45- متى بعث النبي صلى الله عليه

222

45- متى بعث النبي صلى الله عليه

متى بعث النبي وكم كان عمره، وعلامات النبوة قبل وبعد البعثة، نوضحها لكم حيث أن التنبؤات كانت تشير أن النبي المنتظر سوف يظهر وأنه اقترب قدوم النبي المنتظر خاتم النبين الذي أرسله الله للأنس والجن ولهداية الناس أجمعين، وكانت قريش تعلم جيدا أن النبي المنتظر سوف يظهر في هذا الزمان، ولكن لا تعلم متى بعث النبي وكان النبي صلى الله عليه وسلم، يعيش بين أهل قريش في مكة قبل البعثة، وكان يختلف عن من هم في مثل عمره، ولم يسجد لصنم قط، وكان يطلق عليه الصادق الأمين، وقد جاء ليرشد الناس للتوحيد وعبادة الله عز وجل، وسوف نوضح فترة نزول الوحي ومتى بعث النبي وكم كان عمره.

متى بعث النبي

متى بعث النبي وكم كان عمره، سؤال هام يبحث عنه الكثيرين لمعرفة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أنه بعث صلى الله عليه وسلم يوم 21 رمضان عام 610 ميلادي الموافق 10 أغسطس، وكان عمر النبي 40 عام، وهو سن الرشد و النضوج والكمال، وقد أرسله الله ليتمم مكارم الأخلاق وجاء رحمة للعالمين، وبذلك نكون أجبنا عن سؤال متى بعث النبي.

محمد بن عبد الله بن عبد المطلب من أشراف مكة، ولد يتيم الأب حيث مات أباه قبل أن يولد، وتوفيت أمه آمنة بنت وهب وهو يبلغ من العمر ست سنوات، فكفله جده عبد المطلب، وبعد وفاة عبد المطلب كفله عمه أبا طالب، ومرضعته السيدة حليمة السعدية.

ولقد تنزل الوحي على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في غار حراء بمكة المكرمة في أعلى جبل النور شرقي شمال مكة، حيث كان معتاد أن يذهب في غار حراء ليتعبد ويتأمل في الكون، حتى نزل عليه جبريل عليه السلام وقال له اقرأ، فقال جبريل ما أنا بقارئ وكرر جبريل اقرأ ثلاث مرات ثم قال له (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)، حيث كانت سورة اقرأ هي أول ما أُنزل عليه صلى الله عليه وسلم.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم خائفا ومضطرب، ورجع الى زوجته السيدة خديجة، وحكى لها عما حدث له فطمأنته وقالت له لا تخف فإن الله لن يخزيك أبدا، فأنت صادق الحديث وتصل الرحم، وتعين على نوائب الدهر، حتى هدأ واطمأنت نفسه، وأخذته الى ابن عمها ورقة بن نوفل الذي بشرهم بأنه النبي المنتظر وأن ماراه هو الوحي الذي يتنزل من السماء على الأنبياء.

علامات النبوة قبل وبعد البعثة

أولا علامات النبوة قبل البعثة:

متى بعث النبي وبعد أن عرفنا متى بعث النبي نوضح علامات النبوة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، والتي تمهد بقرب النبوة، في فترة انقطاع الوحي انتشر فيها الجهل والشرك، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم لينير العقول والقلوب، ومن علامات النبوة قبل البعثة:

  • تحقق الرؤيا التي يراها 

كانت أي رؤيا يراها صلى الله عليه وسلم تتحقق مثل ما رآها.

  • حب الجلوس في الخلاء والتعبد والتفكر في الكون

كان محمد صلى الله عليه وسلم يحب الخروج للخلاء فكان يذهب الى غار حراء ويتعبد به ويقضي به الأيام.

بعث النبي صلى الله عليه

  • البركة التي حلت في بيت السيدة حليمة السعدية

منذ أن دخل النبي بيت السيدة حليمة السعدية مرضعة الرسول وحلت به البركة وزاد الخير في المكان، وزاد غنمها والخير في بيتها دون غيرها ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

  • اجابة الله عز وجل لاستسقاء عبد المطلب 

عندما حل القحط في مكة وزاد الجدب، أقدم عبد المطلب جد الرسول على الاستسقاء فاستجاب له الله عز وجل ونزل المطر وعم الخير والبركة.

  • حادثة شق صدر النبي

لقد جاء ملكان للنبي صلى الله عليه وسلم، وقاما بشق صدره واستخراج قلبه وغسله بماء زمزم من أجل تطهيره من وساوس الشيطان، وهي ماتعرف بحادثة شق صدر النبي.

  • يظله الغمام وقت الظهيرة

كان صلى الله عليه وسلم عندما يخرج في الظهيرة يظله الغمام لتحميه من الشمس، وقد حدث ذلك خلال واضحا أثناء رحلته صلى الله عليه وسلم الى الشام.

  • سلام الشجر والحجر عليه خلال سيره في مكه

كان صلى الله عليه وسلم ليس كغيره من أقرانه في صفاته وصدقه وأمانته، كما كان كلما مر على شجر أو حجر سلم عليه.

مولد-الرسول-صلى-الله-عليه-وسلم

ثانيا: علامات النبوة بعد البعثة

أما بعد البعثة ونزول الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم فقد ظهرت العديد من العلامات والمعجزات وذلك بعد معرفة متى بعث النبي ونذكر منها:

  • القرآن الكريم 

المعجزة الباقية منذ نزوله وحتى قيام الساعة هو كتاب الله عز وجل (القرآن الكريم) حيث أنه أنزله الله عز وجل على رسوله وتحدى أن يأتي أحد من العرب بأية مثله، وقد عرف العرب عنهم الفصاحة والشعر ولكن عجزوا عن الاتيان ولو بأية من مثله.

  • تسبيح الحصى في يد النبي

لقد روى الصحابة العديد من الأحاديث التي تروي تسبيح الحصى في يد النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا من الأمور الخارقة حيث استمع الصحابة لصوت تسبيح الجماد وهذا أمر غير معتاد.

  • تحطم الأصنام بمجرد إشارة الرسول اليها

لقد ذكر الصحابة أن يوم فتح مكة كلما يشير الرسول صلى الله عليه وسلم لصنم من الأصنام التي تحيط بالكعبة، كان يقع هذا الصنم ويتحطم وذلك برغم أن الأصنام مثبتة بالحديد والرصاص.

  • الماء ينبع من بين أصابع النبي

لقد تكررت هذه المعجزة في العديد من المرات والتي رآها الصحابة وتحدثوا عنها، حيث حدثت في يوم كان الرسول صلى الله عليه وسلم مع الصحابة في سفر وقل الماء معهم، فطلب اناء به القليل من الماء وأدخل يده بالإناء وقال حي على الطهور والبركة من الله عز وجل فإذ بالماء يتدفق من كف النبي ومن بين أصابعه ليرتوي الجميع ويزيد ويفيض من الماء.

وفي موضع آخر أراد النبي الوضوء لصلاة العصر، ولم يجد ماء فأحضر الصحابة اناء به القليل من الماء للنبي فتوضأ النبي وجميع الصحابة، والذين ذكروا أنهم رأوا الماء يتدفق من كف النبي صلى الله عليه وسلم.

  • الإسراء والمعراج

رحلة الإسراء والمعراج حيث أسرى الله عز وجل بالنبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المسجد الأقصى وعاد في نفس الليلة، وقد شاهد خلال رحلته العديد من المشاهد مثل عدد من الأنبياء في بيت المقدس هم موسى وعيسى وإبراهيم، ودابة البراق التي تحمل الأنبياء، ورأى ألوان من عذاب أهل النار، وأصناف من النعيم لأهل الجنة، كما فرض الله عز وجل الصلاة على أمة محمد خلال هذه الرحلة، وكانت خمسين صلاة وخففها النبي على أمته حتى أصبحت خمس صلوات في العمل ولكن الأجر يساوي أجر خمسين صلاة.

متى نزل الوحي على الرسول

بعيدًا عن زحام الحياة في مكة بكل ترفها واستهتارها وبكل جدها ونشاطها كانت هناك روح تقية نقية ورعة متسامية مفطورة على كل ما هو عظيم. كان الرسول صلى الله عليه وسلم مدرك حاجته وحاجة قومه وحاجة البشرية كلها إلى دعوة الحق والتوحيد من جديد بعيدًا عن عبادة الأصنام والأوثان التي انتشرت في مكة. وهكذا أعطى ظهره للأصنام والأوثان وراح يتأمل ويتدبر ويطلب الهداية والتوفيق.

كانت النبوءات برسول يخرج من تلك الأمة تملأ الزمان والمكان. ولكن كل النبوءات التي تشير إليه صلى الله عليه وسلم منذ مولده ما كانت إلا حافز له على المزيد من الإخلاص في الخشوع والتضرع والتعبد لله سبحانه وتعالى الذي يهديه إليه قلبه قبل أن يهديه إليه الوحي المبين. وهكذا حبب إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الخلاء في غار حراء فكان يقضي شهر في غار حراء في كل عام.

وكانت إرهاصات النبوة بدأت تظهر على النبي صلى الله عليه وسلم مثل الرؤيا الصادقة. وقد راح النبي صلى الله عليه وسلم يقسم أيامه بين داره وغاره. إلى أن جاء اليوم الموعود يوم نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الاثنين لإحدى وعشرين مضت من شهر رمضان ليلا، ويوافق 10 من شهر أغسطس سنة 610 م وكان عمره صلى الله عليه وسلم بالضبط أربعين سنة قمرية، وستة أشهر، و 12 يوما، وذلك نحو 39 سنة شمسية وثلاثة أشهر و 12 يوما.

كم كان عمر النبي عندما نزل عليه الوحي

إن البعثة النبوية ليست أحداث تاريخية وقعت في فترة من الزمان القديم بل هي بداية سيرة تكوين الإنسان وتكوين العقيدة والقيم وتكوين السلوك القويم من أجل تحقيق رسالة إعمار الكون وإقامة حضارة إنسانية للناس كافة وذلك في زمان كثر فيه الجهل والظلم والانحطاط والشرك. وقد كانت بداية البعثة النبوية بنزول أول آيات من القرآن الكريم من سورة العلق وهي قول الله تعالى ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ في حين أن بداية الرسالة النبوية كانت بنزول آيات من القرآن الكريم من سورة المدثر وهي قول الله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ، وَرَبَّكَ فَكَبِّر، وَثِيَابَكَ فَطَهِّر، وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾

وقد كان عمر النبي عندما نزل عليه الوحي أول مرة أربعين سنة قمرية، وستة أشهر، و 12 يوما، وذلك نحو 39 سنة شمسية وثلاثة أشهر و 12 يوما وذلك في يوم الاثنين لإحدى وعشرين مضت من شهر رمضان ليلًا الموافق للعاشر من شهر أغسطس سنة 610 م. وقد كان بدء نزول الوحي بعد أربعين سنة من عام الفيل. فمن المعروف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد عام الفيل وقد بعث بعد أربعين سنة من عام الفيل وذلك من بحث عن بعثة الرسول.

موقف نزول الوحي على الرسول

يحدثنا الإمام البخاري في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ عن كيفية وبداية نزول وإشراق الوحي على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فتقول:

أول ما بدئ به رسول الله ﷺ من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، يتخذ فيه – وهو التعبد – الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ، قال: (ما أنا بقارئ). قال:

(فأخذني فغطين حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم}).

فرجع بها رسول الله ﷺ يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال: (زملوني زملوني). فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: (لقد خشيت على نفسي). فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.

فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، ابن عم خديجة، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: يا بن عم، اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا بن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله ﷺ خبر ما رأى، فقاله له ورقة: هذا الناموس الذي نزله الله به على موسى، يا ليتني فيها جذع، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله ﷺ : (ومخرجي هم). قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا. ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي.

مدة نزول الوحي على الرسول

كان هذا اللقاء الأول بداية نزول الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم. ولعل انقطاع الوحي بعد اللقاء الأول كان من أجل أن يذهب الروع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتشوق إلى عودة الوحي. وقد اختلف العلماء في مدة انقطاع الوحي الأولى فقيل ثلاث سنوات وقيل قريبًا من سنتين وقيل قريبًا من سنتين ونصف وقيل اثنا عشر يومًا وقيل خمسة عشر يومًا وقيل أربعون يومًا وقيل غير ذلك والله أعلم. أما مدة انقطاع الوحي الثانية فقد كانت بعد عدة سنوات في مكة أيضًا وقد أعقبها نزول سورة الضحى والله أعلم.

وقد كانت في مدة انقطاع الوحي الأولى حكمة بالغة من أجل دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى التفكر في الآيات الخمس التي نزلت من القرآن الكريم والتشوق والاستعداد للرسالة العظيمة. وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من التردد على غار حراء لعله يلقى جبريل عليه السلام من جديد. وهذا التشوق والتلهف في غاية الأهمية لحمل الرسالة والصحبة الطويلة للوحي التي دامت ثلاثة وعشرين عامًا كاملة.

وهكذا تبع اللقاء الأول لقاءات كثيرة وتوالى نزول الوحي من السماء إلى الأرض من الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة وعشرين سنة كاملة نزل فيها القرآن الكريم.