5-الفرق بين السور المكية والمدنية
5-الفرق بين السور المكية والمدنية
القرآن الكريم
القرآن الكريم كلام الله سبحانه وتعالى، ومعجزةُ الرّسول محمد عليه الصّلاة والسّلام، والقرآنُ في ترتيبه مُقسّمٌ إلى سور يبلغ عددها مئةً وأربع عشرة سورةً، وفي السّور آياتٌ عديدة تُعدّ بمثابة وحدة بناءٍ للسّورة الواحدة، وتُقسَّمُ هذه السور إلى نوعين بحسب نزولها والموضوعات التي تناولتها، وهي سور مكيّة وسور مدنيّة، وكل نوعٍ من هذين النّوعين له خصائصه وميزاته ما يجعله مُختلفاً عن الآخر.
لمعرفة الفرق بين السّور المكيّة والسّور المدنيّة دورٌ مُهمّ في معرفة النّاسخ من المنسوخ، ومعرفة تاريخ التشريع الإسلاميّ، ومراحله، وكيفيّة الوصول إلى الفهم الصّحيح لآيات القرآن وسوره، ومن فوائده أيضاً بيان عظيم عناية المُسلمين بالقرآن الكريم، حيث إنّهم لم يكتفوا بحفظ نصوصه فقط، بل حفظوا ونقلوا الزّمن الذي نزلت فيه تلك النّصوص ليكون ذلك شاهداً على الثّقة المُطلقة التي يمنحها المُؤمنون لهذا الكتاب العظيم.
معنى السّور المكيّة والسّور المدنيّة
للعلماء في معنى السّور المكيّة والسّور المدنيّة ثلاث اصطلاحات هي:
- الأول: السّور المكيّة هي السّور التي نزلت بمكّة، ويُعدّ منها كلّ ما نزل قبل الهجرة وإن نزل بغير مكية ، والسّور المدنيّة هي السّور التي نزلت بالمدينة، ويُعدّ منها كل ما نزل بعد الهجرة وإن نزل بغير المدينة.
- الثّاني: السّور المكيّة هي السّور التي نزلت بمكّة، و السور المدنيّة هي السّور التي نزلت بالمدينة.
- الثّالث: السّور المكيّة هي ما وقع خطاباً لأهل مكة . والسّور المدنيّة هي ما وقع خطاباً لأهل المدينة.
ويرجع سبب توجّه العلماء إلى هذه الاصطلاحات في معنى السّور المكيّة والسّور المدنيّة إلى اختلافهم في المُعتَبر في النّزول؛ فمنهم من اعتبر مكان النّزول فعّرفها بالمصطلح الثاّني، ومنهم من اعتبر زمن النّزول فعّرفها بالمُصطلح الأول، ومنهم من اعتبر المُخاطَبين بالآية وهؤلاء ذهبوا الى المُصطلح الثّالث.
طرق معرفة المكيّ من المدنيّ
لم يَرِد عن النبيّ عليه الصّلاة والسّلام بيانٌ للسّور المكية من السّور المدنيّة؛ لأنّ الصّحابة رضوان الله عليهم كانوا يعلمون السّور المكيّة والسّور المدنيّة، فقد كانوا شاهدين وحاضرين لنزول السّور، فلم يكن هناك حاجة لوجود نصٍّ من النبيّ عليه الصّلاة والسّلام يُبيّن ذلك، بل لم يُؤمَر النبيّ عليه الصّلاة والسّلام ببيانها.
أمّا في القرون التي تلت قرون الصحابة و التابعين فقد احتاج العلماء لبيان المَكيّ من المدنيّ في سور القرآن الكريم لدخول الأعاجم في الإسلام وابتعادهم عن عصر النّبوة، وقد اتَّبع العلماء طريقين في معرفتهما هما:
- النقليّ السماعيّ: معرفة السّور المكيّة والسّور المدنيّة عن طريق الرّواية عن أحد الصّحابة رضوان الله عليهم الذين شاهدوا التّنزيل وحضروا فترة الوحي، أو عن طريق أحد التّابعين الذين سمعوا من الصّحابة. ومن الأمثلة على هذا الطّريق:
- ما رواه مسلم عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: (أَلِمَن قتل مؤمناً مُتعمّداً من توبة؟ قال: لا. قال: فتلوت عليه هذه الآية التي في الفرقان: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ) إلى آخر الآية. قال: هذه آية مكيّة نسختها آية مدنيّة: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ)).
- حديث عائشة رضي الله عنها: (لقد نزل بمكّة على محمد -صلى الله عليه وسلم- وإني لجارية ألعب: (بَلْ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ) وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده).
- القياسي الاجتهادي: اعتمد العلماء في هذا الطّريق على الطّريق الأول؛ حيث نظروا في النّصوص القرآنيّة، واستنبطوا خصائص وضوابط للسّور المكيّة والسّور المدنيّة وأنزلوها على السّور التي لم يُذكر أنّها مكيّة أو مدنيّة، فما وافقت شروط السور المكية اعتُبِرت مكيّةً، وما وافقت شروط السّور المدنيّة اعتُبِرَت مدنيّةً.
الفرق بين السّور المكيّة والسّور المدنيّة
ميزات السّور المكيّة
تتميّز السّور المكيّة بعدّة خصائص عن السور المدنيّة، منها:
- كل سورة من سور القرآن الكريم فيها لفظ (كلا) فهي سورة مكيّة، ولم يرد لفظ (كلا) إلا في النّصف الأخير من القرآن الكريم.
- كل سورة فيها قول الله عزَّ وجلّ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) وليس فيها قول الله عزَّ وجلّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فهي سورة مكيّة، باستثناء سورة الحج؛ فقد جاء في أواخرها قول الله عزَّ وجلّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) مع توجّه كثير من العلماء إلى اعتبارها سورة مكيّة.
- كل سورة ورد فيها قصص الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام والأمم السّابقة فهي سورة مكيّة، باستثناء سورة البقرة.
- كل سورة فيها قصة نبي الله آدم عليه السّلام وإبليس فهي سورة مكيّة، باستثناء سورة البقرة.
- كل سورة تُفتَتَح بالحروف المُقطّعة مثل: (الم) و (الر) وغيرها من الحروف فهي سورة مكيّة، باستثناء سورتي البقرة وآل عمران.
تتميّز السّور المكيّة أيضاً بذكر الدّعوة إلى توحيد الله عزَّ وجلّ وعدم الشّرك به، فهو الوحيد المُستحقّ للعبادة، وإثبات وجود البعث والحساب والجزاء، وذكر يوم القيامة، وذكر النار وعذابها، وذكر الجنة ونعيمها. كما تتميز أيضاً بأنَّ عباراتها مختصرة وواضحة وكلماتها معبّرة وقوية.
ميزات السّور المدنيّة
تتميّز السّور المدنيّة بعدد من الميزات:
- تناولت السّور المدنيّة موضوع العبادات والمعاملات، والحدود في الإسلام، ونظام الأسرة، والمواريث، وفضيلة الجهاد، والصِّلات الاجتماعيّة، والعلاقات الدوليّة في حالتَي السِّلم والحرب، وقواعد الحُكم، ومسائل التّشريع وغيرها.
- التوجّه لمُخاطبة اهل الكتاب من اليهود والنّصارى، ودعوتهم إلى الإسلام باستمرار، وبيان تحريفهم لكتب الله.
- تتحدّث بكثرة عن المُنافقين وتكشف عن سلوكهم، وتُحلّل نفسيّاتهم، وتُزيح السّتار عن خباياهم، وتُبيّن خطرهم على الدّين.
- تتميّز آيات السّور المدنيّة بطولها، وطول المقاطع في أسلوب يُقرّر الشّريعة ويُوضّح أهدافها.
كم عدد أحزاب القرآن الكريم
عدد أحزاب القرآن الكريم
ينقسم القرآن الكريم إلى عددٍ من الأجزاء والأحزاب، ويبلغ عدد الأحزاب فيه ستّين حزباً، ويعرَّف بأنّه نصف الجزء، ويجدر بالذِّكر أنَّ تقسيم الأحزاب جاء من باب التيسير على من أراد تلاوة القرآن الكريم، كما أنَّه يُعين من أراد حفظ القرآن على ترتيب وتسهيل حفظه، وقد رُوعي في تقسيم الأحزاب عدد الحروف،
إلا أنَّ ابن تيمية بيَّن عدم الصحة في تقسيم الحروف لِما فيه من الاختلاف بين الحروف المنطوقة والحروف المكتوبة من حيث الزّيادة والنُّقصان، أمَّا عن عدد الآيات فإنَّها تتغيّر من حزب إلى آخر، فالأَوْلى للقارئ أن يُراعي في قراءته تحزيب السُّور وأن يُراعي في قراءته المعنى، وهذا ما كان عليه الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم-.
تقسيم القرآن إلى أحزاب
قام الصحابة -رضي الله عنهم- والسلف الصالح بتحزيب القرآن الكريم إلى سبعة أحزاب، وكانوا يقرؤون في كلّ يومٍ حزباً، أمَّا أشهر أنواع التحزيب فهو ما تعارف عليه النّاس اليوم من تقسيم القرآن إلى ثلاثين جزءاً، وتقسيم الجزء إلى حزبين، وتقسيم الحزب إلى أربعة أرباع، ويختلف هذا التحزيب عن تحزيب الصحابة بكونه قد يبدأ في وسط السورة أو عند آية مرتبطة بما بعدها في السياق والمعنى،
أمَّا تحزيب الصحابة فإنَّه دائماً ما يكون في بداية السُّور، وقد قام نصر بن عاصم ويحيى بن يعمر بهذا التحزيب تحت إشراف والي العراق الحجاج بن يوسف الثقفي استجابة لأمر الخليفة عبد الملك بن مروان، وقد كان الهدف من وراء هذه الجهود إعانة أهل القرآن على مراجعته وحفظه، وقد كان الاعتبار الوحيد في هذا التقسيم هو الكمية دون النظر لبداية السورة أو نهايتها، ويدخل هذا التقسيم في خانة الأمور الاجتهادية وليس التوقيفية.
معلومات عن القرآن
يبلغ عدد أجزاء القرآن الكريم ثلاثين جزءاً، واسم الجزء حسب اسم السورة أو الآية التي يبدأ بها، أمّا عن عدد سور القرآن فهو منذ عهد الصديق عندما قام زيد بن ثابت بجمعه مئة وأربع عشرة سورة كما هو بين أيدينا اليوم، وأمّا بالنسبة لسور القرآن فإنَّ أقل عددٍ اشتملت عليه من الآيات هو ثلاث آيات في سورة الكوثر، وكانت سورة البقرة أطول السُّور بعددٍ بلغ مئتي وستّ وثمانين آية،
وقد كانت تسمية كل سورة من سور القرآن لحكمةٍ أرادها الله -تعالى-، فلم يكن القرآن كلّه باسمٍ واحدٍ؛ لتسهيل قراءته وحفظه وتدبّره، وجعل النفوس متشوّقة عند أخذ جزء منه؛ كأن يحفظ الواحد من النّاس عدداً من السُّور يضمّها في صدره ويرغب بالاستزادة، ويُستفاد أيضاً من جعله سور تقسيم الموضوعات، فقد عالجت السُّور موضوعات مختلفة، وفي هذه الحالة يسهل على القارئ التنقّل بين الموضوعات، وهذا ممّا يصعب التمكّن منه لو كان القرآن متتابعاً.
وفيه أيضاً إشارة واضحة على اعجاز القرآن، فقد عجز النّاس عن الإتيان بسورةٍ من سور القرآن القصيرة التي لا تتعدّى الثلاث آيات، وقد ورد في تعريف آيات القرآن بأنَّها: “طائفة من القرآن، منقطعة عما قبلها وما بعدها، ليس بينها شبه بما سواها”، أمَّا عن عددها فهو ستة آلاف ومئتا آية، وقد تعدّدت الآراء في عدد كلمات القرآن؛ لأنَّ الكلمة تختلف في لفظها ورسمها، وإنَّ أطول آية في القرآن الكريم هي اية الدين في سورة البقرة.
هل يجوز قراءة القرآن بدون حجاب
هل يجوز قراءة القرآن بدون حجاب
يجوز للمرأة قراءة القرآن الكريم بدون حجاب ، ولا يجب عليها ارتداء الحجاب لقراءة القرآن، فلا يوجد دليلٌ واضحٌ وصريحٌ يُوجب عليها ارتداء الحجاب عند تلاوة القرآن الكريم، وإنَّما يُستحبّ للمرأة ارتداء الحجاب عند قراءة القرآن الكريم تأدُّباً مع كلام الله -تعالى-، ولأنَّ ارتداء الحجاب عند تلاوة القرآن الكريم يعدّ من الزّينة التي تحدّث عنها السّلف مثل: ابن عباس، وعروة -رضيَ الله عنهما-، والحجاب أفضل وأكمل للزّينة، ولا يُعدّ لبس الحجاب عند تلاوة القرآن الكريم بدعة بل يجوز ذلك، وإنَّما تحصل البدعة إذا تمَّ لبس الحجاب عند تلاوة القرآن الكريم بنيّة التعبّد.
فإذاً لبس الحجاب عند قراءة القرآن الكريم هو الأفضل مع جواز القراءة بدونه، لأنَّه يعدّ من تمام الأدب مع كلام الله -تعالى- وتُثاب بإذن الله -تعالى- المرأة على هذا الفعل، لقوله -تعالى-: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) وقد ورد أنَّ الصحابيّ أنس بن مالك -رضيَ الله عنه- كان يرتدي أفضل ما عنده ويتزيّن عندما كان يريد أن يحدّث بحديثٍ للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، ولنا فيهم القدوة الحسنة، فيُحاول المسلم أن يقتفي أثرهم ويفعل مثل أفعالهم.
هل يجوز سجود التلاوة بدون حجاب
تعدّدت آراء العلماء في حكم سجود التلاوة من غير حجاب، فذهب بعض العلماء إلى اعتبار سجود التلاوة كحكمِ الصّلاة، فيجب فيها ما يجب في الصّلاة من وضوء ، وستر، فيوجبون بناءً على ذلك لبس الحجاب للمرأة عند أداء سجود التّلاوة، وذهب بعض العلماء إلى عدم اعتبار سجود التّلاوة مثل حكم الصّلاة، ولم يتشرطوا لها ما يُشترط للصّلاة من وضوء وستر، فقالوا بجوازِ سجود التّلاوة بدون حجاب للمرأة، ولكن الأحوط للمرأة لبس الحجاب عند أداء سجود التّلاوة خروجاً من الخلاف.
وذهب جمهور العلماء من الحنفيّة، والشافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة إلى اشتراطِ شروط الصلاة لأداء لسجودِ التّلاوة؛ ومنها الطّهارة من الحدثين الأصغر والأكبر، واستقبال القبلة ، وستر العورة، وطهارة مكان الصّلاة، وطهارة الجسد والثّياب، وتكبيرة الإحرام ثم السجود للتّلاوة، ولا يُشترط التّسليم عند الانتهاء من سجدة التّلاوة،
ولا يجب على الحائض والنّفساء سجود التّلاوة؛ لأنَّ السّجدة تُعتبر ركن من أركان الصّلاة، والصلاة غير واجبة على الحائضِ والنّفساء، ويُشترط لوجوبِ سجدة التّلاوة أيضاً الإسلام والبلوغ والعقل، وذهب بعض العلماء إلى عدم اشتراط الطهارة عند أداء سجود التلاوة مثل: ابن تيمية -رحمه الله-؛ لأنَّه لم يعتبر سجدة التّلاوة مثل الصّلاة؛ فلم يَشترط لها ما يُشترط للصّلاة من استقبال القبلة أو الطّهارة.
ويَشترط جمهور الفقهاء لصحّة سجود التلاوة دخول وقت السّجود؛ ويتحقّق دخول وقت سجدة التلّاوة بقراءة جميع كلمات آية سجدة التّلاوة أو سماعها؛ فلو سجد شخصٌ قبل الانتهاء من آية سجدة التّلاوة ولو بحرف واحدٍ؛ فسجوده غير صحيح؛ لأنَّه سجد قبل دخول وقت سجود التلاوة، كما أنَّ الصّلاة لا تصحّ قبل دخول وقت الصّلاة فسجدة التّلاوة تأخذ أحكام الصّلاة في ذلك؛ فلا تصحّ قبل دخول وقتها.
آداب قراءة القرآن
تعدّ قراءة القرآن الكريم أفضل الذّكر، فهيَ أفضل من التّسبيح، والتّهليل، والتّكبير، ويُستحب قراءة القرآن الكريم في كلّ وقت من اللّيل والنهار؛ لنيلِ رضا الله -تعالى- والفوز بجنّته، ولقراءة القرآن الكريم آداب كثيرة نذكر منها ما يأتي:
- الإخلاص لله -تعالى- وحده؛ فيجب على قارئ القرآن الكريم أن يقصد بقراءة القرآن الكريم نيل رضا الله -تعالى-، والأجر والثواب المترتّب على قراءة القرآن الكريم، وألّا يقصد غرضاً من أغراض الدنيا من مناصب وأموال وشُهرة ورِفعة بين النّاس، قال الله -تعالى-: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ).
- الطّهارة؛ يُستحب لقارئ القرآن الكريم أن يقرأ على طهارة ووضوء؛ فإذا قرأ القرآن الكريم من غير وضوء، فهو جائز بإجماع علماء الأمّة ولا يكون قد ارتكب أمراً مكروهاً وإنَّما خالف الأفضل والأولى بقراءة القرآن الكريم من غير وضوء.
- السواك ، يُستحبّ لقارئ القرآن الكريم تنظيف فمه بالسِّواك، أو بالفرشاة والمعجون قبل قراءة القرآن الكريم، حتى تُصبح رائحة الفم طيّبة، لقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن السِّواك بأنَّه: (مطهرةٌ للفمِ، مرضاةٌ للربّ)، ولأنَّ الملائكة تستمع وتدنو من قارئ القرآن.
- نظافة المكان الذي يريد المسلم قراءة القرآن الكريم فيه، لذلك استحبّ العلماء قراءة القرآن الكريم في المسجد؛ لأنَّه مكانٌ نظيفٌ وعظيمٌ، ويجوز قراءة القرآن الكريم في الطّريق، وعلى الراحلة، وغيرها من وسائل النقل، إذا لم ينشغل القارئ بما حوله عن قراءة القرآن الكريم، فإذا انشغل عن قراءة القرآن بما حوله، فيُكره له قراءة القرآن الكريم خشية أن يخلط ويخطأ بالقراءة.
- الاتّجاه للقبلة؛ فيُستحبّ لقارئ القرآن الكريم أن يتوجّه للقبلة عند قراءة القرآن الكريم، ويجلس بخشوعٍ ووقارٍ وسكينةٍ وهدوءٍ، ولو كان قائماً أو مضّجعاً على جنبه أو في فراشه جاز ذلك، ولكن يكون أجره أكبر عند الجلوس واستقبال القبلة.
- الاستعاذة و البسملة ، فيُستحبّ لقارئ القرآن أن يستعيذ بالله -تعالى- من الشّيطان الرّجيم قبل البدء بتلاوة القرآن الكريم، فيقول: “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم”، لقوله -تعالى-: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)، فإذا بدء القراءة من بداية السّورة، قال بعد الاستعاذة: “بسم الله الرحمن الرحيم”.
- التّرتيل، فقد كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقرأ القرآن الكريم بالتّرتيل؛ لأنَّه أشدّ تأثيراً في نفس وقلب المؤمن وتوقير واحترام القرآن الكريم، فيتدبّر القارئ الآيات ويتفكّر في معانيها، ويطلب الرحمة والمغفرة من الله -تعالى- عند الوقوف على آيات الرحمة، ويستجير ويستعيذ من عذاب النار وشدّته عند الوقوف على آيات العذاب، قال الله -تعالى-: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ).
- الخشوع عند قراءة القرآن الكريم، فعلى قارئ القرآن أن يكون خاشعاً لله -تعالى- متدبّراً آيات القرآن الكريم، فقد كان السّلف يتدبّرون آيات القرآن الكريم حتى أنَّهم كان يردّدون الآية أكثر من مرة ومرّتين لتزداد خشية الله -تعالى- في قلوبهم، وقال بعضهم إنّه كان له ختمة للقرآن الكريم في كلّ أسبوع، وفي كلّ شهر، وفي كلّ سنة، وفي كلّ ثلاثين سنة، ويكون ذلك بحسب تدبّره للقرآن الكريم.
- التّغني بالقرآن الكريم، ولا يُقصد بالتّغني قراءة القرآن الكريم على نغمةٍ موسيقيةٍ أو نغمةٍ معيّنة، فهذا غير جائز، وإنَّما المقصود بالتّغني بالقرآن الكريم أيّ تحسين الصوت عند قراءة القرآن الكريم مع مراعاة أحكام التجويد دون تلحين أو تنغيم في قراءة القرآن الكريم، ويُستحبّ للقارئ البكاء عند قراءة القرآن الكريم، فعن أبي هريرة -رضيَ الله عنه- أنَّ رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ما أذِنَ اللَّهُ لِشيءٍ ما أذِنَ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بالقُرْآنِ).
- البُعد عن القراءة في أوقات الانشغال بالطّعام، والشّراب، والنّعاس، أو انشغال القلب بأمور الدّنيا، فالأفضل أن يقرأ القارئ القرآن الكريم في وقتِ نشاطه وقوّته، فإذا أصابه التّثاؤب والنّعاس، ترك القراءة إلى حين زوال ذلك عنه.
- اختيار الوقت المناسب لقراءة القرآن الكريم، فيُستحبّ لقارئ القرآن أن يقرأ في أوقات تجلّي الله -تعالى- على عبادهِ وفي أفضل الأوقات، كالثّلث الأخير من اللّيل؛ وهو وقت السّحر، ويأتي بعده وقت اللّيل، ثم وقت الفجر ، ثم وقت الصّبح، ثم باقي أوقات النّهار.
- الاستمرار في قراءة القرآن الكريم وعدم قطع القراءة إلّا لضرورة طارئة ومانع شديد يستلزم قطع التّلاوة.
ترتيب سور القرآن
القرآن الكريم
القرآن في اللغة مأخوذٌ من مادة الفعل قرأ، ويأتي الفعل قرأ بمعنى الضم والجمع، والقراءة: ضم الحروف والكلمات إلى بعضها البعض عند الترتيل، قال الله تعالى: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ* فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ)، أي قراءته، وذكر بعض العلماء أن سبب تسمية هذا الكتاب قرآناً من بين كتب الله لأنه جامعٌ لثمرة جميع الكتب، بل لجمعه ثمرة جميع العلوم، كما أشار إلى ذلك الله -سبحانه- حيث قال: (وَنَزَّلنا عَلَيكَ الكِتابَ تِبيانًا لِكُلِّ شَيءٍ)،
وذهب بعض العلماء إلى أن لفظ القران في أصل اشتقاقه غير مهموز؛ وذلك لأنه وضع كعلمٍ مرتجلٍ على الكلام المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم، وليس مشتقاً من الفعل قرأ، أو لأنه من قرن الشيء بالشيء إذا ضمّه إليه، أو مأخوذٌ من القرائن؛ لأن آياته متشابهة أمَّا تعريف القرآن الكريم اصطلاحاً: فهو كلام الله -تعالى- المنزل على نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم، بواسطة أمين الوحي جبريل عليه السلام، المعجز بلفظه، والمتعبّد بتلاوته، والمنقول إلينا بالتواتر، المبدوء بسورة الفاتحة، والمختوم بسورة الناس، والمتحدّى بأقصر سوره.
ترتيب سور القرآن
ترتيب سور القرآن الكريم على النحو الآتي: الفاتحة ثم البقرة، ثم آل عمران، ثم النساء، ثم المائدة، ثم الأنعام، ثم الأعراف، ثم الأنفال، ثم التوبة، ثم يونس، ثم هود، ثم يوسف، ثم الرعد، ثم إبراهيم، ثم الحجر، ثم النحل، ثم الإسراء، ثم الكهف ، ثم مريم، ثم طه، ثم الأنبياء، ثم الحجّ، ثم المؤمنون، ثم النور، ثم الفرقان، ثم الشعراء، ثم النمل،
ثم القصص، ثم العنكبوت، ثم الروم، ثم لقمان، ثم السجدة ، ثم الأحزاب، ثم سبأ، ثم فاطر، ثم يس، ثم الصافات، ثم سورة ص، ثم الزمر، ثم غافر، ثم فصلت، ثم الشورى، ثم الزخرف، ثم الدخان، ثم الجاثية، ثم الأحقاف، ثم محمد، ثم الفتح، ثم الحجرات، ثم سورة ق، ثم الذاريات، ثم الطور، ثم النجم، ثم القمر،
ثم الرحمن، ثم الواقعة، ثم الحديد، ثم المجادلة، ثم الحشر، ثم الممتحنة، ثم الصف، ثم الجمعة، ثم المنافقون، ثم التغابن، ثم الطلاق، ثم التحريم، ثم الملك ، ثم القلم، ثم الحاقة، ثم المعارج، ثم نوح، ثم الجنّ، ثم المزمل، ثم المدثر، ثم القيامة، ثم الإنسان، ثم المرسلات، ثم النبأ، ثم النازعات، ثم عبس، ثم التكوير، ثم الانفطار، ثم المطفّفين،
ثم الانشقاق، ثم البروج، ثم الطارق، ثم الأعلى، ثم الغاشية، ثم الفجر، ثم البلد، ثم الشمس، ثم الليل، ثم الضحى ، ثم الشرح، ثم التين، ثم العلق، القدر، ثم البينة، ثم الزلزلة، ثم العاديات، ثم القارعة، ثم التكاثر، ثم العصر، ثم الهُمزة، ثم الفيل، ثم قريش، ثم الماعون، ثم الكوثر، ثم الكافرون، ثم النَّصر، ثم المسد، ثم الإخلاص ، ثم الفلق، ثم الناس.
حكم ترتيب سور القرآن
تأتي السورة في اللغة على عدّة معانٍ، وه: ما طال وحسن من البناء، والعرق من عروق الحائط، والمنزلة من البناء، وتأتي بمعنى المنزلة الرفيعة، والفضل، والشرف، والعلامة، أمَّا اصطلاحاً: فهي طائفة مستقلة من أيات القران ذات مطلعٍ ومقطعٍ، وقيل: هي مأخوذة من سور المدينة؛ وذلك لما فيها من وضع كلمةٍ بجانب كلمة، ووضع آيةٍ بجانب آية، كالسور توضع كل لبِنة فيه بجانب لبِنة، ويقوم كل صفٍ فيه على صف،
وقيل سمّيت بذلك لما في السورة من معنى العلو والرفعة المعنوية الشبيهة بعلو السور، ورفعته الحسّية، وقيل لأنها حصنٌ وحماية للنبي صلى الله عليه وسلم، وما جاء به من كتاب الله؛ أي القرآن، ودين الحق الذي هو الإسلام ، باعتبار أنها معجزة تُسكِت كل مُكابر، ويُحقّ الله بها الحق، ويُبطل الباطل ولو كره المجرمون، فأشبه سور المدينة الذي يحميها ويحصنها من غارة الأعداء.
وقد اختلف العلماء في حكم ترتيب سور القرآن الكريم على ثلاثة أقوال، وبيان اختلافهم على النحو الآتي:
- ذهب جمهور العلماء منهم الإمام مالك والقاضي أبو بكر فيما اعتمده من قوليه إلى أن ترتيب سور القرآن فيما هو عليه الآن لم يكن بتوقيفٍ من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كان باجتهاد الصحابة رضوان الله عليهم؛ وذلك لأن مصاحف الصحابة -رضوان الله عليهم- كانت مختلفةً في الترتيب قبل جمع القرآن في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، ولو كان ترتيب القرآن توقيفياً منقولاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، لما كان للصحابة -رضوان الله عليهم- أن يختلفوا في ذلك.
- ذهب بعض العلماء إلى أن ترتيب سور القرآن توقيفيٌّ بتعليمٍ من النبي صلى الله عليه وسلم، فلم توضع سورةٌ في مكانها إلا بأمرٍ من النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأن الصحابة -رضوان الله عليهم- قد أجمعوا على مصحف عثمان رضي الله عنه، ولم يُخالف منهم أحد، وإجماع الصحابة -رضوان الله عليهم- لا يتمّ إلا إذا كان الترتيب الذي أجمعوا عليه توقيفياً، لأنه لو كان عن اجتهادٍ لتمسّك أصحاب المصاحف المخالفة بمخالفتهم، ولكنهم لم يتمسّكوا بها، وإنما أحرقوها، ورجعوا إلى مصحف عثمان رضي الله عنه وترتيبه، وقد أيّد هذا القول أبو جعفر النحاس.
- ذهب بعض العلماء إلى أن ترتيب بعض سور القرآن الكريم كان بتوقيفٍ من النبي صلى الله عليه وسلم، وترتيب بعضها الآخر كان باجتهاد الصحابة رضوان الله عليهم، ولكن اختلفوا في السور التي جاء ترتيبها توقيفياً، والسور التي جاء ترتيبها باجتهاد الصحابة رضوان الله عليهم، وقال القاضي أبو محمد بن عطية: إن كثيراً من سور القرآن قد عُلم ترتيبها في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، كالسبع الطوال، والحواميم، والمفصل، وأمَّا ما سوى ذلك فيُحتمل أن يكون قد فوّض الأمر فيه إلى الأمة الإسلامية من بعده.
أسماء سور القرآن
تسمّيت سور القران الكريم منذ القِدم، حيث كانت مع بدايات نزول القرآن الكريم، فمنشأ التسمية من مكة ؛ لأن الصحابة المكّيين قد رووا أحاديث كثيرة فيها أسماءٌ للسور، ومن ذلك حديث جعفر الطيار رضي الله عنه، حيث قرأ على النجاشي سورة مريم، والمقصود من التسمية تمييز السورة عن غيرها من السور، وتنقسم سور القرآن الكريم من حيث المسمى لها إلى ثلاثة أقسام، وبيان هذه الأقسام على النحو الآتي:
- ما ثبت تسميته عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا كثير، ففي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أُمُّ القُرْآنِ هي السَّبْعُ المَثانِي والقُرْآنُ العَظِيمُ).
- ما ثبت تسميته عن طريق الصحابة رضوان الله عليهم، كقول سعيد بن جبير، قلت لابن عباس رضي الله عنهما: سورة الحشر، قال: سورة بني النضير.
- تسمية من هم دون الصحابة إلى وقتنا الحالي، وغالب تسميتهم تأتي حكايةً لبداية السورة.