66- اسماء سورة الفاتحة وفضائلها واهم مقاصدها

315

66- اسماء سورة الفاتحة وفضائلها واهم مقاصدها

اسماء سورة الفاتحة

  • فاتحة الكِتاب.
  • أُمُّ الكِتاب.
  • الرقية.
  • الحمد.
  • أمُّ القرآن.
  • السَّبْع المَثاني.
  • القُرآن العظيم.

تأتي سورة الفاتحة كأول سورة في القرآن الكريم من حيث الترتيب وليس التنزيل، ولقد ثبت لسورة الفاتحة سبعة أسماء منها الفاتحة، ولقد وردت جميع هذه الأسماء السابعة عن الرسول صلى الله عليه وسلم في أدلة ومواضع مختلفة كما يأتي:

فاتحة الكتاب : جاء اسم فاتحة الكتاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث رواه عُبادةَ بن الصَّامتِ رضي الله عنه، حيث قال: قال رسول الله: (لا صلاةَ لِمَن لم يقرأْ بفاتحةِ الكِتاب).

أم الكتاب : ورد هذا الاسم عن السيدة عائشة رضي الله عنه في أحد المواقف التي كانت ترويها عن النبي، فعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: (كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُخَفِّفُ الرَّكعتَينِ اللَّتَينِ قبلَ صلاةِ الصُّبحِ، حتى إني لأقولُ: هل قرَأ بأمِّ الكتابِ).

الرُّقْية : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كنا في مسيرٍ لنا، فنزلنا، فجاءت جارية، فقالت: إن سيد الحي سَلِيمٌ، وإن نفرنا غُيَّب، فهل منكم راقٍ؟ فقام معها رجل ما كنا نأبنه برُقية، فرَقَاه، فبَرَأ، فأمر لنا بثلاثين شاةً، وسقانا لبنًا، فلما رجع، قلنا له: أكنت تُحسِن رقية، أو كنت ترقي؟ قال: لا، ما رقيت إلا بأمِّ الكتاب، فقلنا: لا تُحْدِثوا شيئًا، حتى نأتي، أو نسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قدمنا المدينة، ذكرنا للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: {وما يُدريه أنها رقية؟ اقسِموا، واضربوا لي بسهم).

الحمد : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله تعالى: قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد» {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة: 2]، «قال الله: حَمِدَني عبدي…»

أم القرآن والسبع المثاني والقرآن العظيم : وردت هذه الأسماء الثلاثة نقلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هُرَيرَة رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (أمُّ القُرآنِ هي السَّبْع المثاني، والقرآنُ العَظيم) كما جاء في موضعٍ آخر عن أبي سَعيدِ بن المعلَّى رضي الله عنه قال

: (مرَّ بي النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأنا أُصلِّي، فدَعاني فلم آتِهِ حتى صلَّيتُ، ثم أتَيتُ فقال: ما منَعك أن تأتيَ؟ فقلتُ: كنتُ أُصلِّي، فقال: ألم يقُلِ اللهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ؟! ثم قال: ألَا أُعَلِّمُك أعظمَ سورةٍ في القرآنِ قبلَ أن أخرُجَ منَ المسجدِ؟ فذهَب النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ليخرُجَ منَ المسجدِ فذَكَّرتُه، فقال: الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ هي السَّبعُ المَثاني، والقرآنُ العظيمُ الذي أوتيتُه). 

ولقد وردت الكثير من الأسماء الأخرى التي أخرجها المفسرون من آيات القرآن ومن الأحاديث النبوية ولكن لا يوجد لها أدلة واضحة ومنها ما ورد عن السلف، ومنها ما يأتي: ( الحمد، وفاتحة الكتاب، وأم الكتاب، والسبع المثاني، والواقية، والكافية، والشفاء، والشافية، والرقية، والواجبة، والكنز، والدعاء، والأساس، والنور، وسورة الصلاة، وسورة تعليم المسألة، وسورة المناجاة، وسورة التفويض)

سورة الفاتحة وفضائلها

سبب تعدد أسماء سورة الفاتحة

تعددت الأسباب التي جاءت خلف كثرة أسماء سورة الفاتحة، لكن يمكن القول أن هذا التعدد جاء لشموليتها ولما احتوت عليه من معانيٍ كثيرة، ومن أقوال العلماء حول سبب تعدد أسماء سورة الفاتحة ما يلي:

  • قال البخاري : “سميت أم الكتاب؛ لأنها يُبدأ بكتابتها في المصحف، وبقراءتها في الصلاة”.
  • قال أبو السعود : “سميت أم الكتاب لكونها أصلاً لكل الكائنات، وسميت سورة الحمد؛ لأنه سبحانه افتتحها بحمده، فقال: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) و(حمدُه) جل وعلا هو الذي تدور عليه السورة.
  • قال ابن تيمية : “سميت الواجبة؛ لأنها تجب في الصلوات، لا صلاة إلا بها، وسميت الكافية؛ لأنها تكفي من غيرها، ولا يكفي غيرها عنها”.
  • قال البقاعي : “سميت أمَّ القرآن؛ لأن القرآن جميعه مفصل من مجملها.”

قال بعض العلماء أيضًا أنها سميت بـ (المثاني)؛ لأنها تثنى في كل ركعة، وقيل: سميت بذلك؛ لأنها استثنيت لهذه الأمة، فلم تنزل على أحد قبلها؛ ذخراً لها، وقيل سميت أمَّ القرآن؛ لكونها أصلاً ومنشأً له، إما لمبدئيتها له، وإما لاشتمالها على ما فيه من الثناء على الله عز وجل، والتعبد بأمره ونهيه، وبيان وعده ووعيده، وقال المفسرون: سميت سورة الشكر، والدعاء، وتعليم المسألة؛ لاشتمالها عليها، وسميت الشافية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «في فاتحة الكتاب شفاء من كل داء»، وسميت سورة (الصلاة) لقول الله تعالى في الحديث القدسي: «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي» رواه مسلم.

فضل سورة الفاتحة

يتمثل فضل سورة الفاتحة في الكثير من الأمور التي يصعب إحصائها، ومن أبرز هذه الأمور التي تتمثل بها فضل سورة الفاتحة ما يأتي:

  • أنها أفضل سورة في القرآن وذلك لم ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : أَتُحِبُّ أَنْ أُعَلِّمَكَ سُورَةً لَمْ يَنْزِلْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: كَيْفَ تَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: فَقَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ. فَقَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا).
  • أن سورة الفاتحة هي السبع المثاني وقد قال فيها الله سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ).

  • تجمع سورة الفاتحة بين الكثير من الأمور التي هي دعاء شامل في نفسها، فهي تحمل توسل إلى الله سبحانه وتعالى وثناء عليه وبعدها توحيده وحمده وأخيرًا يأتي طلب الهداية والاستعانة بالله تعالى.
  • تشتمل سورة الفاتحة على شفاء القلب والبدن.
  • تشتمل على أنواع التوحيد الثلاثة الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات.
  • الرد على المبطلين وأهل البدع.
  • تشتمل على جميع معاني الكتب التي أنزلت. 

مقاصد سورة الفاتحة

تعتبر سورة الفاتحة شاملة وكاملة، فلقد احتوت على ما لم تحتوي عليه أي سورة أخرى من القرآن فهي تشتمل على أنواع التوحيد الثلاثة الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، ومن مقاصد سورة الفاتحة ما يأتي:

  • أصول الدين وفروعه.
  • العقيدة.
  • العبادة.
  • التشريع.
  • الاعتقاد باليوم الآخر.
  • الإيمان بصفات الله الحسنى.
  • إفراد الله بالعبادة.
  • الاستعانة بالله فقط.

  • الدعاء والتوجه إلى الله سبحانه وتعالى وطلب الهداية إلى الدين الحق والصراط المستقيم.
  • التضرع إلى الله بالتثبيت على الإيمان.
  • انتهاج سبيل الصالحين.
  • تجنب طريق المغضوب عليهم والضالين.
  • الإخبار عن قصص الأمم السابقين.
  • الاطلاع على معارج السعداء، ومنازل الأشقياء.
  • التعبد بأمر الله سبحانه ونهيه.

اشتملت سورة الفاتحة على جميع معاني ومقاصد القرآن العظيم، ومن مقاصد سورة الفاتحة كما يراها الإمام السعدي:

  • إثبات الجزاء على أعمال العبد في الدنيا في قوله تعالى في سورة الفاتحة: (مالك يوم الدين).
  •  إثبات أن الجزاء على الأعمال يكون بالعدل.
  • إخلاص الدين لله تعالى وأننا نعبده ونستعين به، وذلك في قوله تعالى في سورة الفاتحة: (إياك نعبد وإياك نستعين).

  • إثبات أن النبوة حق في قوله تعالى في سورة الفاتحة: (اهدنا الصراط المستقيم) لأن الهداية لا يمكن تحقيقها بدون الرسالة.

إثبات القدر على العبد وأنه الفاعل الحقيقي في قوله تعالى في سورة الفاتحة: (اهدنا الصراط المستقيم)

فضل سورة الفاتحة

تعتبر سورة الفاتحة من اعظم واجل سور القران الكريم … واجمع العلماء على عدم صحة الصلاة اذا لم يقوم المسلم اثناء الصلاة بقراءتها … وهي اول سورة مكتوبة في المصحف الشريف ويفتتح بها المصحف الشريف .. وعددها سبع أيات .. وهي مكية اي نزلت بمكة … واتفق العلماء انه يستحب ان يرقى بها المريض ….   وذكر عنها وعن فضلها احاديث عدة سنتناولها في هذا المقال .

نص سورة الفاتحة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ [1] الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [2] الرحمن الرَّحِيمِ [3] مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [4] إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [5] اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [6] صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ [7]

اسماء سورة الفاتحة

قال العلماء ان لها اكثر من عشرون اسما وكثرة الأسماء يدل على أهميتها ومكانتها ومن هذه الأسماء ( الفاتحة ، الشفاء ، ام الكتاب ،الحمد ، السبع المثاني ، الكافية ، الواقية….. )

الاحاديث الصحيحة الواردة في فضل سورة الفاتحة

– عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ” بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه فرفع رأسه فقال : هذا باب من السماء فتح اليوم ، لم يفتح قط إلا اليوم ، فنزل منه ملك فقال : هذا ملك نزل إلى الأرض ، لم ينزل قط إلا اليوم ، فسلم وقال : أبشر بنورين أوتيتهما ، لم يؤتهما نبي قبلك ؛ فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة {البقرة} ، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته “

– قال رسول الله صلي الله عليه وسلم فيها ” ما أنزلت في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها. وإنها سبع من المثاني، والقرآن العظيم الذي أعطيته

– وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ” لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب

-عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله ” قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل

– عن ابي سعيد الخضري انه قال ” كنا في مسير لنا فنزلنا فجاءت جارية فقالت إن سيد الحي سليم وإن نفرنا غيب فهل منكم راق فقام معها رجل ما كنا نأبنه برقية فرقاه فبرأ فأمر له بثلاثين شاة وسقانا لبنا فلما رجع قلنا له أكنت تحسن رقية أو كنت ترقي قال لا   ما رقيت إلا بأم الكتاب قلنا لا تحدثوا شيئا حتى نأتي أو نسأل النبي صلى الله عليه وسلم فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال وما كان يدريه أنها رقية اقسموا واضربوا لي بسهم “

أسماء سورة الفاتحة

1- اسمها: سورة الفاتحة.

جرى تسمية السور بما يناسب أهم مواضيعها، أو باسم أبرز ما ذكر فيها، كالفاتحة لأنها فاتحة القرآن، وإن كان أصل التسمية لا يعلل، ولكن قضى الله بحكمته الكمال والتمام لكلامه سبحانه من كل وجه.

يقول أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ رحمه الله: «فمن أسمائها: الفاتحة؛ لأنه يستفتح الكتاب بها تلاوة وكتابة»

ويقول ابن كثير رحمه الله: «يقال لها: الفاتحة، أي: فاتحة الكتاب خطًّا، وبها تفتح القراءة في الصلاة، ويقال لها أيضًا: أم الكتاب عند الجمهور»

2- معنى الفاتحة:

يقول الشوكاني رحمه الله: «معنى الفاتحة في الأصل أول ما من شأنه أن يفتتح به، ثم أطلقت على أول كل شيء كالكلام، والتاء للنقل من الوصفية إلى الاسمية، فسميت هذه السورة فاتحة الكتاب لكونه افتتح بها، إذ هي أول ما يكتبه الكاتب من المصحف، وأول ما يتلوه التالي من الكتاب العزيز، وإن لم تكن أول ما نزل من القرآن.

وقد اشتهرت هذه السورة الشريفة بهذا الاسم في أيام النبوة».

3-أسماء السورة الكريمة:

قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم سَمَّى بعض سور القرآن الكريم، كالفاتحة، والبقرة، وآل عمران، والكهف.

واختلف أهل العلم، هل أسماء سور القرآن الكريم كلها ثابت بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، أم أن بعضها ثبت باجتهاد من الصحابة رضي الله عنهم؟

فذهب أكثر أهل العلم إلى أن أسماء سور القرآن كلها ثابتة بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: «لِسوَر القرآن أسماءٌ سمّاها بها رسول الله صلى الله عليه وسلم». انتهى.

وقد ذهب بعض العلماء إلى أن بعض أسماء سور القرآن الكريم كان بتسمية النبي صلى الله عليه وسلم لها، وبعضها كان باجتهاد من الصحابة أنفسهم رضي الله عنهم، وهذا هو القول الصحيح المتلائم مع عموم الأدلة.

يقول الطاهر بن عاشور رحمه الله: «إنه لم يثبت في السنة الصحيحة والمأثورة من أسمائها إلا فاتحة الكتاب، أو أم القرآن، أو أم الكتاب».

وقد ورد في أجوبة «فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء» بالمملكة العربية السعودية جوابًا عن هذا السؤال، ونصه: لا نعلم نصًّا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على تسمية السور جميعها، ولكن ورد في بعض الأحاديث الصحيحة تسمية بعضها من النبي صلى الله عليه وسلم، كالبقرة، وآل عمران، أما بقية السور فالأظهر أن تسميتها وقعت من الصحابة رضي الله عنهم» انتهى.

وفي نحو ذلك يقول الزركشي رحمه الله: «ينبغي البحث عن تعداد الأسامي: هل هو توقيفي، أو بما يظهر من المناسبات؟

فإن كان الثاني فلن يعدم الفَطِنُ أن يستخرج من كل سورة معاني كثيرة تقتضي اشتقاق أسمائها، وهو بعيد» انتهى.

وهذا تصريح من صاحب البرهان بعدم توقيف أسماء السورة قاطبة، وأن اشتقاق أسماء السور يمكن استخراجه من معانيها، وكذلك بأبرز ما ورد فيها.

يقول ابن كثير: لهذه السورة عِدَّةُ أسماء تدلُّ على فضلِها وشرفِها، واشتمالها على المقاصدِ الأصليَّة والأصول المُهِمَّة، فهي: الفاتحةُ لأنها تفتتح بها القراءة، وافتتحت الصحابة بها كتابة المصحف الإمام .

قالَ الحُسَيْنُ بنُ مَسْعُودٍ البَغَوِيُّ: «سمّيت فاتحة الكتاب؛ لأنّ اللّه بها افتتح القرآن.

وسمّيت أمّ القرآن وأمّ الكتاب؛ لأنّها أصل القرآن منها بدئ القرآن وأمّ الشّيء: أصله، ويقال لمكّة: أمّ القرى؛ لأنّها أصل البلاد دحيت الأرض من تحتها، وقيل: لأنّها مقدّمةٌ وإمامٌ لما يتلوها من السّور يبدأ بكتابتها في المصحف وبقراءتها في الصّلاة، والسّبع المثاني؛ لأنّها سبع آياتٍ باتّفاق العلماء.

وسمّيت مثاني لأنّها تثنّى في الصّلاة، فتقرأ في كلّ ركعةٍ، وقال مجاهدٌ: سمّيت مثاني لأنّ اللّه تعالى استثناها لهذه الأمّة فذخرها لهم .

يقول الفخر الرازي رحمه الله: «اعلم أن هذه السورة لها أسماء كثيرة، وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى:

فالأول: «فاتحة الكتاب»سميت بذلك الاسم لأنه يفتتح بها في المصاحف والتعليم، والقراءة في الصلاة، وقيل سميت بذلك لأن الحمد فاتحة كل كلام على ما سيأتي تقريره، وقيل: لأنها أول سورة نزلت من السماء.

والثاني: «سورة الحمد» والسبب فيه أن أولها لفظ الحمد.

والثالث: «أم القرآن» » .

وفي نحو قول الرازي يقول ابن عاشور: «لم يثبت في السنة الصحيحة من أسمائها إلا فاتحة الكتاب، أو السبع المثاني، أو أم القرآن، أو أم الكتاب» .

ونسوق بعض الأدلة الصحيحة والصريحة في بعض أسماء السورة الكريمة.

1- تسميتها بالسبع المثاني والقرآن العظيم.

عن أبي سعيد بن المعلَّى، قال: كنتُ أصلِّي في المسجد، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أُجِبْه، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلي، فقال: «ألم يقل الله: ﴿ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال: 24]»، ثم قال لي: «لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد»، ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت له: ألم تقل: لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن، قال: «الحمد لله رب العالمين، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيتُه» .

ويقول في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «قال الله -تعالى- في أمِّ القرآن والسبع المثاني والقرآن العظيم: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، وهذه السورة هي أم القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم، وهي الشافية، وهي الواجبة في الصلوات، لا صلاة إلا بها، وهي الكافية تكفي من غيرها، ولا يكفي غيرها عنها» .

2- أمّ القرآن.

ثبت في صحيح البخاري عن عطاء أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: «في كل صلاة يُقرأ؛ فما أسمعنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى عنا أخفينا عنكم، وإن لم تزد على أمِّ القرآن أجزأت، وإن زدت فهو خير» .

فسماها أمَّ القرآن.

3- فاتحة الكتاب.

روى البخاري بسنده وغيره عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» .

وهناك مسميات كثيرة لفاتحة الكتاب هي للأوصاف أقرب منها للأسماء.

ولعل في ذلك كفاية، والحمد لله رب العالمين.

1- تفسير سورة الفاتحة عدد آياتها 7


سورة الفاتحة وفضائلها

وهي مكية

{ 1 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } سورة الفاتحة سميت هذه السورة بالفاتحة؛ لأنه يفتتح بها القرآن العظيم، وتسمى المثاني؛ لأنها تقرأ في كل ركعة، ولها أسماء أخر.

{ بِسْمِ اللَّهِ } أي: أبتدئ بكل اسم لله تعالى, لأن لفظ { اسم } مفرد مضاف, فيعم جميع الأسماء [الحسنى]. { اللَّهِ } هو المألوه المعبود, المستحق لإفراده بالعبادة, لما اتصف به من صفات الألوهية وهي صفات الكمال. { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء, وعمت كل حي, وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله. فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة,

ومن عداهم فلهم نصيب منها. واعلم أن من القواعد المتفق عليها بين سلف الأمة وأئمتها, الإيمان بأسماء الله وصفاته, وأحكام الصفات. فيؤمنون مثلا, بأنه رحمن رحيم, ذو الرحمة التي اتصف بها, المتعلقة بالمرحوم. فالنعم كلها, أثر من آثار رحمته, وهكذا في سائر الأسماء. يقال في العليم: إنه عليم ذو علم, يعلم [به] كل شيء, قدير, ذو قدرة يقدر على كل شيء.

{ 2 } { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }

{ الْحَمْدُ لِلَّهِ } [هو] الثناء على الله بصفات الكمال, وبأفعاله الدائرة بين الفضل والعدل, فله الحمد الكامل, بجميع الوجوه. { رَبِّ الْعَالَمِينَ } الرب, هو المربي جميع العالمين -وهم من سوى الله- بخلقه إياهم, وإعداده لهم الآلات, وإنعامه عليهم بالنعم العظيمة, التي لو فقدوها, لم يمكن لهم البقاء. فما بهم من نعمة, فمنه تعالى. وتربيته تعالى لخلقه نوعان: عامة وخاصة. فالعامة: هي خلقه للمخلوقين, ورزقهم,

وهدايتهم لما فيه مصالحهم, التي فيها بقاؤهم في الدنيا. والخاصة: تربيته لأوليائه, فيربيهم بالإيمان, ويوفقهم له, ويكمله لهم, ويدفع عنهم الصوارف, والعوائق الحائلة بينهم وبينه, وحقيقتها: تربية التوفيق لكل خير, والعصمة عن كل شر. ولعل هذا [المعنى] هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب. فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة. فدل قوله { رَبِّ الْعَالَمِينَ } على انفراده بالخلق والتدبير, والنعم, وكمال غناه, وتمام فقر العالمين إليه, بكل وجه واعتبار.

{ 3 } { الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ }

{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء، وعمت كل حي، وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله. فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة، ومن عداهم فلهم نصيب منها.

{ 4 } { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ }

{ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } المالك: هو من اتصف بصفة الملك التي من آثارها أنه يأمر وينهى, ويثيب ويعاقب, ويتصرف بمماليكه بجميع أنواع التصرفات, وأضاف الملك ليوم الدين, وهو يوم القيامة, يوم يدان الناس فيه بأعمالهم, خيرها وشرها, لأن في ذلك اليوم, يظهر للخلق تمام الظهور, كمال ملكه وعدله وحكمته, وانقطاع أملاك الخلائق. حتى [إنه] يستوي في ذلك اليوم, الملوك والرعايا والعبيد والأحرار. كلهم مذعنون لعظمته, خاضعون لعزته, منتظرون لمجازاته, راجون ثوابه, خائفون من عقابه, فلذلك خصه بالذكر, وإلا, فهو المالك ليوم الدين ولغيره من الأيام.

{ 5 } { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }

وقوله { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } أي: نخصك وحدك بالعبادة والاستعانة, لأن تقديم المعمول يفيد الحصر, وهو إثبات الحكم للمذكور, ونفيه عما عداه. فكأنه يقول: نعبدك, ولا نعبد غيرك, ونستعين بك, ولا نستعين بغيرك. وقدم العبادة على الاستعانة, من باب تقديم العام على الخاص, واهتماما بتقديم حقه تعالى على حق عبده. و { العبادة } اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال, والأقوال الظاهرة والباطنة.

و { الاستعانة } هي الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع, ودفع المضار, مع الثقة به في تحصيل ذلك. والقيام بعبادة الله والاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية, والنجاة من جميع الشرور, فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام بهما. وإنما تكون العبادة عبادة, إذا كانت مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصودا بها وجه الله. فهذين الأمرين تكون عبادة, وذكر { الاستعانة } بعد { العبادة } مع دخولها فيها, لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى. فإنه إن لم يعنه الله, لم يحصل له ما يريده من فعل الأوامر, واجتناب النواهي.

{ 6 } { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ }

ثم قال تعالى: { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } أي: دلنا وأرشدنا, ووفقنا للصراط المستقيم, وهو الطريق الواضح الموصل إلى الله, وإلى جنته, وهو معرفة الحق والعمل به, فاهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط. فالهداية إلى الصراط: لزوم دين الإسلام, وترك ما سواه من الأديان, والهداية في الصراط, تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علما وعملا. فهذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها للعبد ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته, لضرورته إلى ذلك.

{ 7 } { صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ }

وهذا الصراط المستقيم هو: { صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. { غَيْرِ } صراط { الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ } الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم. وغير صراط { الضَّالِّينَ } الذين تركوا الحق على جهل وضلال, كالنصارى ونحوهم. فهذه السورة على إيجازها, قد احتوت على ما لم تحتو عليه سورة من سور القرآن, فتضمنت أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية يؤخذ من قوله:

{ رَبِّ الْعَالَمِينَ } وتوحيد الإلهية وهو إفراد الله بالعبادة, يؤخذ من لفظ: { اللَّهِ } ومن قوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } وتوحيد الأسماء والصفات, وهو إثبات صفات الكمال لله تعالى, التي أثبتها لنفسه, وأثبتها له رسوله من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه, وقد دل على ذلك لفظ { الْحَمْدُ } كما تقدم. وتضمنت إثبات النبوة في قوله: { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } لأن ذلك ممتنع بدون الرسالة. وإثبات الجزاء على الأعمال في قوله:

{ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } وأن الجزاء يكون بالعدل, لأن الدين معناه الجزاء بالعدل. وتضمنت إثبات القدر, وأن العبد فاعل حقيقة, خلافا للقدرية والجبرية. بل تضمنت الرد على جميع أهل البدع [والضلال] في قوله: { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } لأنه معرفة الحق والعمل به. وكل مبتدع [وضال] فهو مخالف لذلك. وتضمنت إخلاص الدين لله تعالى, عبادة واستعانة في قوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } فالحمد لله رب العالمين.