1-ما هي معجزات سيدنا داوود
1-ما هي معجزات سيدنا داوود
تتجلي عظمة الله عز وجل في اياته ومعجزاته وفي كل ما سخره للانبياء حتي تصبح تلك الايات والمعجزات من الادلة والبراهين لوجودية الله عز وجل ولتساعد انبيائه ورسوله لتوصيل رسالتهم التي ارسلو من اجلها وفي السطور القادمة سنقوم بسرد لمعجزات النبي داوود عليه السلام
ولكن قبل سرد هذه المعجزات لابد من التعريف به فالكثير منا لا يعلم نهاية اسماء الانبياء وان النبي داوود من نسل النبي ابرهيم خليل الله فهو داود بن إيشا بن عويد بن باعز بن سلمون بن نحشون بن عويناذب بن إرم بن حصرون بن فارص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عبد الله ونبيه وخليفته في أرض بيت المقدس، ومن المعجزات التي ذكرت في قصة سيدنا داود :
معركة طالوت ضد جالوت
كانت هذه المعركة ضد جالوت فعندما طالوت أصبح ملك على بني إسرائيل وقرر إن يعد الجيش لمحاربة جالوت، فقد أعانه الله بقوة وبمعجزات، فعندما كانو في طريقهم للمعركة وجدوا نهر فأمرهم الله بأن لا يشربوا منه وإذا شربوا فهي غرفة واحدة والذي يأخذ أكثر من غرفة فسوف يخرج من الجيش وبالفعل منهم من اطاعه ومنهم من خلفه وخرجوا من الجيش وتبقي معه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا،
فعندما وصلوا إلى المعركة وجدوا أن جيش جالوت كبير ولكنهم استعانوا بالله عليهم فمن يتوكل على الله فلا غالب له وهنا كان النبي داوود من جيش طالوت فأستأذنه بالقتال ضد طالوت،
وهو في طريقة للقتال لم يأخذ سيف لكي يحاربه بل أخذ عصاه وحجارة وملاعق فسخروا منه جميعهم فعندما اقترب النبي داوود من جالوت فرمي عليه حجر واحد فمات وهنا بدأت المعركة وانتصر طالوت على جالوت فقال الله تعـالي
: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۚ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ۚ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم ملاقون اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ(٢٤٩)
وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ(٢٥٠) فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ(٢٥١)}
الحكمة وفصل خطاب من صفات نبي الله داود
وهبه الله العقل والحكمة وحسن التصرف والحكم بالعدل بين الناس فكان يستمع إلى المتنازعين بصبر وحكمة ولكن كان في قصة سيدنا داود والنعاج اختبار من الله له فقال تعالى: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ}[ سورة ص: ٢٠] قوله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ(٢١)إِذْ دَخَلُوا على دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ ۖ قَالُوا لَا تَخَفْ ۖ خَصْمَانِ بغى بَعْضُنَا على بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تشتط وأهدنا إلى سَوَاءِ الصِّرَاطِ(٢٢)
إِنَّ هَٰذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ(٢٣)قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ(٢٤)فَغَفَرْنَا لَهُ ذَٰلِكَ ۖ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ، وقوله تعالى {وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب} أي : أعطيناه ملكًا عظيمًا وحكمًا نافذاً.
انزل الله على داود الزبور فما هو
حيث قال القرطبي: أن الله سبحانه وتعالى أنعم على عبده داوود بكتاب الزبور الذي يتكون من مائة وخمسون سورة تحتوي على الموعظة والفهم والحكمة حيث قال في كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم: {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ ۖ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زبور}
فكان الزبور من المعجزات التي وهبها الله للنبي داوود عليه السلام
لين الحديد في يد النبي داوود عليه السلام
وقال تعالى :{ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير}
وقال تعالى : {وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون} [ الأنبياء : 79 ، 80 ] ، فلقد أعانه الله على عمل الدروع من الحديد ; للتحصن اثناء المقاتلة مع الأعداء، وأرشده إلى صنعتها وكيفيتها، فقال : وقدر في السرد أي : لا تدق المسمار فيقلق، ولا تغلظه فيفصم، وقيل ان الله قد ألان له الحديد حتى كان يفتله بيده ،
لا يحتاج إلى نار ولا مطرقة وهذه معجزة لا يقوى عليها احد فكان من عمل النبي داود انه أول من عمل الدروع من زرد، فكانت قبل ذلك من صفائح، فقيل كان يعمل كل يوم درعا يبيعها بستة آلاف درهم، وقد ثبت في الحديث الصحيح : أن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن نبي الله داود كان يأكل من كسب يده .
قوة العبادة والفقه في الزبور
قال تعالى {واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق والطير محشورة كل له أواب وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب} فقيل الأيد : القوة في الطاعة، يعني ذا قوة في العبادة والعمل الصالح، قال قتادة : أعطي قوة في العبادة وفقها في الإسلام (يقصد الزبور)، وقال : وقد ذكر لنا أنه كان يقوم الليل ويصوم نصف الدهر فهذه هبه من الله ايضاً وهبها الله له.
وقد ثبت في ” الصحيحين ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أحب الصلاة إلى الله صلاة داود ، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوما ويفطر يوما ولا يفر
الصوت العذب لسيدنا داود
في قوله تعالي { إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق والطير محشورة كل له أواب كما قال تعالي : {يا جبال أوبي معه والطير} أي : سبح معه فقيل في تفسير هذه الآية إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق أي : عند آخر النهار وأوله، وذلك أنه كان الله تعالى قد وهبه من الصوت العظيم ما لم يعطه أحدا، بحيث إنه كان إذا ترنم بقراءة كتابه، يقف الطير في الهواء ، يرجع بترجيعه ويسبح بتسبيحه، وكذلك الجبال تجيبه ، وتسبح معه ،
كلما سبح بكرة وعشيا ، صلوات الله وسلامه عليه، وقيل أعطي داود من حسن الصوت ما لم يعط أحد قط، حتى إن كان الطير والوحش ليعكف حوله حتى يموت عطشا وجوعا، وحتى إن الأنهار لتقف، وقال وهب بن منبه كان لا يسمعه أحد إلا حجل كهيئة الرقص، وكان يقرأ الزبور بصوت لم تسمع الآذان بمثله، فيعكف الجن والإنس والطير والدواب على صوته حتى يهلك بعضها جوعًا .
ماذا كان يعمل النبي داود
الحكمة في ذكر إيتاء الحكمة لداوود بعد ذكر قتله لجالوت
أنعم الله جلا وعلا على عبده داود عليه السلام بنعم كثيرة، ذُكر بعض منها في عدة مواضع ومنها ما جاء في قصة سيدنا داوود مع الملأ من بني إسرائيل وطالوت وجالوت، بالإضافة إلى مواضع أخرى، منها قوله تعالى: وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآَتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ] [ص: 17-20]، وبيّن علماء التفسير أنّ الله الله جل وعلا وهب لعبده داوود الملك، أي السلطان والحكمة،
وهي النبوة، ولم تكن تجمع لأحد من قبله، بعد ما قتل جالوت، فقد وعده طالوت أن يزوجه ابنته، ويشركه في ملكه، إذا قتل جالوت، فأوفى له بوعده، وآل إليه الحكم بعد موت طالوت.
ماذا كان يعمل النبي داود
هناك العديد من الآيات والأحاديث التي تشجع على الكسب والجهود على الأرض، وكل هذا ليس فقط لكسب المال وجمعه، ولكن ليوقف الإنسان وجهه عنه، ويصل به رحمه، ويستعين به على طاعة ربِّه، وقد سمَّى تعالى جل علاه المال خيراً في عدة موضع من القرآن الكريم كقوله تعالى : (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) ومدحه النبي محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: (نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ) – رواه أحمد بإسناد صحيح، وقال سعيد بن المسيب : “لا خير فيمن لا يريد جمع المال من حلِّه ،
يكفُّ به وجهه عن الناس، ويصل به رحمه، ويعطي حقه” والمال له فوائد عديدة؛ فالحج والجهاد كانا بالمال، وهكذا تحقق التحرر وبناء المساجد والجسور، ومعها جاءت صفة الكرم والكرم التي بلغ بها الصالحون أعلى درجات، التي منّ الله عليهم بها في أعلى الغرف وقال بعض السلف الصالح : “اللهم إني من عبادك الذين لا يصلحهم إلا الغنى”.
ولقد تعددت حرف ومهن الانبياء والرسل لنيل رضى الرضوان فكما جاء في الحديث عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلاَّ رَعَى الْغَنَمَ)، فَقَالَ أَصْحَابُهُ : وَأَنْتَ ؟ فَقَالَ : (نَعَمْ ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ) رواه البخاري ، ولقد عملَ نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم بالتجارة أيضًا مع عمِّه أبي طالب ثم في أموال زوجه خديجة رضي الله عنها،
كما هو مشهور في السيرة، وقال جل علاه في كتابه العزيز عن عمل داود عليه السلام بقوله تعالى : (وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ) الأنبياء /80، وعَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنِ الْمِقْدَامِ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
(مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَاماً قَطُّ خَيْراً مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ) رواه البخاري، ومن معجزات سيدنا داوود التي وهبها لها الله جلا وعلا أنه كان نبياً وملكاً، فقد وهبة الله تعالى الملك والحكمة وكان يفصل في الخصام، كما جاء في قصة سيدنا داود والنعاج، حيث قال تعالى: “إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * “.
وكان عليه السلام يأكل من عمل يده، فكان يصنع دروعًا من الحديد ويبيعها، وكان رعي الأغنام هو الحرفة التي عمل بها جميع الانبياء وبيّن الدين الإسلامي مبدأ السعي لطلب الرزق، فعن ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال :
“كَانَ “ذُو الْمَجَازِ”، و”عُكَاظٌ” مَتْجَرَ النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ كَأَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ حَتَّى نَزَلَتْ (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ” رواه البخاري، كما أجمع الفقهاء والمحدثون على ذلك، فما يظنه البعض من أن الإسلام لا يحث على الكسب ، والسعي، والعمل، فهو غير صحيح، وقد يظن البعض أيضًا أنّ المهن دنيئة كالنجارة، والرعي، والحدادة :
فغير صحيح، فقد ثبتت هذه المهن، والأعمال لخيرة خلق الله، وصفوتهم وهم الأنبياء، والرسل، عليهم السلام، ويحفز الإسلام الشباب على ذلك، وأن يكون الإنسان في أفضل مكانه، وأكمل حال، بل وأن يطلب الأحسن، ويسعى لتحصيله، بشرط أن لا يؤثر ذلك على عقيدته، واستقامته، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم
: (الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ ، وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ) رواه مسلم، وقد نهى الإسلام الكسب من المهن المشبوهه، وأمر المسلم أن يمنتنع عنها، كما جاء في الحديث عَنِ ابْنِ مُحَيِّصَةََ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي إِجَارَةِ الْحَجَّامِ فَنَهَاهُ عَنْهَا فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ وَيَسْتَأْذِنُهُ حَتَّى قَالَ : (اعْلِفْهُ نَاضِحَكَ وَأَطْعِمْهُ رَقِيقَكَ) رواه أبو داودوالترمذي وحسَّنه.
حكم صوم الأيام الفاضلة لمن يصوم صوم داود
قد جاء النص مؤكدًا أن صوم داود عليه السلام هو أحب و أفضل الصيام إلى الله تعالى، ولم يسمح النبي محمد صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو أن يكثر عليه، وهذا تصريح في أن الزيادة عليه غير مستحبة، وأن والاستمرار على هذا النوع من الصيام يغني صاحبه عن الزيادة والتكلف ويجعل الزيادة مفضولة غير مستحبة،
فعن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: “أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا”رواه البخاري، ومسلم .
قَالَ: فَإِنَّكَ لاَ تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ؛ قُلْتُ:” إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ”، فقَالَ: ” فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ” … قُلْتُ:” إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ”، فقَالَ: ” فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ “، فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ له النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لاَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ ” رواه البخاري، ومسلم.
وما يترتب على ذلك أنّ الزيادة على هذا النوع من الصيام تكون نوعين، أولًا الزيادات التي تتسم بتغير شكل وصورة الصيام؛ ويشتمل هذا النوع من الصيام على: صيام الأيام البيض، و صيام الإثنين والخميس أيضًا، فصيام النبي داود عليه السلام يٌكتفى به، ومضمون الحديث يٌبيّن أنّه لا يستحب الزيادة على صيام غير ذلك، ولو كانت الزيادة يوم الإثنين، أو الخميس ؛ لأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال عن صيام داود :”لاَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ”.
ثانيًا: الزيادات التي لا تغير شكل صيام النبي داود، وهي أيام نادرة في السَّنة مثل صيام عرفة وعاشوراء، مما يدل على أن صيام تلك الأيام، رغبةً في نيل ثوابها ولا يخرج صاحبها من محيط ودائرة الأفضلية، لأنها نادرة، ولا سلطةلها، ولا أثر لها في شكل صيام من يقوم بالصيام يومًا ويفطر يومًا.
مكانة العمل في الإسلام
إذا ما تتبعت شجرة الأنبياء والرسل، واخترت اسما من أسماء الأنبياء وقرأت سير و أسماء الأنبياء ووظائفهم ستجد أن جميعهم كان لديهم وظائف كسائر البشر بجانب وظيفتهم الأساسية وهي الدعوة إلى عبادة الله وترك ما غير ذلك، وهذا ما دل عليه حديث أبو هريرة عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حيث قال : (مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلاَّ رَعَى الْغَنَمَ)، فَقَالَ أَصْحَابُهُ : وَأَنْتَ ؟ فَقَالَ : (نَعَمْ ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ) رواه البخاري.
فلكل نبي بعثه الله وظيفة عمل بها وتميز فيها، فلم يكن العمل طوال أعمار الأنبياء هدفه الكسب المادي فقط، ولكنه وسيلة لإطعامهم وإطعام ذويهم بجانب وظيفتهم الأساسية وهي الدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وهذا إن دل فإنما يدل على أهمية العمل ومنزلته الرفيعه، حيث أنه يعتبر امتثال لأمر الله، فقال تعالى :”فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً”. صدق الله العظيم
ما هو عمل زكريا عليه السلام
الأنبياء في القرآن
لله من خلقه ما شاء من عباد ، يختص منهم للرسالة ، والنبوة ، ويصطفي لرفع الدرجات ، وورد في قصص أنبياء الله ، ورسله ، و معجزاتهم ، وما جرى في حياتهم من أقوامهم و من تابعيهم و أهلهم وأصحابهم الكثير ، عرفناه من روايات اليهود و ما دونه المؤرخون ، ولكن أصدقه ، وأكثره دقة ، و أحسن القصص كان من القرآن الكريم و من روايات النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد عنت السنة بتعريف المسلمين حرف و مهن الأنبياء ،
ولقد نقل لنا الإسلام الكثير وعرفنا من أول خلق آدم إلى نوح عليه السلام والسفينة التي نجا بها من الطوفان الذي أغرق الأرض كلها ليبقى هو ومن معه أحياء، و إبراهيم عليه السلام ومعجزة النار التي خرج منها سالما ، و سليمان عليه السلام وعلمه لغة الطير ، و موسى عليه السلام وكيف كان يحول العصا إلى ثعبان و عيسى عليه السلام الذي كان يشفي الأكمه والأبرص، و غيرهم من أسماء الأنبياء والرسل وغيرها من المعجزات.
وصولًا لرسالة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ومعجزته المحفوظة إلى آخر الزمان ، القرآن الكريم ومن أنبياء الله الذين اشتهرت قصته زكريا عليه السلام.
عمل زكريا عليه السلام
كان زكريا عليه السلام ممن ورد من الأنبياء و الرسل اسمه في القرآن الكريم، والسنة النبوية، و له مواضع متعددة في ذلك ، مما ذكر فيه قصته مع السيدة مريم ابنة عمران ، و دعوته الشهيرة أن يرزق بالولد مع كبر سنه ، وتلك الدعوة هي جزء من فوائد من قصة زكريا عليه السلام ، و الموضع الثالث لنبي آخر هو يحيى وهو ابن النبي زكريا عليه السلام، لذلك تعد قصة زكريا قصة متشابكة ومتداخلة مع غيره.
ولأن زكريا مثل باقي أنبياء الله، ومثل باقي البشر لما كان له حاجة في الذرية دعا الله بها ، كما أنه كان يعيش ، ويعمل وله مهنة ، أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بها في حديث صحيح رواه الإمام مسلم ،
جاء في متن الحديث أن النبي زكريا عليه السلام كان يعمل بالنجارة أي كان نجار ، وهو ما جاء في الحديث للتأسي بالأنبياء والاقتداء بهم ، فلم تكن الرسالة عائق عن العمل ، ولا كان سبب الدعة والركون إلى مكانتهم ، وما كان النبي يستخدم معلومات الأنبياء سواء في ذلك اعمار الانبياء أو حتى أسماء الأنبياء ووظائفهم ، إلا ليدل المسلمين كافة على ما يفديهم ، و ما ينتفعون به في حياتهم.
قصة النبي زكريا مع السيدة مريم
إن نبي الله زكريا عليه السلام بالنظر في شجرة الانبياء والرسل يعود نسبه المتصل بنسب مبارك ، ويرجع نسل زكريا عليه السلام إلى النبي سليمان و داوود عليهما السلام ، و يتصل بنبي الله و روحه ، وكلمته عيسى ابن مريم فقد كانت أم عيسى عليه السلام، السيدة مريم ابنة أخت زوجة زكريا ، ولا يقف الأمر عند تلك العلاقة من المصاهرة بل كان زكريا يكفل مريم بعد أن توفى أهلها ،
و كان يذهب لها في محراب تعبدها ، و كان يجد عندها من الخير الكثير ومن فاكهة في أوان غير أوانها ، ولما سألها عن كل ذلك أجابت هو من عند الله ، وهي القصص أو المواقف التي رواها لنا القرآن الكريم. ،
قصة النبي زكريا مع يحي
إن قصة نبي الله زكريا عليه السلام مع يحي عليه السلام ، بدأت من قبل أن يولد يحي ، كما ورد سابقًا في قصة زكريا مع مريم أنه لما رأى معجزات الله في محرابها ، وخيرات تأتيها بلا أوان ، توجه بالدعاء إلى ربه ، وقد كان زكريا سيد في قومه ، يدعوهم إلى عبادة الله، و يأمرهم وينهاهم بأوامر ونواهي الله ، لكن لم يكن له ولد ، وكبر سنه و يأس من أن يخلفه في قومه ولد يصلحهم ويذكرهم بالله ، لكنه بيقين في الله دعا ربه و رزقه سبحانه و تعالى ،
بالولد وكان هو نبي الله يحي عليه السلام رغم كبر سنه وزوجته التي لا تلد ، وقد كانت علامة زكريا عليه السلام بحمل زوجته ، إحدى المعجزات.
لما بشر الله نبيه بأنه سوف يكون له ولد ، تعجب وسأل وكيف أعرف أن زوجتي حامل ، فأخبره الله ، أنه سوف يعجز عن الكلام ثلاث ليالي ، بلا مرض يصيبه وقتها تكون تلك البشارة بحمل زوجته، وهو ما تم ، ورزقه الله بنبي هو يحي عليه السلام.
ملخص قصة زكريا عليه السلام
تتلخص قصة زكريا عليه السلام ، في كونه نبي من أنبياء الله ، مرسل إلى قومه من اليهود الذين دعاهم إلى التوحيد ، وعبادة الله ، واتباع شرائعه ، و لم يكن معه من قومه الكثير مو المؤمنين ، كحال الأنبياء و الرسل من قبله ومن بعده ، وخاصة من كانوا منهم مرسلين إلى اليهود ، كما ذكر القرآن الكريم ، أفعال اليهود في الأنبياء والرسل ، وبشاعة مواقفهم ، وتكذيبهم والتنكيل به ، والترصد لهم و حتى وصل الأمر بهم إلى قتل بعضهم، لذلك كان نبي الله زكريا يدعوا قومه ،
سنين طويلة ، حتى اشتعل شعر رأسه شيبًا أي انتشر فيه الشعر الأبيض ، وأصبح كبير السن ، وحيد ، و دعا ربه رغبة في معين له يدعوا قومه ، و يعلم الطائفة التي آمنت معه ، و يكمل رسالته ، و أذن له الله بالبشارة وكان الولد الذي ذكر في القرآن الكريم،
له من الصفات ما ميزته ، وذكرت الآيات تصديقه بعيسى ابن مريم ، وعلمه بالكتاب ، و لما أرسل عيسى ابن مريم يحي عليه السلام يعلم الناس ، ويخبرهم بما حرم الله وأحل لهم ، وكان من بين تلك التعاليم تحريم زواج الرجل أبنة أخيه ، وكان الملك يريد أن يتزوج من أبنة أخيه ، التي جعلت مهرها رأس يحي عليه السلام ، الذي حرم زواجهما ، وقتل الملك يحي عليه السلام.
كيف مات زكريا
في قصة مقتل نبي الله زكريا أقوال ، ومن العجيب أن أحد تلك الأقوال ارتبط بعمله ومهنته و الحرفة التي عمل بها جميع الانبياء كانت هي رعي الغنم ، أما حرفة زكريا عليه السلام كانت النجارة ، ومن أدواتها المنشار ، والذي ورد في بعض الروايات أنه قتل به.
تقول بعض الروايات ، والتي لم يثبت التأكد من صحتها ، واختلف العلماء في دقة رواية قتل زكريا عليه السلام، قيل أنه بعد أن قتل الملك يحي بن زكريا عليه السلام ، طارد رجال الملك أبيه زكريا و كانوا يبحثون عنه لقتله ، وكان زكريا خلف شجرة فقطعوها بالمناشير وشقوا معها النبي و نشروه، وهي روايات وإن لم تكن في تفاصيلها مؤكدة ، إلا أن قتل زكريا كما قتل يحي عليه السلام حدث مؤكد، وكما كان مؤكد قتل اليهود للأنبياء ومذكور في القرآن الكريم والسنة النبوية ، قتلهم لأنبياء الله.