وخلقته من طين”.

ولما عصى ابليس رد عليه الله بعقوبة اخراجه من الجنة: ” قال فاهبط منها فما لا يكون لك ألا تتكبر فيها إنك من الصاغرين. قال انظرني إلى يوم يبعثون. قال إنك من المنظرين. قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم، ثم لآتيانهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين. قال اخرج منها مذمومًا مدحورًا لمن تبعك منهم لأملئن جهنم منهم أجميعن”.

المعصية الأولى في العالم كانت لـ إبليس

وفي آيات أخرى يحكي الله عز وجل رد فعل ابليس حينما خلق الله آدم وأمر بالسجود له : ” وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65) رَّبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (66)”.

آدم كان عالما وأكثر علما من الملائكة

لما وقف آدم بعد نفخ الروح فيه قال الله تعالى له ائت هذا النفر من الملائكة فذهب إليهم وقال ( السلام عليكم ) وكان يتحدث اللغة العربية، فقالوا وعليك السلام ورحمة الله، فقال الله له عز وجل هذه تحيتك وتحية ذريتك بينهم.

وفي القرءان الكريم يثبت أن آدم كان رجل عالمًا : ”  وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)”.

يعني أن الله عز وجل عرض الكائنات على الملائكة وسألهم عن اسماءها فلم يعرفوا، فأجاب آدم عليه السلام بالعلم الذي أعطاه الله له، وبالتالي أكد الله لهم أن آدم أعلم منهم وأكرم منهم وكان السجود له سجود تكريم وليس سجود عبادة.

آدم يعيش في الجنة وحيدًا فيخلق الله له حواء

عاش آدم عليه السلام في الجنة ولكنه شعر بالوحدة، واصابه الضجر وفي أحد الأيام بينما هو نائم أخذ الله سبحانه وتعالى ضلعا من أضلاعه من جهة اليسار فشكل منه أول أنثى بشرية وهي حواء، فلما أفاق آدم عليه السلام وجد بجواره حواء فسألها : ” مَن أنتِ ؟ ” فقالت: ” امرأة”، فقال : ” لما خلقتِ ؟ ” قالت : ” لتسكن إليّ”.

فسأل الملائكة آدم: ” ما اسمها ؟ ” فقال : ” حواء “، قالوا: ” لما سميت حواء؟ ” قال لأنها خلقت من شيء حي.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” واستوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه إن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج”.

وحواء كانت أجمل امرأة خلقت من النساء في العالم أجمع.

وسواس ابليس لـ آدم من أجل معصية الله

سكن ادم عليه السلام الجنة وأتاح له بأن يأكل ويعيش حياة مترفة هو وزوجته حواء لكن محظور عليهما تناول شجرة معينة، وحذر الله سبحانه وتعالى آدم من أن ابليس عدو له ولزوجته ويريد أن يخرج آدم وحواء من الجنة التي لا يجوع فيها ولا يعرى، ولا يعطش ولا حتى بمقدمات العطش.

وعندها بدأت وسوسة ابليس لآدم، وكان مسموح لإبليس أن يدخل الجنة من أجل الوسوسة، وهذه الوسوسة تمت بأن يطمعهما بأن هذه الشجرة هي شجرة الخلد والملك، ولما أكلا من الشجرة سقطت ملابسهما وظهرت عوراتهما، واستحى آدم واستحت حواء فالتعري يخافه بنو البشر، فأسرعا يقطعون ورق الجنة ويضعونه على جسمهما وفر آدم وبدأ يجري، وهنا ناداه الله  عز وجل وقال له : ” يا آدم أتفرّ مني ؟ فقال لا يا رب ما فررت منك ولكن استحياء أن تراني بهذا الحال عاري وعاصي”.

حواء تأكل من الشجرة أولا وتطمع آدام

وأول من أكل من الشجرة حواء وهي من طمعت آدم ليأكل من الشجرة ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ” لولا حواء لم تخن أنثى زوجها”، فهي التي جعلته يعصي.

وقال لهما الله أنه نهاهما عن أكل تلك الشجرة، فاستغفروه فغفر لهم بعدما قالوا : ” ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين”، لكن قرر أن ينزلوا الأرض ويعيشون فيها.

وآيات القرءان الكريم تشرح ذلك:

وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22)

وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (36) فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)

نزول آدم وحواء إلى الأرض في الهند

نزل آدم في الهند ونزلت حواء في جدة واجتمعا في عرفات بمكة المكرمة ثم بث الله عز وجل البشر، ويروي الطبري أن حواء ولدت لآدم أربعين ولدًا في كل بطن ذكر وأنثى، أولهم قابيل وأخته كليما، وآخرهم عبد المغيث وأخته أم المغيث.

وبدأ البشر يكثرون ويتناسلون وكان نبيهم آدم عليه السلام هو كان الذي يعلمهم الدين وكانوا جميعهم موحدين فكان الناس أمهم واحدة ولم يكن بهم أي مشرك.

يقول النبي أن أول الرسل آدم، ونبي مرسل خلقه الله بيده ثم نفخ فيه من روحه ثم كلمه قبُلا ( أي بدون واسطة أو وحي).

وحينما هبط آدم من الجنة إلى الأرض علّمه صنعة كل شيء بالتالي نزل عالما ومكسي ويعرف طرق الصناعة الرئيسية ( صناعة الحديد والنار والخشب والمنسوجات وغيرها ) من أول الخلق على عكس ما يقوله البعض.

عمر ادم عليه السلام

عاش آدم ألف عام ورأى من أحفاده أعداد هائلة قد تصل إلى 400 ألف، ومن أوائل أبناء آدم قابيل وذكر الله سبحانه وتعالى قصة قابيل مع أخيه هابيل في كتابه الكريم.

قصة قابيل وهابيل ولد آدم عليه السلام

والقصة أن قابيل كان في طبعه خشونة وشدة وأما هابيل فكان فيه ليونة ورقة وكان قابيل يعمل في الزراعة أما هابيل فكان يعمل في رعي الغنم وهذه المسألة تحتاج رحمة وعاطفة بالحيوان، وكانت البشرية محتاجة إلى قانون مختلف لتتناسل، فاليوم محرم الزواج من الأخت لكن وقت آدم الأمر كان مختلف.

فالشريعة وقتها كان قابيل يتزوج أي أخت من أخواته إلا التوأم التي ولدت معه، وكذلك هابيل كان متاح له الزواج من أي أخت من أخواته إلا التوأم، وكانت أخت هابيل مقربة إليه لكنها كانت أقل جمالا من أخت قابيل فما أحب قابيل أن يزوج أخته الجميلة لأخيه وكان يريد أن يتزوجها ولكن كان ذلك محرم وشدد آدم على ذلك فكان آدم نبي رسول له شرع وقوانين.

فغضب قابيل من شريعة آدم وكان هناك شريعة تقديم القرابين وهي كانت هدية تهدى إلى الله سبحانه وتعالى وهي ذبيحة توزع على الفقراء أو الطيور، وكانت لهم علامة بقبول القربان وهو أنه تأكله النار والذي لا تأكله النار غير مقبول ( أي تأتيه صاعقة أو لا تأتيه).

وفي يوم تقديم القرابين اختار هابيل أفضل المواشي عنده وقدمه قربان لله سبحانه وتعالى، أما قابيل فجاء بزرع نتن وقدمه قربانا فلما جاءوا في اليوم الثاني وجدوا أن قربان هابيل قد قبل وقربان قابيل لم تمسه النار فازداد حنق قابيل على هابيل، وسوس له الشيطان فقال له اقتل أخاك، فعزم على ذلك.

أول جريمة قتل في التاريخ البشري

فذهب قابيل إلى هابيل وقال أنا سأقتلك فرد عليه هابيل وقال إنه لو قتله لن يقتله ولن يدافع وستكون مع آثامك التي تفعلها ستزداد اثما بقتلك لي فتتحمله، وفعلا في ليلة سوداء بينما كان هابيل نائما جاء قابيل بصخرة فهشم بها رأس أخيه.

احتار قابيل ماذا يفعل بأخيه لأنها كانت المرة الأولى التي يموت فيها أحد من بني البشر، ثم حمل جثة هابيل على ظهره وبدأ يمشي ولا يعرف ماذا يفعل؟ وبينما هو كذلك إذ أنزل الله سبحانه وتعالى غرابين فتقاتلا الغرابان فقتل أحدهما الآخر ومات الغراب أمام نظر قابيل ثم الغراب الحي بدأ يحفر بالتراب ودفع بجثة الغراب الميت ودفع عليه التراب، فتعلم قابيل من التراب كيف يدفن أخاه، فحفر في الأرض ووضع هابيل في التراب ووضع عليه التراب.

وأصبح قابيل نادمًا كيف فعل ذلك ولم يستغفر الله سبحانه وتعالى، والتوبة النصوح تحتاج طلب المغفرة من الله سبحانه وتعالى.

القصة مذكورة في سورة المائدة: ” وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)”.

قابيل يهرب مع زوجته بعيدا عن آدم

بعدما قتل قابيل هابيل هرب من أبيه آدم وأخذ زوجته وعاش في السهول، وكان آدم يعيش بالقرب من الجبال.

وانقطع قابيل عن آدم وبدأت تتناسل ذريته وانتشرت بينهم الفواحش، وما عبدوا إلى الله لكنهم خالفوا التعاليم التي يقولها آدم، وحل الفساد في بني قابيل.

وانقسم الناس صنفان أهل الشر ما قابيل وأهل الخير مع آدم وأبناءه وعاش آدم 960 سنة وكان عمره ألف سنة ولكن أخذ من عمره 40 سنة في أحاديث نبوية كثيرة صحيحة أنه لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها سبحانه من ذرية آدم إلى يوم القيامة وجعل بين عيني كل انسان منهم وبيصا من نور ثم عرضهم على آدم فقال أي ربي من هؤلاء فقال هؤلاء ذريتك فرأى رجلا من بين هذه الذرية

فأعجبه وبيص ما بين عينيه فقال أي ربي من هذا قال هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داوود قال ربي وكم جعلت عمره؟ قال ستين سنة قال أي ربي زده من عمري 40 سنة فالله بقدرته فعل ذلك، فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت فقال لملك الموت أولم يبق من عمري 40 سنة قال أولم تعطها لابنك داوود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فجحد فجحدت ذريته، ونسى  فنسيت ذريته وخطأ آدم فخطئت ذريته. أي أن آدم لم يفعل ذلك عمدا ولكنه نسى ولذلك سمى ( إنـسان ) لأنه كثير النسيان.

وفاة آدم عليه السلام

ومات آدم عليه السلام ولقصة دفنه قصة ذلك أنه قبل أن يموت عهد إلى شيث ابن آدم الذي رزقه الله سبحانه وتعالى بعد مقتل هابيل، وشيث معناها هبة الله، بعدما حزن عليه ادم حزن شديد، وفي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أنزل مئة صحيفة وأربعة صحف ( أي عدد الصحف المرسلة من الله 104 ) أنزل منها على شيث 50 صحيفة ( يقصد شيث ابن آدم وكانت بها شرائع وتنظيم ) وعلم آدم شيث معظم العلم الذي عنده لكن لم يستطع الحصول على جميع العل.

الملائكة تغسل آدم وتكفنه وتدفنه

وفي الحديث النبوي : ” إن آدم لما حضره الموت قال لبنيه قبل أن يقبض أني اشتهي من ثمار الجنة قال فذهبوا يطلبون له فاستقبلتهم الملائكة ومعهم الأكفان والحنوط ومعهم الفؤوس والمساحي والمكاتل ( يعني ادوات الدفن وتجهيز الميت ) فقالوا لهم يا بني آدم ماتريدون وما تطلبون فقالوا أبونا مريض واشتهى من ثمار الجنة، فقالوا لهم ارجعوا فقد قضى أبوكم ( يعني حان وقت وفاته) فلما رأتهم حواء عرفتهم، فلاذت لآدم فقال إليكِ عني فإني إنما أوتيت من قبلك، خلي بيني وبين ملائكة ربي عز وجل فقبضه ملك الموت وغسلته الملائكة”.

وصلى الملائكة على آدم صلاة الجنازة ودفنته ثم حثوا عليه التراب ثم قالوا لبني آدم يا بني آدم هذه سنتكم.

ومات آدم عليه السلام بعد حياة كلها طاعة لله عز وجل ولم يعصاه إلا مرة واحدة حينما أكل الشجرة ولم يعص الله غيرها أبدًا طيلة حياته على الأرض 960 عاما، وهو أسوة وقدوة.

حواء تموت بعد وفاة آدم بعام واحد

معجزات سيدنا ادم عليه السلام

قصة خلق الله سيّدنا آدم هي قصة خلق البشرية أجمع، فقد كان أول خلق للبشر هو خلق آدم عليه السلام من طين، بصنع يدي الله عز وجل، فبشر الله سبحانه وتعالى الملائكة قائلاً أنه سوف يخلق آدم ويسكنه بالأرض، وتحدث القرآن الكريم عن قصة خلق سيدنا آدم في سورة البقرة، حيث أن الله بشر الملائكة بأنه سوف يخلق البشر و يستخلفهم في الأرض من أجل اعمار الأرض، ولكن الملائكة استغربت ذلك، وقالت كيف سوف تستخلف في الأرض من يفسد فيها، ويقتل ويسفك الدماء، ألا يكفيك تسبيحنا، فأخبرهم الله أنه يعرف أشياء كثيرة هم لا يعرفونها .

وقد توصل العلماء إلى أن هناك من كان يعيش في الأرض قبل سيدنا آدم، وهو مخلوق شبيه بسيّدنا آدم، ولكنه عاش بطريقة همجية ووحشية، وأكثر الفساد والقتل، لذلك عندما استغربت الملائكة أن يستخلف الله أناس في الأرض قال لهم أن سيدنا آدم عاقل وقادر، خلق الله سبحانه وتعالى سيدنا آدم في آخر ساعات من يوم الجمعة، فأرسل جبريل إلى الأرض ليجلب الطين وخلق سيدنا آدم من طين الأرض، نفخ فيه الله من روحه ودبت فيه الحياة،

وعندما فتح آدم عينيه عطس فقالت له الملائكة قل الحمد لله، فقال الحمد لله، فقال له الله رحمك الله، ليجد الملائكة جميعها ساجدة له، ما عدا مخلوق واحد فقط ولم يكن آدم يعرف من هذا المخلوق الذي لم يسجد له، وذكر الله فيما بعد قصة رفض إبليس السجود لآدم وكيف صب عليه الله غضبه نتيجة لذلك .

علم الله سيدنا آدم جميع الأسماء، وكانت الملائكة تسأله عن أسماء الأشياء ويجيب، وعاش سيّدنا آدم في الجنة، وخلق السيدة حواء من ضلع آدم وأسكنهما الجنة ليعيشا فيها، وكما سترهم الله بلباس يواري عورتهما، ولكن أغرهم الشيطان ونزع عنهم سترهم، حتى يصبحوا همجيين مثل من سبقوهم، ولا ينعموا بسكن الجنة، وهنا كانت قصة نزول آدم وحواء من الجنة، عندما أسكنهم الله في الجنة أخبرهم بالابتعاد عن شجرة في الجنة، وألا يأكلا منها، ولكن الشيطان وسوس إليهما أن يأكلا منها،

لعلهما يبقيان خالدين على قيد الحياة إلى الأبد، ولكن عندما أكلا منها غضب الله عليهما غضباً شديداً، وأنزلهما إلى الأرض، وأنزل معهم الشيطان إلى الأرض، ليوسوس لهم حتى يحرمهم من دخول الجنة مرة أخرى، فتوعد الله سبحانه وتعالى بعذاب أليم لمن يستمع إلى الشيطان، كما توعد بأن يملأ بهم جهنم هم والشياطين . العبرة المستفادة من قصة خلق سيدنا آدم هي معرفة السبب الحقيقي وراء خروج سيدنا آدم وزوجته من الجنة ونزولهم إلى الأرض، كما معرفة موقف الشيطان من خلق بني آدم وإستخلافهم في الأرض .